في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية السورية اليوم أن دمشق ردت بـ «ايجابية» على الجامعة العربية حول موضوع توقيع بروتوكول نشر مراقبين في البلاد، لقى 41 من المدنيين مصرعهم في مدينتي حمص ودرعا السوريتين، بينما لقى 4 من قوات الشرطة مصرعهم، بينهم ضابط في حادث إطلاق نار أمام مبنى محكمة داعل، حسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أحد الناشطين شاهد في أحد أحياء مدينة حمص جثث 34 شخصا كانوا قد خطفوا في وقت سابق على أيدي «مجموعات الشبيحة»، مؤكدا في تقرير أصدره الاثنين أنه علم من ناشط معارض في حي الزهراء الموالي للنظام في مدينة حمص أنه شاهد في ساحة الحي مساء الاثنين 34 جثة لمواطنين من أحياء ثائرة على النظام اختطفتهم مجموعات الشبيحة، الاثنين.
وتعتبر مدينة حمص أكثر النقاط الساخنة في سوريا في إطار المواجهات بين قوات النظام والحركة الاحتجاجية الواسعة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، وتضم حمص خليطا طائفيا ومذهبيا، مما يثير المخاوف من تحول الإحتجاجات إلى مواجهات طائفية بين السنة والعلويين.
كان المرصد قد أعلن في وقت سابق أن 7 مدنيين قتلوا صباح اليوم في حمص، في حين قتل 4 عناصر من قوى الأمن والشرطة بينهم ضابط في داعل في محافظة درعا.
وقال المرصد إن 4 مواطنين استشهدوا إثر إطلاق رصاص من حاجز الجامعة في حي دير بعلبة وأصيب خمسة آخرون بجروح بينهم اثنان بحالة حرجة إثر إطلاق الرصاص أثناء تشييع الشهداء في دير بعلبة في حمص. وأضاف: استشهد مواطن إثر إطلاق الرصاص عليه من عناصر الأمن المتواجدين قرب المشفى الوطني بمدينة حمص، 160 كيلومترا شمالي دمشق، كما لقي رجل وسيدة مصرعهما في قرية تلدو في محافظة حمص برصاص قوات الأمن، ونقل أن «شبيحة» من قرية موالية للنظام في منطقة الحولة بمحافظة حمص خطفوا حافلة نقل صغيرة كانت تقل 13 راكبا وسائق الحافلة، عمار عوض إسماعيل، بينما كانت متجهة من حمص إلى مدينة الحولة.
كما نفذت قوات الأمن السورية حملة مداهمات واعتقالات في الأحياء الجنوبية من مدينة بانياس، أسفرت عن اعتقال 32 مواطنا، كما نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات في قرية البيضا في المنطقة نفسها التي انتشر فيها مئات العناصر الأمنية، حسب المرصد.
في المقابل، أفاد المرصد بأن ثلاثة عناصر أمن بينهم ضابط برتبة ملازم أول بالإضافة إلى شرطي قتلوا إثر إطلاق الرصاص عليهم أمام محكمة داعل من قبل منشقين، وأفاد المرصد بأن العشرات من عناصر الأمن انتشروا في مداخل بلدة عندان في محافظة حلب بالتزامن مع إطلاق رصاص كثيف، كما أغلق الأهالي الطريق المتجه من حلب الى تركيا عند مفرق بلدة حيان احتجاجا على الحملات الامنية.
وقال إن قوات الأمن أوقفت عشرة طلاب كانوا يشاركون في تظاهرة ضد النظام في حرستا قرب دمشق، وفي مدينة جبلة الساحلية أوقفت الشرطة ثمانية طلاب آخرين في مدرستهم الثانوية بعد اتهامهم بـ «سب» الرئيس بشار الأسد، كما ذكر المرصد ولجان التنسيق المحلية التي تشرف على التظاهرات على الأرض.
وأشار المرصد إلى أن ثلاثين طالبا من درعا، مهد الحركة الإحتجاجية، اعتقلوا، كما طرد 60 آخرون من المدينة نفسها من جامعة تشرين في اللاذقية شمال غرب سوريا، موضحا أن الطلاب السوريين من محافظة درعا يتعرضون لمضايقات كثيرة من جانب زملائهم الطلاب الموالين للنظام وأجهزة الأمن المحلية وذلك على خلفية انتمائهم إلى المحافظات الثائرة ضد النظام.
وفي القاهرة، قال الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، إنه يجري مشاورات مع وزراء الخارجية العرب حول «شروط» دمشق لتوقيع بروتوكول بشأن إرسال مراقبين إلى سوريا.
وأكد العربي في تصريحات صحفية مساء اليوم أن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أرسل رسالة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية قال فيها إن سوريا مستعدة للتوقيع على بروتوكول بعثة المراقبين العرب لكنه وضع شروطا وطلبات، موضحا أن هذه الشروط والطلبات تدرس حاليا بالتشاور مع المجلس الوزاري للجامعة.
وقال العربي: أجرينا اتصالات مع وزراء الخارجية العرب وتم إطلاعهم على فحوى الرسالة السورية ولم يتقرر عقد اجتماع لوزراء الخارجية حتى الآن.
وردا على سؤال عما إذا كانت الشروط السورية تفرغ المبادرة العربية لتسوية الأزمة من مضمونها، قال العربي: «هذه الشروط فيها أمور جديدة لم نسمع عنها من قبل»، موضحا أن العقوبات العربية على سوريا «سارية»، مشددا على أنه لم يتم إعطاء أي مهل أخرى قبل تنفيذها.
كان الناطق باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، قد صرح بأن دمشق ردت بإيجابية على الجامعة العربية، وقال إن الرد السوري كان إيجابيا والطريق بات سالكا للتوقيع، حفاظا على العلاقات العربية وحرصا على السيادة السورية.
وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن المملكة طلبت استثناء قطاعي التجارة والطيران الأردنيين من العقوبات العربية بحق سوريا، حسبما أفاد مصدر رسمي.
وقال محمد الكايد، الناطق الإعلامي باسم الوزارة:«نحن مع قرارات الجامعة العربية لكن المملكة ستتأثر سلبا من فرض عقوبات على سوريا وفي الاجتماع الأخير أوضحنا أن العقوبات تضر بمصالحنا».
وفي باريس، أعلنت شركة توتال النفطية الفرنسية العملاقة أنها ستعلق نشاطاتها في سوريا تطبيقا للعقوبات الأوروبية، وقالت الشركة في بيان: "أعلمنا السلطات السورية بقرارنا وقف عملياتنا مع الشركة العامة للنفط تنفيذا للعقوبات، وهذا الأمر يتضمن إنتاجنا في دير الزور وعقدنا مع مشروع غاز الطابية في شمال شرق البلاد، مضيفة:«هدفنا الأول يبقى سلامة موظفينا».
وفي دمشق، أعلنت الحكومة السورية سلسلة إجراءات اقتصادية ردا على العقوبات التي فرضتها تركيا على سوريا في إطار إدانتها لقمع الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام، وفي ختام اجتماع استثنائي للحكومة مساء الأحد، تقرر، حسب ما نقلت وكالة سانا الرسمية، إيقاف العمل باتفاقية الشراكة المؤسسة لمنطقة تجارة حرة بين سوريا وتركيا، على أن يتم خضوع المستوردات ذات المنشأ والمصدر التركي لأحكام التجارة الخارجية النافذة واستيفاء الرسوم الجمركية عن هذه المستوردات وفقا للتعريفة الجمركية المتناسقة النافذة، كما قررت الحكومة السورية فرض رسم بنسبة 30 بالمئة من القيمة على كل المواد والبضائع ذات المنشأ التركي المستوردة إلى سوريا وذلك لصالح دعم إعمار القرى النامية.