x

العالم العربي بعيون الدانمارك: 250 عاما من الاستكشاف

الثلاثاء 10-05-2011 23:40 | كتب: فتحية الدخاخني |
تصوير : other

 

قبل 250 عاما، تحديدا في عام 1761، أرسل ملك الدنمارك فريدريك الخامس بعثة استكشافية إلى العالم العربي، استمرت 6 أعوام، زارت العديد من الدول مثل تركيا ومصر واليمن والهند وإيران والعراق، ضم طاقم البعثة 6 علماء، لم ينج منهم سوى واحد هو كارستن نيبور، الذي نظم المركز الدنماركي للثقافة والتنمية احتفالية ومعرضا لإحياء ذكراه، افتتحها أمير الدنمارك هنريك، ووزيرة الخارجية الدنماركية لينا ايسبرسن بالمكتبة الملكية الأحد الماضي، وتم خلالها تعيين رجل الأعمال المصري عنان الجلالي سفيرا للعلاقات التاريخية بين الدنمارك والشرق الأوسط.

تزامن الاحتفال مع افتتاح معرض عن الإسلام، الاثنين، نظمته جمعية الإسلام والحوار، للتأكيد على استمرار رحلة الإسلام والعرب إلى الدنمارك التي بدأت مع نيبور قبل 250 عاما.

ركز المشاركون على عرض اكتشافات «نيبور» في محاولة للتأكيد على عمق العلاقات بين الدنمارك والعالم العربي والإسلامي، والتي شهدت توترا في السنوات الأخيرة في أعقاب نشر الرسوم المسيئة للرسول، رغم اعترافهم بأن هذه الرسوم ما زالت تلقي بظلالها على العلاقات بين الجانبين، وأن هذه الاحتفالات والمعارض ليست كافية لإزالة سوء التفاهم بين الجانبين.

وقالت وزيرة الخارجية الدنماركية إن البعثة نبعت من الفضول والرغبة في المعرفة، وجاءت لتحقيق هدف نبيل في وقت كانت فيه أوروبا تسعى لإظهار سلطتها وانتصاراتها، مؤكدة أهمية التبادل الثقافي في فهم العالم الإسلامي.

وأضافت ايسبرسن «لا يجب أن نحكم على الآخرين دون أن نعرفهم، هذا هو الدرس المستفاد من رحلة نيبور، والذي تزداد أهميته اليوم في تحقيق التقارب مع العالم الإسلامي»، وتابعت « في الفترة الأخيرة زاد التعاون بيننا وبين العالم العربي، ونأمل أن تساهم الثورات التي تشهدها المنطقة العربية في خلق علاقات تجارية وثقافية وسياسية واقتصادية أكثر»، مؤكدة أن الديمقراطية عالمية وليست حكرا على أحد.

وأعلنت ايسبرسن تعيين عنان الجلالي سفيرا للعلاقات التاريخية بين الدنمارك والشرق الأوسط، ليعمل على بناء العلاقات بين الجانبين، مشيرة إلى أن الجلالي قام برحلة معاكسة عام 1967، وجاء إلى الدنمارك وهو لا يملك في جيبه سوى عشرة جنيهات، ليمتلك اليوم مجموعة فنادق، ولتمنحه ملكة الدنمارك مارجريت الثانية لقب «فارس العم الدنماركي».

عقل دنماركي وقلب مصري

من جانبه أعرب الجلالي عن سعادته بهذا المنصب، مشيرة إلى أنه يحمل عقلا دنماركيا، وقلبا مصريا، وداعيا إلى الأخذ بالتجربة الاقتصادية الدنماركية للنهوض بالوطن العربي، الذي يمتلك الكثير من الموارد، لكن لا يحسن استغلالها.

وقال إنه سيعمل في الفترة المقبل على تنظيم زيارات للدول العربية، لتوطيد العلاقات بين الدنمارك والعالم العربي، كما سيتم تنظيم أنشطة ثقافية وعلمية وتجارية وسياسية واقتصادية للتقريب بين الجانبين، وإزالة سوء التفاهم الذي حدث عقب نشر الرسوم المسيئة.

وقال رئيس منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم «الإيسيسكو» عبد العزيز التويجري إن بعثة كارستن نيبور كانت بعثة علمية، ولم يكن لها أي أهداف استعمارية، لكن للأسف لم نسمع عنها لأن كل أعضائها ماتوا باستثناء نيبور، كما أن الدنماركيين أيضا لم يعرفوا عنها شيئا إلا بعد عدة سنوات لأن الملك فريدريك مات قبل عودة نيبور. وأشار إلى أهمية المعرض في نقل صورة صحيحة عن العرب والمسلمين من خلال اكتشافات نيبور.

رغم تأكيد منظمي المعرض والاحتفالية على أهميته في تحقيق التفاهم بين الدنمارك والعرب، إلا أن الدنماركيين كان لهم رأي آخر، على أحد المقاهي في كوبنهاجن جلست السيدا، مدرسة، وقالت « أنا لا أعرف شيئا عن كارستن نيبور، وأعتقد أنه طالما أن الناس لا تعلم عنه شيئا، فإن تنظيم احتفالية لإحياء ذكراه، لن يكون له فائدة في تحسين العلاقات بين العرب والدنماركيين».

على بعد خطوات وعلى مقهى آخر جلست سيسيليا وقالت «سمعت عن نيبور عدة مرات لكني لا أعرف من هو»، وأضافت «الغرب لا يعرف كثيرا عن عالمكم، (العالم العربي)، وهذا محبط، والعلاقات هنا معقدة بين الجانبين بشكل غير مطلوب».

معرض الإسلام

في اليوم التالي افتتحت جمعية الإسلام والحوار معرض الإسلام، كجزء من احتفالية كارستن نيبور، وقالت سلمى العبدلاوي، رئيسة الجمعية، إن المعرض يحاول عرض صورة إيجابية عن الإسلام، وهو جزء من احتفالية نيبور، وأضافت «بعثة نيبور ومعرض الإسلام اليوم يؤكدون أن رحلة العرب والإسلام إلى الغرب لن تنتهي».

وتحاول الدنمارك تحقيق الاندماج بين المسلميين والدنماركيين، وقالت آنا ميلا، مسؤولة الإندماج بمدينة كوبنهاجن، «مهمتي التأكد من أن سياسة الاندماج تعمل بشكل جيد، ونحن لدينا برنامج تركز على جعل الناس يختلطون ويندمجون، وهذه الاحتفالية تساعدني في عملي، نريد أن يفهم الجميع بعضهم البعض.

ورغم تأكيدها على أنها لا تتفق أحيانا والسياسة الدنماركية في مسألة الإندماج إلا أن ميلا ترى أن كوبنهاجن مختلفة، وأنها تعمل لتحقيق التفاهم مع الإسلام، ثاني أكبر ديانة في العاصمة الدنماركية، مؤكدة استمرار التأثير السيئ لأزمة الرسوم المسيئة حتى الآن.

واختلف معها نبيل حبشي، سفير مصر لدى الدنمارك، وقال «طوينا صفحة الرسوم المسيئة، ونحاول تجاهل كل من يحاول الحديث عنها حتى لا نعطيه أهمية، ونعيد إثارة المسألة من جديد ».

في «معرض الإسلام» جلست تينا، مسلمة دنماركية، تنتظر أن ينفض الزحام حتى تستطيع مشاهدة المعروضات، وقالت: «هناك معلومات خاطئة لدينا عن الإسلام، نستمدها من الإعلام، ومن المهم أن نذهب بعيدا عنها لنفهم الإسلام بشكل صحيح».

كلمات تينا عن سوء الفهم وعدم وجود معلومات لا تختلف كثيرا عن الوضع قبل بعثة «نيبور»، حيث كان الهدف منها جمع معلومات عن العالم العربي، وقال «نيبور» في كتابه عن العالم العربي بعد عودته من البعثة: «لم نجد العرب مخيفين لنا كأوروبيين كما كان الحال في أول مرة التقينا بهم، وذلك بعد أن تعلمنا لغتهم وعرفنا طريقة تفكيرهم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية