«أنا صفر على الشمال بالنسبة له؛ لأنه هو الذي دخل القشلاق وقيادة الجيش وعمل كل اللي قلته له وعمل نفسه قائدا للدفاع عنهم، وكل اللي ييجي من بره بالإمدادات يشخط فيه ويوزعه»، وقال عنه إنه «راجل مقاتل.. مجلس الثورة كان يخشاه لأنه راجل شجاع وجدع»، كلمات بسيطة قالها اللواء محمد نجيب كشهادة في حق العقيد يوسف صديق أحد رموز ومفاتيح انتصار يوليو، لكنها لم تكن كافيه لمنح الرجل حقه طوال السنوات الماضية.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي كان الرئيس عبدالفتاح السيسي يكرم رمزاً مهماً لثورة يوليو هو الرئيس محمد نجيب بإطلاق اسم أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط باسمه، ثم عاد اليوم ليكرم الرجل الذي شهد فيه نجيب العقيد يوسف منصور بمنحه قلادة النيل أرفع الأوسمة المصرية، ويعد اسم يوسف منصور صديق كان أحد أبرز قادة الضباط الأحرار ومن بين الأسباب الرئيسية لنجاحها، رغم ما تعرض له فيما بعد.
ولد يوسف صديق، في ٣ يناير ١٩١٠، بقرية زاوية المصلوب ببنى سويف ولد، وفى ١٩٣٣ تخرج في الكلية الحربية، وفى ١٩٤٥ حصل على شهادة أركان حرب، وفى ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ كان صاحب الضربة الاستباقية التي أنقذت الثورة.
كانت بداية معرفة يوسف صديق بتنظيم الضباط الأحرار، عندما تعرف على النقيب وحيد جودة رمضان، خلال حرب فلسطين 1948، وبعدها بثلاث سنوات في أكتوبر 1951عرض عليه وحيد رمضان، الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار، وأطلعه على برامجهم، التي كانت تدعو للتخلص من الفساد وإرساء حياة ديمقراطية سليمة، فوافق على الفور دون تردد، وأصبح قائد ثاني للكتيبة الأولى مدافع ماكينة «الكتيبة 13».
اجتمعت اللجنة القيادية للثورة، وقررت أن تكون ليلة 22-23 يوليو 1952 هي ليلة التحرك، وأعطيت الخطة اسمًا كوديًّا «نصر»، وتحددت ساعة الصفر في الثانية عشرة مساءً، إلا أن جمال عبدالناصر عاد وعدل هذا الموعد إلى الواحدة صباحًا، وأبلغ جميع ضباط الحركة عدا يوسف صديق؛ لكون معسكره في «الهايكستب»؛ لبعده عن مدى تحركه ذلك اليوم، فآثر انتظاره بالطريق العام؛ ليقوم برده إلى الثكنات، وكان لهذا الخطأ البسيط على العكس أعظم الأثر في نجاح الثورة.
هذا الدور أكده جمال عبدالناصر في العيد العاشر للثورة، حينما تحدث في خطابه بهذه المناسبة عن دور يوسف صديق في الثورة، وقصة اعتقاله بواسطة قوات الثورة، وسعادته لرؤية يوسف صديق الذي فك أسره على الفور، وكذلك أكد دوره الريادي في تنفيذ الثورة كل من اللواء محمد نجيب وعبداللطيف البغدادي وجمال حماد وحمدي لطفي في مذكراتهم، التي جاءت مطابقة لمذكرات يوسف صديق.
عقب نجاح حركة الضباط الأحرار دعا يوسف صديق مجلس قيادة الثورة إلى عودة الحياة النيابية، وخاض مناقشات عنيفة من أجل الديمقراطية داخل مجلس قيادة الثورة.
وعندما وقعت أزمة فبراير ومارس عام 1954، طالب يوسف صديق في مقالاته ورسائله لمحمد نجيب بضرورة دعوة البرلمان المنحل ليمارس حقوقه الشرعية، وتأليف وزارة ائتلافية من قِبَل التيارات السياسية المختلفة من الوفد والإخوان المسلمين والاشتراكيين والشيوعيين، وعلى إثر ذلك اعتقل هو وأسرته، وأودع في السجن الحربي في أبريل، وسجنت زوجته علية 1954، ثم أفرج عنه في مايو 1955، وحددت إقامته بقريته بقية عمره إلى أن توفي في 31 مارس 1975.