x

الزواج في الصين .. فستان زفاف واحد لا يكفي

الإثنين 09-05-2011 21:09 | كتب: أحمد بلال |
تصوير : أحمد بلال

حتى ثمانينيات القرن الماضي، لم يكن ممكناً أن يعقد أحد قرانه في الصين دون امتلاك ثلاثة أشياء كانت بمثابة جواز المرور لعش الزوجية، وهي ساعة يد من ماركة «شانغهاي»، وماكينة خياطة من ماركة «هوديه»، ودراجة من ماركة «يونغجيو». أما اليوم فالأمر يختلف كثيراً، حيث لم يعد للضرورات الثلاث وجوداً، وباتت الأمور أعقد مما سبق، فتكاليف الزواج التي كان من الممكن تدبيرها في عدة أشهر، في الماضي، تحتاج حالياً إلى عدة سنوات لتدبير الحد الأدنى منها، وهو الأمر الذي قد يؤخر سن الزواج في الصين.

التحولات الكبرى التي مرت بها الصين لم يكن الزواج بمعزل عنها، ورغم احتفاظ الصينيين ببعض تقاليدهم القديمة في الزواج، مثل ارتداء فستان الفرح الأحمر، إلا أن ارتفاع معدلات الاستهلاك في الصين، جعلت العروس ترفع شعار «فستان زفاف واحد لا يكفي». خو يان جوان، فتاة صينية من مقاطعة «جوانجتشو» الواقعة في جنوب الصين، قالت لـ«المصري اليوم» إن العروس الصينية تحتاج إلى 5 فساتين في ليلة الزفاف وحدها، فكل شيء في برنامج الفرح له فستان مستقل، فالعروس تخرج من بيتها إلى الفندق المقام فيه الفرح وتستقبل ضيوفها على باب الفندق بفستانها الأحمر، ثم تستبدله بفستان أثناء مأدبة الطعام التي يقيمونها للمدعويين، ثم تستبدله بفستان أثناء برنامج حفل الزفاف، والذي يتضمن موسيقى وأغانٍ ورقصات تختلف بحسب اختلاف الثقافات والقوميات في الصين، ثم تستبدله بفستان آخر لتودع به من جاؤوا لتهنئتها، بالإضافة إلى الفستان الأبيض والمخصص لالتقاط الصور الفوتوغرافية، والتي يتمتع الصينيون بها حالياً بعد أن حرم منها الملايين بسبب منع الثورة الثقافية التقاط مثل هذه الصور.

ومأدبة الطعام من الأشياء المقدسة في الزواج في الصين، إلا أن تغييراً ما طالها كما طال كل شيء هنا، فبينما كانت تقتصر على بعض من بذور عباد الشمس والفول السوداني والحلويات التي كان يوزعها العروسان على الحاضرين في حفل الزفاف في السابق، أو حتى مأدبة طعام بسيطة خالية من أي نوع من أنواع الترف أو النزعة الاستهلاكية، باتت اليوم رمزاً للفخامة، بل أنها كما تقول جوان تعد أفخم مأدبة من الممكن أن يقيمها الشخص في حياته، وخلال هذه المأدبة، تتجول العروس بين الحاضرين وتقدم لكل منهم الطعام بنفسها في طبقه، في إشارة إلى شكرها وتقديرها له على تلبيته الدعوة.

ومأدبة الزفاف في الصين تحتوي على العديد من الأطباق، مثل الكابوريا، الجمبري، الدجاج، اللحوم، والخضروات، إلا أن أهم الأطباق على هذه المائدة هو طبق الـ«جياوتسي»، وهو عبارة عن معجنات محشوة باللحوم أو الخضروات أو كليهما معاً، ويتم لفها لتأخذ نفس شكل القطايف، ثم يتم غليها في الماء، وتقديمها بعد ذلك، وهي ترمز عند الصينيين إلى السعادة والثروة، ولا يكتفي الصينيون بمأدبة الزواج، وإنما يوزع العروسان أيضاً على المعازيم هدايا في سلة ذهبية اللون مغطاة بقماش أحمر اللون وشفاف وبيض بلاستيكي أحمر بداخله حلوى وفول سوداني صبغت قشرته بألوان مختلفة.

وفي حفل الزفاف، يقوم الأصدقاء المقربون من لعريس والعروس بعمل بعض الأشياء التي تثير جوا من المرح والبهجة في المكان. مثل أن يعلقوا تفاحة في الهواء، ويضعوها بين وجهي العريس وعروسه، ويطلبون منهما تقبيل التفاحة، وعندما يقتربا منها يتركان التفاحة تقع على الأرض، ليقبل كل منهما الآخر، كما يقوم العريس بوضع قماشة سوداء على عيني عروسه، ويقف هو وأصدقائه المقربون صفاً واحداً ويمد كل منهم يده اليمنى أمامه لتتحسسها العروس وتشمها ومن تعتقد أنه عريسها تقبله، بعدها ترفع عن عينها الغمامة السوداء لترى من الذي قبلته، وإن كان الذي قبلته شخص آخر غير عريسها، تضحك عليها القاعة كلها، وتضعها في حرج شديد.

عندما يحضر المدعوون إلى القاعة، يكون في استقبالهم العروسان على مدخلها، بعدها يكتب كل منهم كلمة في كتاب الذكريات الموضوع على طاولة في مدخل القاعة، ثم يخرج كل منهم من جيبه ظرف أحمر اللون فيه مبلغ كبير من المال ويعطيه لواحد من اثنين أحدهما صديق للعريس أو قريب له والآخر يرتبط بنفس العلاقة بالعروس، ليمنحا الأموال بدورهما بعد ذلك للعروسين، وعن سر هذا التقليد تقول جوان «من المفترض أن يقدم كل فرد هدية للعريس أو للعروس أثناء الفرح، إلا أنه من الممكن أن يحضر أحداً هدية غير مقبولة أو غير مناسبة، ومن ثم يفضل الصينيون أن يعطوا للعروسين أمولاً ليشتريا بها ما يرغبا في شرائه».

الأموال التي يحصل عليها العروسان كهدية زفافهما، تراها جوان البالغة من العمر 25 عاماً، والتي لا تفكر في الزواج حالياً إطلاقاً كما تقول، دليلاً على أن تأخر سن الزواج في الصين ليس فقط بسبب تكاليف الزواج، لأنه، تقول جوان «إذا أنفق شخص على زواجه في الصين 100 ألف يوان – متوسط تكلفة الزواج – فإنه سيحصل يوم زفافه على حوالي 150 ألف يوان كهدايا مالية».

إلا أن هناك العديد من الأسباب الأخرى لتأخر سن الزواج في الصين، تلخصها جوان في أن «الإنسان يمر بتغيرات كثيرة في حياته، ومشاعره تتغير وخاصة في هذه المرحلة العمرية، بالإضافة إلى أن عقله ينضج كلما تقدم في العمر، كما أن الزواج يقيد حريتي، ويجعلني مسئولة عن أسرة، الآن أستطيع أن أذهب إلى أي مكان وفي أي وقت، أما بعد الزواج فلن أستطيع القيام بذلك بحريتي».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية