حظيت أحداث الفتنة الطائفية التى شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، باهتمام الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية ، حيث قالت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية, فى تقرير لها من القاهرة, إن « ما حدث كان أحد أسوأ الكوابيس فى تاريخ الصراع الطائفى فى مصر»، وأشارت إلى أن شائعات كانت هى السبب فى توجه مئات المتشددين إلى كنيسة مارمينا فى منطقة إمبابة، واشتبكوا مع مواطنين مسيحيين وتبادلوا إطلاق النار ورمى الحجارة، وما زاد من سوء الأمر غرق المنطقة بأكملها فى الظلام لفترة طويلة، واحتشاد المئات من المناطق المجاورة للمشاهدة بدافع الفضول، الأمر الذى منع وصول سيارات الإسعاف لنقل المصابين من المنطقة.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن الحل يكمن فى «المواطنة» بالنسبة للأقباط فى مصر، وينبغى عليهم ألا يظلوا سلبيين، خاصة بعد الثورة التى طالبت بالحرية والمساواة، فضلاً عن ضرورة تمسك جميع المصريين بنبذ العنف والتفرقة.
من جانبها، قالت شبكة «إيه بى سى» الإخبارية الأمريكية، إن المجلس العسكرى بدأ يفقد ثقة الشارع المصرى فيه، رغم تعهداته بالقضاء على أى تهديد يمس أمن البلاد، وأجرت حواراً قصيراً مع الصحفية ياسمين الرشيدى، قالت فيه إن أحداث اليومين الماضيين لهما «ضرر بالغ على الديمقراطية» فى مصر، كما أن ما حدث أوضح أن «للسلفيين المتشددين أثر مدمر»، مشددة على أنها تعتبر ما حدث «ثورة مضادة» بسبب استمرار الفراغ الأمنى وقيام السلفيين المتشددين بتهديد الدولة «المسلمة الليبرالية المصرية» التى سعت الثورة لتحقيقها.
واتهمت الرشيدى، الجيش، بأنه «سمح بحدوث هذه الاضطرابات ليتمكن من تنفيذ إجراءات صارمة»، وهو ما لا يصب فى مصلحة الناس، بل مصلحة الجيش الذى أصبح يفتقد الثقة والمصداقية الآن.
أما صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فنقلت شهادة الصحفى شريف قدوس، الذى كان موجوداً أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون فى المظاهرات المنددة بما حدث، وقال إن الاشتباكات وقعت بعد ظهور عدد كبير من البلطجية ألقوا زجاجات وحجارة على المتظاهرين، لكنه لم يلاحظ فيهم من يمكن أن يطلق عليه «سلفى»، فيما ألقى جميع الشهود اللوم على الشرطة التى علمت بما يحدث فى إمبابة من البداية لكن أحداً من رجالها لم يتحرك لإنقاذ الموقف.
وتبنت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، وجهة النظر التى قالت على لسان شهود إن المهاجمين كانوا «يرتدون جلابيب طويلة ويطلقون لحاهم، وهى السمات المميزة للسلفيين»، حسبما قالت الصحيفة، وأضافت نقلا عن حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن «المتشددين من المسلمين يريدون أن يظهروا للمسيحيين أنهم بحاجة إلى حماية المسلمين لهم، وأن الغرب لن يحميهم، وأنهم لم يعودوا يتمتعوا بالامتيازات التى كان النظام السابق, فى عهد حسنى مبارك, يمنحها لهم على حساب الإسلاميين».
ورأت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن ما حدث ليس أكثر من احتقانات طائفية كانت مكبوتة طوال عقود, بسبب دولة القمع البوليسية التى فرضها نظام مبارك على مصر، لكن هذه الاحتقانات تهدد الآن مستقبل مصر بعد الثورة، خاصة فيما يتعلق بالسياحة والاقتصاد، وإرساء مبادئ الديمقراطية.
أما صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» فأكدت أن الأقباط فى مصر يتعرضون للتمييز، خاصة فيما يتعلق بتطبيق العدالة على مرتكبى الجرائم الطائفية، وأشارت إلى أن نظام مبارك كان يرفض الاعتراف بوجود دوافع دينية خلف ارتكاب مثل هذه الجرائم، كما كانت السلطات تفرض أحيانا عقد الصلح بدلاً من تقديم المسلمين المتشددين مرتكبى الجرائم الطائفية للعدالة.