x

الفنان التشكيلى محمد عبلة: مصر «مخنوقة ومأزومة».. لكنها ستعود أقوى (حوار)

الجمعة 13-07-2018 01:14 | كتب: مصطفى السيد |
الفنان التشكيلي محمد عبلة في حوار للمصري اليوم الفنان التشكيلي محمد عبلة في حوار للمصري اليوم تصوير : أسامة السيد

«مصر مخنوقة ومأزومة وهتخرج من الخنقة أقوى»، فقد مرت عليها ظروف أصعب من ذلك بكثير ونجحت فى تخطيها، أو كما يقول المثل «ياما دقت على الراس طبول»، وتابع أنه دائماً ما يكون هناك متربصون بمصر، ولكنها مستمرة فى طريقها كما أنها مليئة بالعقول والكفاءات التى ستخرجها من أزماتها، كان هذا مفتتح ينضح بالوطنية من قلب الفنان التشكيلى محمد عبلة وهو يتحدث إلينا من قلب جزيرة «القرصاية» حيث يسكن قلب النيل النابض بالحياة، ويرى عبلة أن المثقفين فى مصر مهمشون، وجسور تواصلهم وإبداعهم مقطوعة مع الشارع، ونحن لا نعلم إذا ما كانت الدولة تريدهم هكذا أم أنها تريد الاستعانة بهم وإظهار دورهم، ولكن الواضح لنا أنها لا تريد ذلك، لأن كل فعالياتهم الكبيرة معطلة، وليس لهم متنفس لإظهار إبداعهم، لأنهم ليسوا أولوية لدى الدولة.. وإلى نص الحوار:

■ منذ متى انتقلت للعيش فى الجزيرة؟

انتقلت إلى هنا منذ 15 عاما، أى منذ عام 2003، وذلك بعد احتراق مرسمى الخاص فى منطقة الحسين، الأمر الذى دفعنى إلى البحث عن مكان آخر، وكان داخلى هاجس أن يكون هذا المكان قريبا من المياه، كنوع من رد فعل حريق المرسم القديم، وقمت بشراء قطعة أرض من الفلاحين المقيمين فى الجزيرة، ثم توجهت إلى هيئة أملاك الدولة لإخبارهم بتقنين وضعى باعتبارى واضع يد عليها، وظللت أدفع مقابل حق انتفاع للأرض من وقتها، ولم يتم تقنين وضعى أو أى من سكان الجزيرة، ومنهم من يسكن فيها قبل إنشاء هيئة أملاك الدولة، وكان تعاملهم مع الجمعية الزراعة.

■ لماذا اخترت جزيرة القرصاية بالتحديد؟

- منذ صغرى وأنا كنت أحضر إلى الجزيرة هنا وأرسم، وقتما كانت تحضر إليها مراكب من الصعيد، لما تتمتع به من جمال وهدوء، إضافة إلى أن معظم أعمالى وقتها كانت متعلقة بالنيل، وكان هذا سبب قرارى بالاستقرار فيها، بداية من فتح مرسم بها، ثم بعد ذلك العيش فيها.

■ ماذا عن تجليات وانعكاسات طبيعة هذه الجزيرة على أعمالك الفنية؟

- الجزيرة هى قرية صغيرة داخل القاهرة، بها الطابع الريفى بشكله الكامل، من فلاحين إلى المواشى والطيور والزرع، وهذا يمثل للفنانين مصدر إلهام كبير، إلى جانب مناخ السكينة والهدوء والعلاقات البسيطة والطبيعية بين سكانها، كما أنها بعيدة عن الزحام الموجود فى المدينة

■ هل هناك لوحات رسمتها خاصة بطبيعة الجزيرة، بعد أزمة تهجير الأهالى من بعض الجزر النيلية؟

- بالفعل، أقمت معرضين عن الحياة فى الجزيرة، تتحدث اللوحات بها عن النيل وسكان الريف والأشجار والحياة الريفية والفلاحين، كما أننى فى وقت أزمة الدولة مع الأهالى ورغبتهم فى تهجيرهم منها، قمت برسم لوحات معبرة عن الوضع، يصعب شرحها كتابة، لكنها تتكون من خلفية للطبيعة بالجزيرة من أشجار وزرع، ويوجد بها جندى يمسك بندقية، وأمامه فلاحة تطلب مساعدته، وأهالى يقدمون له الورود، كما أن هناك لوحات عن الحياة الريفية، وتعتليها مانشيتات الجرائد عن تلك الأزمات.

■ ماذا عن الخدمات الموجودة فى الجزيرة؟

- لا توجد أى خدمات بالجزيرة، لا يوجد طرق أو مستوصف صحى، أو مدارس، والوسيلة الوحيدة للتنقل فيها هى المشى، والمياه والكهرباء قام الأهالى بتوصيلها بمجهوداتهم الذاتية كما أن الطريقة الوحيدة للدخول والخروج من الجزيرة هى معدية فى النيل، ومن يريد قضاء احتياجاتهم أو أى خدمة يجب أن يخرج من الجزيرة ويذهب للمدينة.

■ ما هى المشروعات التى يمكن تنفيذها فى الجزيرة وتتناسب مع طبيعتها؟

- الدولة تريد أن تنفذ مشروعات سياحية وفنادق فى الجزيرة، وهذا من شأنه أن يزيد من تلوث النيل، ولكن أرى أنه من الأفضل أن يتم إنشاء حدائق وأماكن للتنزه، وزراعة نباتات عطرية وزهور نادرة، ومصانع تجفيف، والبيئة فى الجزيرة تساعد على ذلك، وكل هذه الأشياء مربحة جداً.

■ كيف ترى الأزمة الأخيرة بين الدولة والأهالى حول الجزيرة؟

- الدولة تريد إنشاء مشروعات تتجاهل فيها سكان الجزيرة، وهذا بالطبع لن يرضى الأهالى، وذلك بسبب طريقة تعامل الدولة منذ البداية مع الأزمة، وتعاظمت الأزمة بسبب غياب تواصل الدولة مع الأهالى، فسكان الجزيرة هنا عددهم ليس بالكبير، ومن الممكن تجميعهم والتحدث معهم، ولا يمكن أن يكون هناك مواطن أنشأ حياة فى مكان وتأتى الدولة لتخرجه منه بالقهر، يجب على الدولة أن تشرك سكان جزيرة القرصاية، والجزر التى تنوى إقامة مشاريع فيها فى تلك المشاريع، وأن يستعينوا بهم كجزء من العمالة، لأنهم يعملون فى كافة المهن: نجارين وحراس أمن وسباكين، كما يتعين عليها أن توضح لهم أنه سيكون هناك 90% من مساحة الجزيرة للمشروعات، و10% متاحة لسكن الأهالى، أو أن تقدر الدولة ممتلكات الأهالى من الأراضى والمنازل وتقوم بتعويضهم بمقابل مادى مجزٍ لهم للخروج من ممتلكاتهم، لكن الطرد والإخراج بالقوة ليس الحل.

■ كيف ترى منظومة التعليم كإحدى المؤسسات التأسيسية فى التعليم والمعرفة؟

- المقدمات الصحيحة دائماً ما تؤدى إلى نهايات صحيحة، يجب على وزير التربية والتعليم قبل أن يصدر هذه القرارات أن يكون المدرس مؤهلا لتقبلها وتنفيذها، ويكون هناك كوادر جيدة فى الوزارة لتبنيها، لأن الوزير ليس هو من سينفذها على أرض الواقع، ولكن الكوادر والمدرسين، حتى لا نكرر تجربة المدارس اليابانية فى بداية العام الدراسى الحالى وما حدث فيها من مشكلات عطلتها فى مصر، المسؤول يصدر قرارات قد تكون جيدة لكن القواعد الأساسية لتنفيذ تلك القرارات تكون هى المشكلة، لما فيها من فساد يجب القضاء عليه أولاً على سبيل المثال فساد المدرسين والكتب المدرسية وهيئة الأبنية التعليمية واضحة للعيان يجب القضاء على الفساد الموجود فيها أولاً، أو كما يقال «نقفل حنفية الفساد الأول علشان نعرف نشتغل».

■ وكيف ترى مصر فى هذه المرحلة المفصلية فى تاريخها؟

- «مصر مخنوقة ومأزومة وهتخرج منها أقوى»، وذلك لأنها مرت عليها ظروف أصعب من ذلك بكثير ونجحت فى تخطيها، أو كما يقول المثل «ياما دقت على الراس طبول»، دائماً ما يكون هناك متربصون بمصر، ولكنها مستمرة فى طريقها لتجاوز تلك المرحلة لتخرج منها أقوى مما سبق وما يعزز قناعتى هذه أنها عبر تاريخها تجاوزت مراحل صعبة كثيرة كما أنها غنية بالعقول والكوادر والمواهب المؤهلة لتلك المهمة.

■ نشهد غيابا ملفتا للمثقف العضوى صاحب الدور والتأثير الفاعل فى الشارع، أين المثقف ودوره فى هذه المرحلة؟

- المثقفون فى مصر مهمشون، وقنوات تواصلهم وإبداعهم مغلقة، ونحن لا نعلم إذا ما كانت الدولة تريدهم هكذا أم أنها تريد الاستعانة بهم وإظهار دورهم، ولكن الواضح لنا أنها لا تريد ذلك، لأن كل فعالياتهم الكبيرة معطلة، وليس لهم متنفس لإظهار إبداعهم، لأنهم لا يمثلون أولوية لدى الدولة فى حين لا يمكن للدولة أن تتقدم دون أن يكون للمثقفين والمفكرين والمبدعين دور بارز فيها، ويجب أن نظهر للعالم أجمع أن مصر مهتمة بالمثقفين والمفكرين.

■ لماذا أصبح ظهور شباب الفنانين نادراً فى مصر؟

- كل هذا يرجع إلى تردى حالة التعليم فى مصر، واختفاء الإبداع والاهتمام بالثقافة والفن، يجب أن يكون هناك اهتمام فى الإعلام بالثقافة والفن والإبداع، حتى يتم استقطاب الشباب لهم، حتى أن يكون هناك ساعة كل يوم فى قنوات التليفزيون للثقافة والفن.

■ وكيف ترصد المشهد التشكيلى فى مصر؟

- هناك حالة من الانتعاش التجارى فى الفن فى مصر فى الفترة الأخيرة، فهناك معارض كثيرة أقيمت مؤخراً، ولكن كل هذا جهود شخصية، لا يوجد خطة من الدولة لها، يجب على الدولة، ممثلة فى وزارة الثقافة، الاستفادة من إبداعات الفنانين وتسويقها وترويجها داخلياً وخارجياً بصورة جيدة، وأن يتم الاهتمام باستضافة المحافل الثقافية العالمية فى مصر، وتكون هذه تكليفات من الدولة لوزير الثقافة، وتتم محاسبته عليها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية