x

هنا إمبابة: زحام خانق وسيارات «عكس» وقمامة مكدسة.. وفتنة طائفية

الأحد 08-05-2011 19:31 | كتب: سامي عبد الراضي |


هنا إمبابة.. زحام وكتل بشرية ومناطق سكنية متلاصقة.. أنت الآن على فرع صغير للنيل.. تشاهد من الناحية الثانية برجى التجارة القابعين على كورنيش النيل وتشاهد منطقة الزمالك الراقية.. كلما تتعمق فى إمبابة تضيق الشوارع وتقترب شرفات المنازل وتشعر بأن «الجيران معاً» فى سكن واحد.. لا يغيب عن عينيك منظر القمامة ومخلفات البناء والطرق والشوارع غير الممهدة.. والتوك توك من حولك فى كل مكان وتنطلق أغانيه لا تتوقف وأبرزها «حنروح المولد» والسيارات عكس اتجاه.


بين شوارع إمبابة المكتظة بـ«ناسها وطرقها الضيقة وحاراتها العتيقة وسياراتها التى دون أرقام» يوجد هناك وبالتحديد فى منطقة المنيرة الغربية شارعان رئيسيان.. هما «الأقصر والمشروع».. الشارعان تجاريان فهذه مكتبة وهنا سنترال وبه أكثر من مقهى.. ومحال بقالة يرقى البعض منها إلى كلمة «سوبر ماركت».. وتجد محال أيضاً لبيع أفلام الفيديو.. وفى الشارع نفسه أيضاً تعرف أسماء بائعى المواد المخدرة.. حشيش.. بانجو.. برشام.. معروفون بالاسم.. يسقط البعض منهم ويدخل السجن ويخرج آخرون للمواصلة ويولد جيل ثان وثالث ليواصل المهمة.


أنت الآن على بعد خطوات من كنيسة مار مينا.. مبنى مرتفع تجد من يشير إليه: «ده معمولها خرسانة بعمق 25 متر»، ولا تجد منطقية لكلامه فهو شاب فى العشرين وبنيت الكنيسة عندما كان صغيراً.. صغيراً لا يعرف «العمق أو الارتفاع».. الشارع تقطعه شوارع بـ«الطول» وعلى بعد 20 متراً من الكنيسة تجد شارع الأقصر.. وهو شارع كبير أيضاً مواز لشارع بشتيل الذى دخلته قبل قليل.. شارع تجارى أيضاً.. يستقبل سيارات تسير فى الاتجاه الصحيح وأخرى عكس الاتجاه وبه «خرابة» كانت مصدراً لإطلاق الرصاص والمولوتوف.


ما تسمعه من روايات لا يتوقف.. تجد حواراً بين صبيين: إيه اللى بيحصل ده ياعم؟! ويأتيه الرد: مشكلة يا أخى بين مسلمين ومسيحيين. هو إيه اللى «جنن الناس».. يعنى واحدة اتجوزت ولا اتطلقت عادى.. ويتواصل الحوار: المهم يا زميلى إننا هنطلع بمصلحة.. يعنى ممكن تقع فى إيدك حتة سلاح ويا سلام ولو كانت آلى.. وتسأل أحد الصبيين فيه إيه؟ ويرد عليك: «أنا لسه جاى وبصراحة أنا باتفرج».


العدد كان كبيراً وبالآلاف.. تسمع من يتألم: «والله حرام اللى بيحصل ده والبلد مش ناقصة وكدة عيب».. وتسمع أيضاً: «دول ولاد كلب».. ولا تعرف «دول مين». وتسمع أيضاً من يقول: الساعة 5 حصلت المشكلة وكان فيه «حوار» كده وكبر.. والدنيا ولعت.. ورابع يقول: «والله أنا كنت نايم وجيت اتفرج».. وخامس يقول: «السلفيين معملوش المشكلة».. هم حضروا للتفاوض وحصل اللى حصل وأنا شفتهم وهم بيصلوا المغرب قدام الكنيسة ومعاهم شباب ومعرفش ليه صلوا مع إن المسجد جنب الكنيسة على طول ومش بعيد.. وسادس يهتف بقوة.. الله أكبر.. ويردد خلفه آلاف.. الله أكبر.. ويصمتون قبل أن يعود الهتاف مختلفاً: «إسلامية.. إسلامية».. ويردد الهتاف الجميع بمن فيهم شباب «زى الورد» وشباب يبدو أنه «متعاطى مواد مخدرة» وآخرون ملتحون.. وتتحرك قوات الأمن.. ويصرخ شاب: «وسع يا جدع رجالة العادلى وصلوا»، ويجد الرد يأتيه: «ياعم انت مش عايش.. ده اتحبس».. ولا يتركه الأول ويقول له: «أنا عارف بقول إيه.. لكن أقصد إن دول بتوع العادلى اللى كان بيستخدمهم فى فض المشاكل».. ويصمتان.. الصافرات لا تتوقف.. كأنك فى مباراة لكرة القدم.. ويشيرون لضباط الشرطة وعساكر الشرطة العسكرية.. أهو واحد فوق ومعاه سلاح آلى وهيضرب نار.. أهو فى البلكونة.. ولا ترى ولا يرى أحد من شدة الظلام.. ولا تتوقف الأصابع عن الإشارة ولا الحناجر عن «أهو بص أهو».. وفجأة تسمع صوت إطلاق الرصاص ولا يتحرك أحد..لا أحد يهرول أو يصرخ.. فالرصاص الذى أطلقه الطرفان جعل الأمر عادياً.. الوضع يستمر.. هذا حضر للمشاهدة وهذا يهتف والآخر يتابع والرابع يشير.. وتترك المكان وتستقل «توك توك» ينقلك إلى اتجاه الكورنيش.. وأنت تسأل: «من وراء ذلك؟!».. من يحرك هؤلاء؟! لماذا الآن.. ما هذه الحرفية.. لماذا لا نستقبل الآخر؟! وتبحث عن إجابة.. ولا تجد.. لا تجد وكأنك تبحث عن المتهمين والمحرضين فى أحداث صول وقنا.. وأخيراً إمبابة.. تبحث ولا تجد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية