قالت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، إن الممالك الموجودة فى «الخليج الفارسى» تشن ثورة مضادة على الثورات التى تحاول استرداد بعض الحرية للشعوب العربية، خاصة الثورتين المصرية والتونسية، ورغم سقوط الحكام الديكتاتوريين العرب الواحد تلو الآخر، يحاول ملوك الخليج عزل شعوبهم أكثر فأكثر عن الحراك السياسى الضاغط القادم من الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أن منطقة الخليج صارت أكثر قمعاً الآن أكثر من أى وقت، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على المدى الطويل، ليس فقط لهذه الممالك الغنية بالبترول، وإنما أيضاً لحلفائها فى الغرب.
واعتبرت، المجلة، المرسوم الملكى السعودى الصادر فى 29 أبريل الماضى، والذى وضع قيوداً جديدة على الإعلام، آخر جهود تقنين النقاش السياسى المشروع، كما أشارت إلى أنه فى مارس الماضى، أجهضت المملكة العربية السعودية جهود مجموعة من المفكرين السعوديين لإنشاء أول حزب سياسى فى المملكة هو حزب «الأمة الإسلامى»، والغريب أن تلك المحاولة السلمية للإصلاح السياسى أزعجت السلطات لدرجة أنها ألقت القبض على 5 من المؤسسين بعدها بأسبوع واحد فقط.
ولا يقتصر القمع السياسى والإعلامى على السعودية فقط، بحسب المجله، وإنما امتد ليشمل البحرين وعمان اللتان قامتا بقمع المظاهرات بعنف، وكذلك فعلت الإمارات العربية المتحدة والكويت لكن بطرق مختلفة، وأضافت «من المجحف أن يشار إلى القمع الخليجى الآن باعتباره رد فعل على ثورتى تونس ومصر، فتلك الإجراءات التعسفية كانت واضحة بشدة قبل بدء ما يسمى بـ(الربيع العربى)».
وأكدت المجلة، أن حملات العنف والقمع التى شهدتها دول الخليج فى أعقاب ثورتى تونس ومصر تشير إلى عمق وفداحة الكبت الذى يتفشى فى تلك البلاد، فضلاً عن انتشار المظاهرات المطالبة بالديمقراطية فى أنحاء العالم العربى بشكل سريع، وهو ما أصاب العائلة المالكة بالبحرين بالذعر وجعلهم يوجهون دعوة للجيوش السعودية والإماراتية لإعادة النظام بالبحرين فى مارس الماضى، ما عرف وقتها بقوات درع الخليج.
وأوضحت المجلة أن الحكام الخليجيين حاولوا استكمال تكتيكاتهم القمعية بسلسلة من الإجراءات الاقتصادية، كالإعلان عن زيادة فى وظائف القطاع العام، وزيادة فى الرواتب والامتيازات التى يتمتع بها المواطنون فى تلك الدول، وربما تصب هذه الأشياء فى صالح العائلات الملكية مؤقتا، لكن المحللين أجمعوا على أنه من الصعب تكرار سيناريو تونس ومصر مرة أخرى.
وأشارت «فورين بوليسى»، إلى أنه من الواضح أن دول الخليج تحاول السباحة ضد التيار فى الشرق الأوسط عبر تجاهلها للإصلاحات الاجتماعية الضرورية التى جلبها «الربيع العربى»، فضلاً عن رفضها إصلاح أنظمتها السياسية التى عفا عليها الزمن.
واختتمت المجلة تقريرها، قائلة: «إنه طالما استمرت ممالك الخليج فى ديكتاتوريتها، فإنها تهدد التغيير الجذرى الذى تحاول المنطقة العربية الوصول إليه، كما أنها بذلك تشجع الحكومات الغربية على المفاضلة بين المبادئ والمصالح».