اختلفت آراء الصحف الأجنبية الصادرة الجمعة حول صعود القوى الإسلامية فى مصر، بينما شجعت صحيفة «تايمز» البريطانية صعود قائمة «الكتلة المصرية» لتجنب ظهور ما سمته دولة «أفغانستان ثانية» على يد التيارات الإسلامية، وأيدت صحيفة «جارديان» البريطانية صعود جماعة الإخوان المسلمين إذا استطاعت تخليص مصر من الاستبداد الذى عانت منه منذ عقود، واستحوذ الوضع فى مصر على اهتمام واضح فى الصحف الغربية بتخصيص 3 صحف افتتاحياتها للوضع بالبلاد.
وقالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن هناك عدداً من المخاطر وراء فوز الاسلاميين فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية خلال أول انتخابات حرة بعد عقود من الجمود السياسى، مضيفةً أن جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين متشددون دينيا، وشددت على احترام إرداة الناخبين.
وفسرت الصحيفة، فى افتتاحيتها بعنوان «اختبار للديمقراطية»، ارتفاع مؤشرات فوز القوى الإسلامية بأن قمع النظام السابق دفع الشعب الى التعبير عن رأيه من منبر المسجد ـ حسب تعبيرها ـ مطالبة بضغط أمريكى وأوروبى من أجل احترام القانون والحريات من قبل أى قوى تتولى السلطة فى مصر.
وحذرت الصحيفة من التساهل مع بقاء المجلس العسكرى فى الحكم بعد الموعد الذى حدده لتسليمها للمدنيين فى الصيف المقبل، قائلةً: إن الاحتجاجات التى أطاحت بـ«مبارك» ستعود من جديد إذا حدث ذلك.
وتخلص «تايمز» فى افتتاحيتها إلى أن الديمقراطية فى الدول الاسكندنافية لها خصوصية عنها فى بقية الغرب، وبالتالى فإن الديمقراطية فى مصر ربما تكون لها خصوصيتها أيضا.
بينما وصفت افتتاحية صحيفة «جارديان» البريطانية استفادة الإسلام السياسى من أحداث الربيع العربى بأنه «مشكلة» وليس «فرصة»، موضحةً أن ذلك يعزز المبرر الذى طالما استخدمته الأنظمة الديكتاتورية أن «مستبدا تعرفه أفضل من متطرف تجهله».
وقالت الصحيفة إن الأحداث الراهنة تستدعى إعادة تقييم الواقع، مشيرةً إلى فوز حزب النهضة الإسلامى فى تونس بنسبة 41٪ من المقاعد فى الجمعية الدستورية، وأنه رغم تأخر إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية فإن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين متأكد من فوزه فى البرلمان كطرف رئيسى.
وتابعت أنه إذا تمكن حزب الحرية والعدالة من استيعاب التيارات الأخرى، وتشكيل توافق فى الآراء السياسية، كما فعل «النهضة» فى تونس، فسيضمن ذلك إخراج مصر نهائيا من الاستبداد، وهو ما يتطلب الوقت والصبر.
وأوضحت «جارديان» فى افتتاحيتها التى جاءت تحت عنوان «مصر الجديدة.. فرص لا تهديدات»، الفرق بين جماعة الإخوان المسلمين والمتشددين بتنظيم القاعدة، مشيرة إلى الانتقادات التى وجهها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، عندما قررت المشاركة فى الانتخابات التشريعية، وتنديده بالإخوان لمعارضتهم اللجوء إلى العنف.
ولفتت إلى أن نجاح الحزب السلفى الأصولى الذى تمكن من التقدم على الكتلة المصرية العلمانية، سيمثل عامل ضغط على حزب الحرية والعدالة، غير أن تحالف الأخير مع التقدميين سيكون أفضل وسيلة لطمأنة مصر بأنها ليست على وشك السقوط فى يد سلطة إسلامية صارمة.
فيما قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن صعود حزب النور الإسلامى الذى يوصف بأنه حزب سلفى متشدد، يعتبر تحولا مفاجئا فى مشهد الانتخابات البرلمانية، مضيفة أن هذا التحول سيكون له تأثير مستقبلى على الحياة السياسية والثقافية فى مصر.
ووصفت الصحيفة قائمة الكتلة المصرية بأنها تحالف ليبرالى علمانى يسعى إلى إعطاء انطباع بأن فوز الأحزاب الإسلامية فى مصر سوف يحولها إلى «أفغانستان ثانية».
وقال إبراهيم الهضيبى، المحلل السياسى، العضو السابق فى جماعة الإخوان المسلمين للصحيفة، إن النتائج الأولية تعبر عن الحملة الانتخابية الواسعة التى قامت بها الأحزاب المشاركة التى حرص كل حزب منها على أن يقدم من خلالها هويته الدينية أو العقائدية، وأن «الصعود السلفى هو رد فعل على حملة الكتلة المصرية». وتابع الهضيبى: «أولئك الساسة يعملون على أساس الهوية وليس على أساس برنامج سياسى، وعندما تم توجيه سؤال للمصريين: هل تريد لهذا البلد أن يكون علمانيا أم إسلاميا؟ اختار الناس أن يكون هذا البلد إسلاميا».
وتتساءل الصحيفة عن الخطوة التالية للإخوان المسلمين بعد الانتخابات، هل سيتحالفون مع القوى السياسية التقليدية فى مصر كما وعدوا، أم أنهم سيقعون تحت ضغوط للتحالف مع السلفيين؟ مشيرةً إلى نفى الإخوان على موقعهم الرسمى على الإنترنت ما تردد عن تحالفهم مع القوى السلفية. وأوضحت الصحيفة أن السلفيين سوف يستغلون وجودهم فى الحياة السياسية لمنع الخمور واتخاذ إجراءات قد تؤثر على السياحة والليبرالية فى مصر. وأشارت إلى أن الوقت مازال مبكرا لمعرفة هوية القوى الفاعلة فى البرلمان المصرى المقبل، إلا أن بعض القوى الليبرالية قد بدأت بالفعل فى التعايش مع حقيقة هزيمتها، وبدأت بإعداد خططها للعمل فى صف المعارضة فى المرحلة المقبلة.
من جانبها علقت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية على الفوز الذى حققه «الحرية والعدالة» التابع لجماعة الإخوان المسلمين فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، بأنها الخطوة الأكثر أهمية على الإطلاق منذ صعود الإخوان مع بداية الربيع العربى، معتبرةً أن نضال المصريين لم يوشك على نهايته، فالانتخابات ما هى إلا الخطوة الأولى فى عملية شديدة التعقيد وضعها الجيش لن يكون فيها برلمان حتى منتصف مارس المقبل، على أن يُنتخب رئيس جديد فى يونيو. وهناك شكوك خطيرة بشأن ما إذا كان الجيش سيسلم السلطة بشكل كامل حتى بحلول هذا الموعد. ولفتت الصحيفة إلى أن الصعود غير المتوقع للسلفيين إلى جانب الإخوان يحول دفة المركز الثقافى والسياسى نحو اليمين، فقادة حزب الحرية والعدالة يشعرون بضرورة منافسة السلفيين على أصوات الناخبين، وفى الوقت نفسه لن يشعروا بالحاجة إلى التسوية مع الليبراليين لتشكيل حكومة.
وتوقعت الصحيفة أن الأغلبية الإسلامية الجديدة من البرلمان ستزيد من صعوبة الحفاظ على الشراكة العسكرية والسياسية مع الولايات المتحدة، رغم أن الجيش قال إنه يخطط للحفاظ على احتكار العديد من جوانب الشؤون الخارجية، ولن يفوت الإسلاميون الفرصة لانتقاد سياسات واشنطن تجاه العراق وأفغانستان وإسرائيل والفلسطينيين.