قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الخميس، إن النتائج الأولية للمرحلة الأولى من الانتخابات تكشف عن ولاية إسلامية جديدة فى مصر، معربة عن دهشتها من مسار نتائج الانتخابات المصرية التى أظهرت المؤشرات الأولية عن تقدم كبير للإسلاميين، بخاصة السلفيين الذين توقعت أن يحصدوا 25% من برلمان الثورة، ليسيطروا مع جماعة الإخوان على 65% من البرلمان.
وأضافت الصحيفة أن النتائج الأولية تشير لحصول حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على نحو 40% من الأصوات، كما هو متوقع، ولكن المفاجأة الكبرى كانت فى الأداء القوى للإسلاميين المحافظين «السلفيين»، الذين يتشددون فى تطبيق تعاليم الإسلام، ويرفضون مشاركة المرأة فى التصويت أو الحياة العامة.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الانتصار جاء على حساب الأحزاب الليبرالية والناشطين الشباب الذين فجروا الثورة، وهو ما يؤكد مخاوفهم بأنهم لن يكونوا قادرين على التنافس مع الإسلاميين الذين خرجوا من سنوات حكم الرئيس السابق حسنى مبارك منظمين، بعكس الأحزاب العلمانية، التى خرجت مقسمة وعاجزة عن المنافسة مع الإسلاميين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم أن التصويت جاء فى ثلث محافظات مصر، وشملت بعض الدوائر الانتخابية المناطق الأكثر تحررا فى البلاد فإن النتائج جاءت لصالح الإسلاميين، مما يوحى بأن الموجة الإسلامية من المرجح أن تزداد قوة بينما يتحرك التصويت فى المناطق الريفية، الأكثر تحفظا فى الأشهر المقبلة.
وشددت الصحيفة على أن النتائج الأولية لانتخابات مصر تظهر زيادة نفوذ الإسلاميين فى المنطقة بعد أن كانوا محظورين ومضطهدين من قبل الأنظمة المستبدة المتحالفة مع الغرب، وفوزهم فى مصر بعد تونس والمغرب، يشكل ضربة للغرب الذى سعى لتفادى تكرار نفس السيناريو فى مصر، التى تعتبر الأكثر تأثيرا، والحليف الاستراتيجى للولايات المتحدة.
وقال مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون الأمريكية، وستيفن كوك، زميل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية فى مقال مشترك لهما على صحيفة «نيويورك تايمز» إن السياسة الأمريكية فى مصر تحتاج إلى تحول كبير، مشيرين إلى أنه ينبغى ألا تنخدع واشنطن بالسلام الذى عاد إلى شوارع القاهرة فى الانتخابات، حيث إنه لا يمكن للعملية الإنتخابية أن تمحى أشهراً من سوء الإدارة السياسية من خلال حكم المجلس العسكرى.
ولفت المقال إلى أن قادة المجلس العسكرى يعتقدون أنهم نجوا من الأزمة السياسية، وقاوموا الدعوات من أجل التغيير السياسى، مشيراً إلى أنه خلال الأسبوعين الماضيين تبين مقاربة واشنطن الحالية لمصر والتى وضعت علاقتها الدبلوماسية الخاصة على حساب ضغط الرأى العام ، وهو ما يجب أن يتغير.
من جانبها، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن تحقيق الإسلاميين، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين، نتائج جيدة فى أول انتخابات برلمانية بمصر، وسيطرتهم على الحياة السياسية يجعل المواجهة بينهم وبين المجلس العسكرى أمراً لا مفر منه، خاصة مع تصريحاتهم بأنهم سيسعون لتقليص دور الجيش فى الحياة السياسية، وإرجاعه لثكناته، الأمر الذى ينذر بمواجهة غير مأمونة العواقب.
وقالت الصحيفة إن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، التى تشير لتقدم كبير للإسلاميين، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين، تشير أيضا إلى قرب المواجهة بين الجيش والجماعة، خاصة أن هذا الفوز إذا تأكد يعطيها صلاحيات للعب دور رئيسى فى صياغة الدستور الجديد للبلاد، وبالتالى الخوض فى كثير من القضايا الشائكة والملغمة، بما فى ذلك دور الجيش المصرى فى توجيه السياسة العامة للبلد. وأضافت أن هذا الفوز سيعطى الجماعة الدور الرئيسى فى رسم سياسات البلاد الجديدة، وهو ما يجعل المواجهة مع المجلس العسكرى الحاكم أمراً حتمياً، خاصة أن الجماعة تسعى لإقامة نظام برلمانى قوى من شأنه أن يحد من سلطات الجيش، ومن المتوقع على نطاق واسع أن الجماعة ستدفع الجيش إلى الوراء، مؤكدة «لن يكون هناك مفر من المواجهة».
وقالت صحيفة «وول استريت جورنال» الأمريكية إن التقدم المفاجئ للسلفيين يشير إلى أن مصر - التى كانت أكبر دولة عربية ومن أشد المدافعين عن العلمانية تحت حكم الرئيس السابق حسنى مبارك- تتجه نحو الإسلام السياسى، خاصة أن جولات الاقتراع القادمة ستشمل معظم المدن المصرية الصغيرة والقرى، حيث يحظى الإسلاميون بشعبية كبيرة.