x

أسامة الغزولي أيام فى واشنطن (1 - 4) أسامة الغزولي الأربعاء 13-06-2018 06:07


كنت أستعد لزيارة واشنطن فى مارس الماضى لحضور الانعقاد السابع لمؤتمر حوار الشرق الأوسط الذى تنظمه سنويا، منذ العام 2012، منظمة الدراسات السياسية فى العاصمة الأمريكية، فى مارس الماضى. لكن ظروفا عائلية طارئة حالت دون ذلك، رغم حصولى على تأشيرة لم أرد أن أحملها بلا جدوى، فذهبت إلى واشنطن على موعد مع ثلاثة باحثين قابلت اثنين منهم، هما مارك تُولى من معهد الدين والديمقراطية، والثانى هو ترافيس واسو من لجنة الأخلاق والحريات الدينية. أما الثالث وهو ماثيو هوكينز، زميل واسو، فقد دخل المستشفى بسبب أزمة قلبية فاكتفيت بلقاء مع واسو، ولو إلى حين.

ينتمى الثلاثة إلى اليمين الإنجيلى الذى يعد أقوى كتلة سياسية اجتماعية فى أقوى بلد فى العالم. ويتمتع هذا اليمين اليوم بقوة كونية مصدرها أمران: القوة الاستثنائية لسياسات الهوية identity politics، وفى مقدمها الدين، فى السياسات الدولية اليوم، وانحياز إدارة ترامب للقوى اليمينية عموما، والدينية خصوصا. وقد تكون لجنة الأخلاق والحريات الدينية من معارضى ترامب، فكيف تعارضه وتستفيد من وجوده فى السلطة؟ هذه بعض خصوصيات الديمقراطية الأمريكية.

ذهبت للقائى مع مارك تُولى وفى ذهنى أن الحوار لابد وأنه سيدور – بناء على قراءتى للمشهد الأمريكى الراهن - حول ثلاث نقاط: الحرب ضد الإرهاب الأصولى، وآفاق السلام بين العرب وإسرائيل، والحريات الدينية فى مصر. وقد صدقت توقعاتى وهيمنت هذه النقاط على حوارى معه، الذى استغرق ساعة. ورغم أن مارك تُولى ومنظمته لا يمثلان إلا نسبة محدودة من اليمين المسيحى ومن الرأى العام الأمريكى، فما يشغلهما هو ما يشغل ترافيس واسو، محاورى الآخر، وهو ما يشغل صديقتى الباحثة التى التقيتها فى تشينا تاون وما يشغل سائقى التاكسى، من البيض والملونين وأهمهم سائق التاكسى الإثيوبى الأصل، الذى نقلنى إلى تشاينا تاون، وبائع الحلويات الأفغانى فى كشك قريب من فندقى، وجرسونات المطاعم فى الجزء الشعبى من الشارع الرابع عشر، حيث كنت أتناول طعام الغداء كل يوم توفيرا للنفقات.

تكاد الأسئلة، التى تشغل جميع الأمريكيين أن تكون واحدة، لكن الإجابات عليها تتنوع بتنوع التوجهات والانحيازات. ويبقى التنوع محكوما بإطار صنعته وحدة الأسئلة. ووحدة الأسئلة، أو تقاربها لدرجة التماثل، تعنى تماثل المنطلقات، وتعنى أيضا تقارب الغايات. أما تنوع الإجابات فيعنى، فى حالة ديمقراطية ناضجة مثل الديمقراطية الأمريكية، تنوع السبل الموصلة بين المنطلقات والغايات. وهذه علامة تماسك الجماعة السياسية رغم تعدد وتباين مكوناتها. فهل عرفت الآن لماذا تختلف منظمة مثل لجنة الأخلاق والحريات الدينية مع دونالد ترامب وتستفيد من وجوده؟.

وقد طرح «تُولى» تساؤلاته حول النقاط الثلاث التى ذكرتها، باعتباره باحثا يحاور صحفيا مصريا، وأوضح لى موقفه وموقف اليمين المسيحى الأمريكى منها، وهو ما سأبينه فى مقال تال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية