أطفال لا يرون آباءهم إلا فى ساحات المحاكم، أو تحت حراسة الشرطة، فى أماكن أقل ما يقال عليها إنها غير آدمية، ينفذ فيها الطرف الحاضن قانون الرؤية على الورق فقط ويمنع الطرف الآخر من حقه من المشاركة فى تربية طفله. «3 ساعات فقط» هى المدة التى حددها قانون الرؤية ليرى الأب أو الأم طفلهما أسبوعيا، أى ما يعادل 6 أيام فى السنة بإجمالى ثلاثة شهور خلال 15 عاما هى فترة الحضانة بموجب القانون 25 لسنة 1929. أكثر من 7 ملايين طفل يعانون من افتقاد أحد والديهم بموجب قانون الرؤية، الذى يرجع تاريخه إلى عام 1929، والذى يعطى كل الصلاحيات للطرف الحاضن بينما يحرم الطرف الآخر من أبسط حقوقه فى المشاركة فى تربية الطفل أو حتى الاستمتاع برؤيته. فى هذا الملف ترصد «المصرى اليوم» ملامح الأزمة، وتحاول أن تقرأ جميع جوانبها، من الآباء والأمهات، وبينهم أطفال لا يعرفون معنى كلمة «أسرة».
سامح حسن: رأيت طفلتى 5 مرات فقط.. وطليقتى تطاردنى بـ«محاضر خطف»
>المرأة المصرية تعرضت لخديعة كبرى.. فالقوانين التى اعتبروها إنجازاً لها عطلت حياتها وأفقدتها الكثير من الحقوق
«اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته» ذلك المثل الذى اتبعه سامح حسن، الذى يعمل معيدا فى إحدى الجامعات المصرية للتغلب على مشاكله الخاصة من خلال الاندماج فى مشاكل شبيهة لآباء حُرموا من رؤية أبنائهم.
رغم أن زواج سامح حسن (30 عاما) كان مبنيا على قصة حب فإن الأمر بدا مختلفا بعد الزواج، فلم تكد تمر ثلاثة أشهر على زواجهما حتى دبت الخلافات بينهما، وما زاد من اشتعالها تدخل أهل الزوجة الذى تحول إلى بلطجة - على حد وصف سامح - بعد أقل من عامين لم يعد قادرا على الاستمرار فى تلك الحياة، خاصة بعد اكتشافه أن زوجته رفعت ضده قضية نفقة وتبديد منقولات بيت الزوجية، وجاء حكم غيابى فى جنحة ضرب رفعتها زوجته ضده لتضع نهاية للعلاقة وبداية سلسلة من المشاكل التى لا تنتهى.
«استولى أهلها على الشقة ومنعونى من دخول البيت على أمل إنى هاخد حبس فى جنحة الضرب» قال «سامح»، مؤكدا أن المحكمة برأته من كل التهم المنسوبة إليه ومكّنته من منزله بالقوة الجبرية.
وبعد الطلاق انتقلت المشاكل إلى مرحلة الصراع على ابنته التى لم يتجاوز عمرها فى ذلك الوقت عاماً ونصف العام، وعندما تعسفت الأم فى تنفيذ الرؤية رفع دعوى ضدها وحصل على حكم برؤية ابنته فى إحدى الحدائق العامة لمدة ثلاث ساعات أسبوعيا. «شفت بنتى 5 مرات من خلال الرؤية وماستحملتش أشوفها بتتعذب وأنا بهزّأ نفسى بالطريقة دى، كانت بتبقى خايفة وطول الوقت بتصرخ وتعيط ووالدتها منعانى إنى أكلمها أو حتى ألمسها وتقولى تتفرج بس متلمسهاش»، قال «سامح»، مؤكدا أن أى محاولة منه للاقتراب من ابنته كانت تقابل من طليقته بتحرير محضر ضده تتهمه فيه بمحاولة خطف الابنة.
وكان أكثر المواقف تأثيرا هو دخول والدته المستشفى ورفض طليقته أن تترك الابنة تزور جدتها، رغم أن ابنته قاربت على السنوات الثلاث والنصف دون أن يراها أحد من عائلته.
لذلك يعتبر «سامح» الاستضافة الحل الوحيد الذى يمكّنه من رؤية ابنته بصورة لائقة تتعرف خلالها على كل أفراد عائلته، ويشعر بأنه يشارك فى تربيتها «نتيح للآباء فرصة الاستضافة وبعد كده ممكن نسيب الطفل يختار يعيش مع مين»، قال «سامح»، مشيرا إلى أنه ليس من حق الطفل أن يرفض الاستضافة إلا بعد التجربة لأكثر من مرة، ويرى ضرورة الاستعانة بالإخصائى النفسى والاجتماعى لتأهيل الطفل لفكرة الاستضافة.
تزوج «سامح» للمرة الثانية ووضع مع زوجته المحامية حنان خطاب اقتراحاً بمشروع قانون للرؤية يركز فى أغلب مواده على تطبيق الاستضافة، وتقدما به إلى وزارة العدل مطالبين بإصدار قرار يحول الرؤية التى يتم تطبيقها فى ثلاث ساعات أسبوعيا إلى 24 ساعة أو 48 ساعة يقضيها الطفل مع الطرف غير الحاضن سواء كان الأب أو الأم، وذلك فى حال كان الطرفان من نفس المحافظة، وثلاثة أيام فى حالة ما كانت المسافة الزمنية للسفر بين الطرف الحاضن وغير الحاضن تستوجب الراحة والمبيت، ومن الممكن أن تكون الاستضافة كل أسبوعين فى تلك الحالة مع مراعاة دراسة الطفل المحضون.
ويراعى الاقتراح تقسيم الأعياد الدينية وإجازتى منتصف العام ونهاية العام بالتساوى بين الطرفين.
كما طالبا بخفض سن الحضانة إلى سبع سنوات للولد وتسع سنوات للبنت مع عدم تخيير الطفل، واعتبار الامتناع عن انتقال الحضانة جريمة يعاقب عليها بالحبس.
واعتبرا التعديلات التى أُدخلت على القانون لرفع سن الحضانة باطلة لمخالفتها الشريعة الإسلامية، استنادا إلى آراء الأئمة الثلاثة الشافعى وأحمد ابن حنبل وأبوحنيفة، التى اختلف عنها رأى «المالكى» فى جواز بقاء البنت مع أمها حتى تتزوج مؤكدا أن الفتيات كن يتزوجن حينها فى عمر الحادية عشرة، مع إدراج أبناء المطلقين على قوائم الممنوعين من السفر، بحيث لا يتمكن الطفل من السفر إلا بعد موافقة الطرفين، وإن اختلف الأبوان فلا يسافر الصغير إلا بحكم قضائى نهائى.
وإذا تزوجت الأم خلال فترة حضانتها يقترح مشروع القانون أن تنتقل الحضانة وقتها إلى الأب، مباشرة، تليه أم الأب ثم أم الأم، مطالبين بتعديل ترتيب الحضانة لتكون للأم أولا ثم الأب ثم أم الأم ثم أم الأب استنادا لمشورة شيخ الإسلام ابن تيمية.
وطرحا فكرة أن يقوم المأذون الذى يعقد قران المطلقة التى انتهت فترة عدتها بإعلان مطلقها بزواجها حتى يتسنى له رفع قضية لضم أطفاله إن أراد ذلك، مع التشديد على ضرورة عودة الولاية بجميع أنواعها للأب، سواء كان حاضنا أم لا، خاصة الولاية التعليمية.
ويمنع سفر الأطفال إلا بعد موافقة الطرفين ويتم وضعهم على قائمة الممنوعين من السفر وإذا اختلف الأبوان فلا يسافر الصغير إلا بحكم قضائى نهائى مع ضرورة أن يختص مكتب تسوية المنازعات بإرسال مندوبين عنه من حملة مؤهلات اجتماعية ونفسية لمراقبة ومعرفة أحوال الطفل داخل منزل الحاضن، سواء كان الأم أو الأب وداخل المدارس فى غير وجود أى من الحاضن أو غير الحاضن.
وأوصى المشروع بالتعامل مع قضايا الرؤية والاستضافة معاملة الدعاوى المستعجلة، ولا يكون الأجل فيها لفترة تزيد على أسبوعين، وأن تتحول أحكام الرؤية تلقائيا إلى استضافة حيث تستغرق تلك القضايا ما يقرب من 5 أشهر فى المحاكم.
أما فى حالة امتناع الطرف الحاضن عن تنفيذ الرؤية أو الاستضافة فيقوم الطرف غير الحاضن برفع دعوى مستعجلة بإسقاط الحضانة مؤقتا، وفى تلك الحالة يكون انتقال الحضانة للطرف غير الحاضن مباشرة. ويركز مشروع القانون على بعض النقاط المادية، إذ يطالب فى حال الخلاف بين الطرفين على مصاريف علاج الطفل بألا يعتد بالشهادات الطبية غير الحكومية.
كما نص على وجوب إقامة الحاضنة فى المسكن الذى يخصصه لها طليقها وإلا يتم إلغاء المسكن، حيث أوضح سامح أنه بصدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعية تخصيص مسكن للحاضنة «المطلقة ليس لها أى حق فى مسكن الزوجية لأن بعض المطلقات يتزوجن زواجا عرفيا فى هذا المنزل أو تترك الشقة وتذهب للإقامة فى مكان آخر»، مشيرا إلى أن تمسك المطلقات بسن الحضانة الحالية ما هو إلا ستار يخفين وراءه رغبتهن فى الحصول على المسكن لأطول فترة ممكنة.
قال: «الست كده كده طالعة من الشقة ولو استنت انتهاء فترة الحضانة الحالية حتبقى فوق الأربعين وحتبقى ضيعت عمرها لكن لو رجعنا سن الحضانة 7 سنين للولد و9 سنين للبنت ممكن يبقى فيه فرصة إنها تتجوز وتبدأ حياة جديدة»، وأضاف أن المرأة المصرية تعرضت لخدعة كبيرة، فالقوانين التى اعتبروها إنجازا للمرأة عطلت حياتها وأفقدتها الكثير من حقوقها.
وتابع: «الكثير من الآباء الذين لا ينفقون أساسا على أولادهم يطالبون باستضافة الطفل كيدا فى الأم».. «هل تعتقد أن من حق الأب الذى لا ينفق على طفله أن يستضيفه؟»، سألته، فأجاب: «اللى مش بينفق على أولاده ده مش راجل أساسا ومجرم لازم يتحبس ملوش قوامة وطبعا مش من حقه الاستضافة، ده يتولع فيه وينفذ الرؤية بس لحد ما يتصلح أمره»، وقال إن 33% من دخل المطلق يخصص لأطفاله كنفقة وإن الغالبية يدفعون النفقة خوفا من الحبس الذى يمكن أن يتعرضوا له فى حالة الامتناع، وطالب المطلقات اللاتى لا يحصلن على نفقة أولادهن بأن يبلغن الشرطة ضد هؤلاء الرجال ليتمتعوا باستضافة الشرطة لهم - على حد قوله. وفى الوقت الذى يرى فيه ضرورة حبس الزوج الممتنع عن دفع النفقة يطالب فى مشروع القانون المقدم بإلغاء أجر الحاضنة فى حالة إذا ما كانت تعمل، موضحا أنها تحصل على هذا الأجر مقابل تفرغها لرعاية الطفل، وبنزولها إلى مجال العمل ينتفى شرط التفرغ.
أما الولاية التعليمية التى انتزعت من الرجل وفقا للمادة 54 من القانون 126 لسنة 2008 فطالب بعودتها إلى الرجل لمخالفة تلك المادة للشريعة الإسلامية - على حد تعبيره - حيث يستند إلى حديث للرسول صلى الله عليه وسلم «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» كما أكد على صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا لأحد الآباء بحقه فى الولاية التعليمية وطالب بتعميم ذلك الحق لجميع الآباء، ويعتبره حرمانا للأب من ممارسة حقه فى مباشرة تعليم أولاده وإجبارا له على إلحاق أبنائه بمدارس مرتفعة المصاريف، كما رفض فكرة الولاية التعليمية المشتركة لعجز أغلب الأطراف المنفصلة عن التفاهم والاتفاق. نسخ من مشروع القانون قدمها سامح إلى رئاسة الوزراء ووزارة العدل، ولم يحصل حتى اليوم إلا على إجابة واحدة «سندرس المقترحات ونعرضها على الأزهر»، بينما تصاعدت الاتهامات الموجهة إلى هؤلاء الآباء من جانب جمعيات حقوق المرأة التى وصفتهم بالبلطجية الذين يستغلون ظروف عدم الاستقرار فى الدولة فى محاولة للضغط لتمرير بعض القوانين دون خلق حوارمجتمعى.
بالطبع رفض «سامح» كل تلك الاتهامات، مؤكدا أنهم ناشطون على الإنترنت منذ فترة طويلة، لكنهم لم يجدوا منبرا يتحدثون من خلاله إلا فى تلك الفترة، مؤكدا أنه لو كانت تلك الاتهامات صحيحة لكان من السهل عليهم التحايل واختطاف الأطفال بدلا من المطالبة باستضافتهم.
وأشار إلى توقيع مصر على ميثاق الطفل العربى الذى ينص على حق الطرف غير الحاضن فى اصطحاب طفله ليوم أو يومين أسبوعيا، وأعلن رفضه لمفوضية المرأة التى أعلن رئيس الوزراء عصام شرف عن إنشائها، مطالبا بمفوضية للأسرة.
الجدة نورا: أطفال الرؤية أقل من اليتامى و«قوانين سوزان» سلبت حقوقنا
بعد زواج دام لأكثر من 9 سنوات قررت زوجته الانفصال عنه، ويقول جورج إنها قدمت إلى المحكمة مستنداً أردنياً يفيد بانضمامها إلى طائفة الروم الأرثوذكس وممارستها شعائرها، ومع تقديمه جميع المستندات التى تفيد بأنها لم تغادر مصر خلال تلك الفترة ولم تذهب إلى الأردن إلا أن المحكمة قضت بخلعها من زوجها.
رفع «جورج» قضية على مطلقته حتى يتمكن من رؤية ابنه لكنها تعسفت فى تنفيذ الحكم وواجهته بعدوانية شديدة وصلت إلى حد الإهانة ومع ذلك واصل تنفيذ الرؤية 15 مرة حتى فاض به الكيل ولم يعد قادرا على أن يرى ابنه بهذه الصورة المسيئة.. «ابنى بينادينى ويقولى (عمو بابا) وكأنى شخص غريب».
حاول إقناع طليقته بأن تسمح له برؤية ابنه مقابل ألف جنيه، على أن يقدم لها جميع الضمانات التى تطمئنها إلى أنه لن يخطف الطفل، حتى إنه لن يستطيع أن يهرب به خارج البلاد لأنها أضافته على جواز السفر الخاص بها.
«مادامت متمسكة بالقضاء خليه ينفعها وطول ما أنا بشوف الولد بحكم محكمة مش حدفع غير النفقة اللى تقررها المحكمة» قال جورج متمنيا أن يصدر قانون الاستضافة ليتمكن من رؤية ابنه 48 ساعة أسبوعيا فى أسرع وقت مع تخفيض سن الحضانة إلى 7 سنوات.
ولفت «جورج» إلى الرعب الذى يسيطر على زوجته إذا ما استضاف ابنه يومين فى الأسبوع، لأن ارتفاع مستوى المعيشة فى بيته سيجعل الابن يفضل الحياة معه ويتمرد على حياته معها، ويتمسك بالاستضافة لأنها ستتيح للطفل التعرف على عائلة الأب والاندماج فيها.
«طالما مش حتخلينى أشوفه ودياً وحفضل أشوف ابنى بصيغة تنفيذية أقدم البطاقة وأمضى حضور وأقعد أتفرج عليه.. يبقى أنا مش حصرف عليه مليم زيادة عن الذى تقرره المحكمة.. أنا مش متخيل أروح فى يوم أخطب له.. أقول للناس ايه.. جاى أخطب بنتكم اللى معرفهاش لابنى اللى ماربيتهوش؟!».
الجدة نورا: أطفال الرؤية أقل من اليتامى و«قوانين سوزان» سلبت حقوقنا
«حفيدتى هى الدم اللى بيجرى فى عروقى، هى روحى وتعويض عن عمرى اللى اتحرمت فيه من خلفة البنات» كلمات الجدة نورا التى انتظرت لسنوات طويلة لم ترزق خلالها إلا بالأولاد، وظنت أن زوجة ابنها ستكون البنت التى طالما تمنتها.
قصة الطلاق - كما تصفها - أغرب من الخيال، فلم يكن أحد يتخيل أن ينفصل ابنها عن زوجته بعد قصة الحب الكبيرة التى عاشاها خاصة أنه لم يكن يدخر أى مجهود لإسعادها، لدرجة أن زوجته كانت تذهب للعمل صباحا ولا تعود إلا فى المساء، بينما يبدو هو منشغلا فى الصباح بإعداد الطعام والذهاب بطفلته إلى والدته، وفى المساء يسخن الطعام الذى تحضره لهما والدته أسبوعيا ويجهز لها ملابسها التى ترتديها فى اليوم التالى، وكانت الزوجة فى نفس الوقت تقابل معاملة زوجها لها بتقدير شديد. فوجئت الجدة بتحول شجار بسيط بين ابنها وزوجته إلى خلاف كبير تركت بعده الزوجة منزل الزوجية لأكثر من ثلاثة أشهر، وطلبت الطلاق الذى وقع بالفعل بعد الاتفاق على صيغة عقد تتخلى فيه عن حقوقها وتحصل على أجر سكن ويتكفل هو بكل مصاريف طفلته على أن يراها لمدة 48 ساعة أسبوعيا، ويتكفل من يخطف الطفلة بدفع 100 ألف جنيه شرطاً جزائياً. لكنها سرعان ما تراجعت عن الاتفاق، وبعد سنة كاملة لم ير الأب أو الجدة فيها ابنتهما اكتشفا أن الأم وضعت الابنة على جواز السفر الخاص بها وسافرت بها إلى الخارج وكانت حماته تهدده «هاخليك ماشى وبنتك جنبك ومتعرفهاش».
وبالفعل لم يستطع الأب رؤية الطفلة إلا بعد أن تجاوزت الثانية من عمرها من خلال قانون الرؤية، وفى إحدى الحدائق العامة مصطحبا الجدة التى كانت الزوجة تستاء دوما من وجودها.
ولم يكن غريبا ألا تتعرف البنت على جدتها وتناديها «طنط» خاصة أنها لم ترها منذ أكثر من سنة، لكنه كان شعورا مؤلما للجدة التى رأت أنها أفضل حالا من الكثير من الجدات اللاتى تراهن أسبوعيا يختلسن النظر لأحفادهن من خلف سور الحديقة بعد أن منعتهن المطلقات من رؤية أحفادهن. ومن شدة تأثرها بتلك المشاهد قررت الجدة نورا الانضمام إلى جمعية إنقاذ الأسرة للمطالبة بتطبيق قانون الاستضافة بدلا من الرؤية التى لا تسمح للأب برؤية طفله لأكثر من ثلاث ساعات أسبوعيا. «أطفال الرؤية ماحصّلوش حتى اليتامى، ده أنا لو كفلت يتيم فى بيتى حقدر أشوفه وأخرج معاه، ابنى مش قادر حتى يكفل بنته ويستضيفها فى بيته يومين فى الأسبوع».. قالت الجدة نورا، مؤكدة أن قانون الرؤية يحول الأب إلى مجرد صندوق فلوس يمول فقط نفقات أولاده خاصة مع انتقال الولاية التعليمية للأم فلم يعد من حقه أن يساهم فى اختيار طريقة تعليمها. وطالبت بانتقال حضانة الأم إلى الأب فى حالة زواجها. «سوزان مبارك عملت القوانين دى عشان تدمر رجالة مصر وتخرب البيوت وتلهيهم عن اللى بيحصل فى البلد، والنتيجة إن قوانين المرأة سلبت من الرجل كل شىء لدرجة أن الرجل هو اللى بيطلب المساواة بالمرأة»، مشيرة إلى أن أى امرأة تحصل على الطلاق ترفع ما لا يقل عن 21 قضية على طليقها.
ورغم كل القضايا والمشاحنات تتمنى الجدة أن تعود زوجة ابنها إليه «أنا لسه بحبها وأتمنى أن تعيش حفيدتى بين أبيها وأمها».
حق الرؤية..«مطالب» الأب و«مخاوف» الأم
حول قانون «حق الرؤية» الذى صدر عام 1929، تدور معركة «المطالب والمخاوف» بين الآباء والأمهات ليبقى الأبناء حائرين وضائعين ما بين القانون والمشاعر. «المصرى اليوم» تعرض مطالب الآباء بإدخال تعديلات جذرية على هذا القانون، ومخاوف الأمهات من تلك التعديلات، وردودهن على الحجة بالحجة، بداية من معضلة اللجوء للقضاء للتمكين من الرؤية وحتى إقرار الولاية التعليمية والعلاجية للأب.