أعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن الولايات المتحدة قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فى وقت متأخر من مساء «الأحد» فى عملية كوماندوز فى باكستان، وأشار أوباما إلى أن قواته جلبت معها جثة بن لادن للولايات المتحدة، وتم التأكد فعليا من هويته بعد فحص الحمض النووى، قائلاً: «إن العدالة أخذت مجراها»، وأضاف: «قامت القوات الأمريكية بعملية سرية جريئة فى إسلام آباد، ولم يصب أى فرد من الاستخبارات بهذه العملية، وبعد فحص الجثة تأكد من أنه بن لادن».
وأشاد أوباما بمساعدة السلطات الباكستانية، وقال فى بيان ألقاه من البيت الأبيض: «هذا المساء بإمكانى أن أعلن للأمريكيين والعالم أن الولايات المتحدة قامت بعملية أدت إلى مقتل أسامة بن لادن قائد القاعدة والإرهابى المسؤول عن مقتل آلاف الأبرياء».
وقال أوباما إن المعلومات حول مكان تواجد بن لادن توافرت لديه منذ أغسطس الماضى وأنه عقد اجتماعا مع مسؤولى الأمن القومى وتعقبوا الأدلة حتى توافر ما يكفى من أدلة وأعطى أوامره بالقيام بالعملية، وأضاف أنه بعد تبادل إطلاق النار ومعركة بالأسلحة بين القوات الأمريكية وأتباع بن لادن، تم قتل بن لادن وتم الحصول على جثته. وأوضح الرئيس الأمريكى أن مسؤولين أمنيين باكستانيين ساعدوا فى «قيادتنا إلى بن لادن»، وأعرب عن شكره للرئيس الباكستانى آصف على زردارى على هذا التعاون.
وأوضح أن «قتل بن لادن يمثل أعظم إنجاز حققته أمتنا حتى الآن فى جهودها للقضاء على تنظيم القاعدة، لكن موته لا يعنى توقف جهودنا، ذلك أنه مما لاشك فيه أن القاعدة ستواصل هجماتها ضدنا، ولذا فإن من الضرورى أن نكون، وسنكون، فى غاية الحذر داخل بلادنا وخارجها». وأضاف: «فى إطار ذلك التصميم، علينا أن نؤكد أيضا أن الولايات المتحدة لم تكن، ولن تكون أبدا، فى حرب مع الإسلام، ولقد أوضحت بجلاء أن حربنا ليست ضد الإسلام، تماما كما فعل الرئيس السابق جورج بوش عقب وقت قليل من هجمات 11 سبتمبر 2001. فلم يكن بن لادن زعيما إسلاميا، بل كان قاتلا للمسلمين بالجملة، والحق أن تنظيم القاعدة ذبح العشرات من المسلمين فى دول عديدة من بينها الولايات المتحدة، ولذلك فإن ذلك المصير الذى لقيه بن لادن ينبغى أن يكون موضع ترحيب من كل من يؤمنون بالسلام والكرامة الإنسانية»، وأضاف أوباما موجها حديثه للأمريكيين الذين فقدوا أقرباءهم فى 11 سبتمبر 2001: «لقد حققنا العدالة اليوم» .
وقال أوباما، إن الشعب الأمريكى لم يدخل هذه الحرب مختارا، بل جاءت الحرب إلى بلادنا وبدأت بمذبحة حمقاء ضد مواطنينا. والآن وبعد 10 سنوات من تحمّل المصاعب ومن الكفاح والتضحيات، فإننا بتنا نعرف تماما الثمن الباهظ للحرب. لقد كان هذا العبء يثقل كاهلى، باعتبارى القائد الأعلى لأركان الجيش، فى كل مرة أضطر فيها لكتابة خطاب تعزية لأسرة فقدت فردا منها أو أنظر فى عينى جندى لحقته إصابة جسيمة أثناء الخدمة». وأضاف: «إذن، يعرف الأمريكيون ثمن الحرب، ولكننا كدولة لن نسمح أبدا بتهديد أمننا، ولن نقف مكتوفى الأيدى عندما يقتل أبناء شعبنا، ولن نتوانى فى الدفاع عن مواطنينا وأصدقائنا وحلفائنا.. سنكون مخلصين للقيم التى صاغت هويتنا التى نحن عليها الآن».
وفى أول تعليق له على النبأ، وصف الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش النبأ بأنه «إنجاز مهم». وأضاف إن «القتال ضد الإرهاب مستمر، لكن الليلة أمريكا بعثت برسالة لا لبس فيها ألا وهى أن العدالة ستتحقق مهما طال الوقت». وقال بوش فى بيان: «إن هذا الحدث يمثل نصرا للولايات المتحدة ولجميع الباحثين عن السلام فى أنحاء العالم»، فيما قال الرئيس الأسبق بيل كلينتون: «أنا أهنئ الرئيس الأمريكى والولايات المتحدة والفريق الأمنى والقوات العسكرية على تقديم أسامة بن لادن للعدالة بعد مرور عقد على هجمات 11 سبتمبر». وقال مايكل بلومبرج عمدة مدينة نيويورك: «إن أبناء مدينة نيويورك انتظروا عشر سنوات ليسمعوا هذا الخبر».
وبدوره، وصف رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون مقتل بن لادن بأنه «خطوة كبيرة للأمام» وبعثت «ارتياحاً كبيرا»، إلا أنه أكد ضرورة «الانتباه بشكل خاص» لخطر شن هجمات إرهابية انتقامية محتملة. وأضاف: «قبل كل شىء علينا أن نتذكر ضحايا التطرف المسموم الذى كان هذا الرجل مسؤولا عنه»، وقال: «بالطبع هذه ليست نهاية للتهديد الذى نواجهه من الإرهاب المتطرف. بالقطع، علينا أن نكون يقظين بشكل خاص فى الأسابيع المقبلة. لكن أعتقد أنها خطوة هائلة إلى الأمام».
وقال وزير الخارجية البريطانى وليام هوج إن مقتل زعيم القاعدة حدث «مهم للغاية»، ويمثل «ضربة خطيرة للغاية» للشبكة الإرهابية الدولية، ولكن ينبغى على العالم أن يكون «يقظا» حيث من المحتمل أن «ترغب القاعدة فى إظهار أنها مازالت نشطة».
من جهته، أكد رئيس الاستخبارات الباكستانية الليفتنانت جنرال أحمد شوجا باشا أن بن لادن قتل و3 من حراسه وأحد أبنائه الذى لم يذكر اسمه. وقال إنه تم القبض على 6 من أبنائه الآخرين و3 من زوجاته و4 من مساعديه.
وذكر مسؤول استخباراتى - اشترط عدم ذكر اسمه - أن العملية بدأت بعد منتصف الليل مباشرة واستمرت لساعات. وأضاف: «إن العملية الفعلية نفذتها قوات أمريكية خاصة وقامت القوات الباكستانية بدعمها»، وأضاف أن بن لادن قتل فى «عملية فائقة الحساسية»، وقال: «نعم أؤكد أنه قتل».
وقالت مصادر استخباراتية باكستانية، إن عناصر من «خدمات الاستخبارات الباكستانية(ISI) تواجدت أثناء العملية، ولم يتضح أى من العناصر - الأمريكية أو الباكستانية - هى التى أطلقت الرصاصات التى قضت على بن لادن، أكثر المطلوبين للولايات المتحدة والعالم أجمع بعد أن كانت واشنطن رصدت 25 مليون دولار لاعتقاله أو قتله.
استقبلت باكستان الرسمية التى تحارب تنظيم القاعدة وطالبان منذ سنوات مقتل بن لادن بارتياح كبير، واعتبرت أن مقتله يمثل انتكاسة كبيرة للمنظمات الإرهابية فى العالم، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية: «نفذت القوات الأمريكية هذه العملية تماشيا مع السياسة الأمريكية المعلنة التى تقضى بأن تقتل القوات الأمريكية بن لادن فى عملية مباشرة فى أى مكان يعثر عليه فيه فى العالم».
وبثت القنوات التليفزيونية الباكستانية صورا لجثة بن لادن، تظهر إصابة طفيفة فى عينه اليسرى وآثار دماء على جبهته، وتظهر ملامحه بوضوح فى الصور، التى ظهر فيها شعره القصير، كما تسنى رؤية أسنانه الأمامية حيث لم يكن فمه مغلقا تماما، وأظهرت الصورة شعر لحيته الكثيفة السوداء التى تغطى ذقنه وجانبى وجهه، غير أنه لم يتسن رؤية الطول الكامل للحيته الشهيرة.
وفى أفغانستان، صرح الرئيس حامد كرزاى بأن زعيم تنظيم القاعدة الذى قتل على يد القوات الأمريكية، «عوقب على أفعاله»، داعيا طالبان إلى تعلم الدرس من مصيره الذى لاقاه، وقال كرزاى إن بن لادن ومعاونيه قتلوا الآلاف من الأفغان قبل أحداث 11سبتمبر 2001وبعدها. وأوضح أن طالبان يجب أن تتعلم الدرس من مقتل بن لادن «إن لم يكن تعلموه بعد»، وأن تنضم إلى عملية السلام فى البلاد.
وأشار إلى أن وجود بن لادن فى باكستان أثبت للعالم أجمع أن أفغانستان كانت على حق «عندما قلنا إن الحرب ضد الإرهاب ليست فى أفغانستان». وأضاف: «أريد أن أبلغ حلف شمال الأطلسى (ناتو) بأن الحرب ضد الإرهاب ليست فى منازلنا أو قرانا، وليست فى تفتيش منازلنا. عليهم التوقف عن ذلك».
وأكدت حركة طالبان الأفغانية نبأ مقتل أسامة بن لادن فى باكستان - بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى»، كما هددت حركة طالبان. باكستان التى نفت فى البداية نبأ مقتل بن لادن، بمهاجمة أهداف باكستانية وأمريكية.
وقال المتحدث باسم طالبان باكستان، إحسان الله إحسان، من مكان لم يكشف عنه: «إذا استشهد (بن لادن) فسننتقم لمقتله ونشن هجمات ضد الحكومتين الأمريكية والباكستانية وقواتهما الأمنية». وأضاف أن «هؤلاء الأشخاص هم فى الحقيقة أعداء الإسلام». وأكد المتحدث أن الحركة نفسها لم تتمكن من تأكيد مقتل بن لادن الذى أعلنه الرئيس الأمريكى باراك أوباما. وأضاف «إذا استشهد بن لادن، فأن ذلك نصر عظيم لنا، لأن الشهادة هى هدفنا جميعا».
كانت قناة «جيو نيوز» الباكستانية قالت إن حركة طالبان باكستان نفت فى البداية ما أعلنته واشنطن بنجاح قواتها فى قتل بن لادن. وفى الوقت نفسه، اعترف أحد عناصر تنظيم قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب «بمقتل الأب الروحى للتنظيم أسامة بن لادن»، مشيرا إلى أن الأمر يشكل فاجعة بالنسبة لأنصاره.
ومن جانبه، قال عبدالسلام ضعيف، سفير طالبان السابق لدى باكستان، إن مقتل بن لادن «لن يؤثر على الحرب فى أفغانستان، فهى نضال يقوده الأفغان». وقال ضعيف - الذى كانت عناصر استخبارات أمريكية قد اعتقلته فى إسلام آباد عقب إسقاط نظام طالبان ونقلته إلى سجن جوانتانامو - إن عملية القتل أوضحت أن بن لادن لم يكن فى أفغانستان وأن الوجود الأمريكى «احتلال جائر».
وقال ضعيف: «بالتأكيد سوف ينزعج جميع المسلمين» بشأن قتل بن لادن. وأضاف: «هذا هو الجهاد، فإذا ظل على قيد الحياة فهو ناجح ولكنه عندما يموت يصبح هو المنتصر الحقيقى». وقال: «أنا كمسلم أشعر بأن أى شخص يموت شهيدا على يد الأمريكيين أو غير المسلمين أمر لا يمكن التسامح بشأنه». ويسود الانقسام بين الأفغان بشأن مقتل بن لادن.
وبدوره، اعتبر الداعية السلفى الإسلامى عمر بكرى فى طرابلس أن المنطقة العربية خسرت «قائدا باستشهاد» أسامة بن لادن، متوقعا «عمليات انتقام» فى أوروبا لمقتله. وقال بكرى إن «نبأ استشهاد الشيخ أسامة محزن ومفرح فى الوقت نفسه».