x

د. شوقى علام مفتى الجمهورية لـ«المصرى اليوم» (3): صيام الأمم السابقة لا يشبه صيام المسلمين

السبت 19-05-2018 06:37 | كتب: أحمد البحيري |
الدكتور شوقي علام في حوار للمصري اليوم الدكتور شوقي علام في حوار للمصري اليوم تصوير : حسام فضل

فى الجزء الثالث من حواره الشامل لـ«المصرى اليوم» خصص الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، جل كلامه عن الصيام والصور التى كان عليها قبل ظهور الإسلام وهل كانت هناك أيام محددة له، مستعرضًا الحكم الشرعى فى إثبات رؤية أهلة الشهور الهجرية، وقيمة صلة الرحم فى شهر رمضان المبارك وفى كل الأوقات.

وإلى نص الحوار:

■ قال الله تعالى: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}.. هل يمكن أن تبين لنا كيف كان الصيام قبل الإسلام؟ وهل كانت هناك أيام محددة له؟

- هذه الآية تحديدا تدل على أن الصيام فرض على الأمم السابقة قبلنا أيضًا، ولم يرد فى حديث صحيح تحديد أى الأمم فرض عليها الصيام أولاً، ومما هو مقطوع فيه أن صيام من سبقوا من الأمم ليس مثل صيام المسلمين وإن كان الجميع يشتركون فى هذه العبادة العظيمة، ما يعنى أن دين الله واحد وإن تعددت الرسل والرسالات، دين الله واحد فى أصوله ومقاصده، وقد أشار إلى ذلك فى محكم كتابه بقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}، أما عن كيفية صيام وزمن من سبقوا فليس لدينا شىء واضح يبين ذلك وكل ما لدينا ما ثبت فى السنة حول صيام داوود، وصيام موسى ليوم عاشوراء، وروى البخارى ومسلم فى صحيحيهما أن عبدالله بن عمرو قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت. فقلت له: قد قلته بأبى أنت وأمى، قال: «فإنك لا تستطيع ذلك فصم وافطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر»، قلت: إنى أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يومًا وافطر يومين، قلت: إنى أطيق أفضل من ذلك، قال: «فصم يومًا وافطر يومًا فذلك صيام داوود عليه السلام وهو أفضل الصيام»، فقلت: إنى أطيق أفضل من ذلك. قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا أفضل من ذلك». وعن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بنى إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه.

وعن عائشة، رضى الله عنها، قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش فى الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه. وذكر ابن كثير، رحمه الله، أن الصيام الذى كتب على من قبلنا من الأمم شهر كامل عند بعض أهل العلم وعند البعض الآخر ثلاثة أيام، وذكر آثارًا تشهد لذلك عن الصحابة رضى الله عنهم.

■ هل هناك حكم شرعى لإثبات دخول الشهر القمرى فى حساب الفلك؛ وهل هو أولى فى تحديد الرؤية فى عصرنا الحالى؟

- دار الإفتاء المصرية تسير حاليًا وفق خطة أظن أنها أرشد الخطط فى هذا الأمر؛ وهى تستعين بالرؤية البصرية سواء أكانت بالعين المجردة أو بالعين المسلحة التى تعتمد على استخدام المراصد والآلات بالإضافة إلى الحساب القطعى؛ فعندما يتقرر وفقًا للحساب أن الهلال قد نزل قبل الشمس بدقيقة أو دقيقتين فهذا أمر متفق عليه بين كل الحاسبين فى هذا المجال، ولدينا هنا سبعة مراصد فى الجمهورية فإذا أتى إليَّ شخص وقال إنه قد رأى الهلال فى حين أن الحساب يقر بأنه لم يره يتم حينئذٍ تصديق الحساب فهو هنا ينفى. على النحو الآخر، إذا قرر الحساب أن هذا القمر ينقص بعد الشمس بثلاثة دقائق بينما جاء أحد الأشخاص وأقر برؤيته حينئذٍ فالحساب يؤيد قول الشخص ويكون إذن هذا الشخص قد رأى بالفعل الهلال. ولم يحدث عبر أربعين عامًا نتبع خلالها هذه الطريقة إن وقع اختلاف؛ فلم يقل أحد إن الهلال موجود فى حين إن الحساب ينفى وجود الهلال ولم يكذب أحد رؤية الهلال فى الوقت الذى أكد الحساب فيه رؤيته، بالإضافة إلى ذلك، فإن أربعين عامًا من الرؤية تعد وقتًا كافيًا وجديرًا بالثقة؛ حيث تم خلال هذه المدة الطويلة رؤية الهلال ثمانين مرة، فالأمر ينطبق كذلك على هلال شهر شعبان، ونحن فى مصر نقوم بذلك مرة كل شهر، بما يعادل أربعمائة وثمانين مرة طوال 40 سنة، ما يؤكد نجاح هذه الخطة.

■ ما قيمة صلة الرحم فى كل الأوقات وخاصة فى شهر رمضان المبارك؟

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يبسط فى رزقه وينسأ فى أجله فليصل رحمه» ومعنى ينسأ أى يؤخر، وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلة الرحم تزيد فى العمر» وهى من محاسن الأخلاق التى حث عليها الإسلام ودعا إليها وحذر من قطيعتها. فقد دعا الله عز وجل عباده بصلة أرحامهم فى تسع عشرة آية من كتابه الكريم، وأنذر من قطع رحمه باللعن والعذاب فى ثلاث آيات. ولهذا دأب الصالحون من سلف الأمة على صلة أرحامهم رغم صعوبة وسائل الاتصال فى عصرهم. أما فى وقتنا المعاصر فرغم توافر مختلف وسائل النقل والاتصال إلا أنه لا يزال هناك تقصير فى صلة الرحم، إن أدنى الصلة أن تصل أرحامك ولو بالسلام. روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بلوا أرحامكم ولو بالسلام» فالأحرى فى شهر الصيام أن تصل رحمك فإن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله.

وقد نهى النبى عن قطيعة الرحم وشدد على وصله؛ لأن صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر، فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه»، وصلة الرحم زيادة فى الرزق والعمر، وسبب فى عون الله وتأييده. جاء رجل إلى النبى فقال: إن لى قرابة أصلهم ويقطعوننى وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون على، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم الملَّ، أى تطعمهم الرماد الحارـ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك.

وصلة الأرحام تكون سببًا فى مضاعفة الحسنات، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وهى على ذى الرحم ثنتان، صدقة وصلة»، كما أن صلة الرحم طاعة لله عز وجل، فهى وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى مثنيًا على الواصلين و{الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}، لأن صلة الأرحام تكون فى شهر الصيام وفى غيره من الشهور، تؤدى إلى شيوع المحبة بين الأقارب، فبسببها تشيع المحبة، وبهذا يصفو عيشهم وتكثر مسراتهم، كما أن الإنسان إذا وصل رحمه وحرص على إعزازهم أكرمه أرحامه وأعزوه وأجلوه وسودوه وكانوا عوناً له.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية