x

د. شوقى علام مفتى الجمهورية لـ«المصري اليوم» (٢): رمضان شهر العمل.. ولا مجال فيه للكسل

الجمعة 18-05-2018 05:01 | كتب: أحمد البحيري |
الدكتور شوقي علام في حوار للمصري اليوم الدكتور شوقي علام في حوار للمصري اليوم تصوير : حسام فضل

يواصل الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، حواره مع «المصرى اليوم»، وفى هذه الحلقة يتحدث عن أفضل الأعمال الواجبة على المسلم فى شهر رمضان المبارك، وعن قيمة الإحسان، ويرد على الذين يعتقدون أن رمضان هو شهر الكسل، فلا يؤدون واجباتهم الوظيفية.

الحرص على أداء الصدقة من الأعمال المستحبة فى شهر الصيام

■ ما الأعمال المفضلة التى يجب على المسلم القيام بها والحرص عليها فى شهر رمضان؟

- يأتى الصوم، فى أفضلية الأعمال فى رمضان، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف» ولأن الله تعالى قال: إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلى، للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، ولأن الله تعالى جعل فيه المغفرة فقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه».

كما أن من أفضل الأعمال فى رمضان أيضًا قيام الليل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه»، فقد كان قيام الليل دأب النبى وأصحابه، فمهما كانت حالتك فاحرص على القيام لقول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: «لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدًا»، والتزم بذلك أصحابه حيث كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يصلى من الليل ما شاء حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة ثم يقول لهم: الصلاة، الصلاة.. ويتلو: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى».

ومن الأعمال المستحبة فى رمضان الحرص على أداء الصدقة، فقد كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة فى رمضان»، لما لها من مزية وخصوصية فعلى الجميع المبادرة إليها والحرص على أدائها ولتكن فى عدة صور منها إطعام الطعام: لقول الله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا}؛ فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات.

ومن الأعمال الجليلة فى رمضان إفطار الصائمين لما له من أجر عظيم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، كما أن قراءة القرآن الكريم فى رمضان من الأعمال الجليلة التى يثاب عليها المسلم، وأيضًا كثرة الذكر وصلة الأرحام وتحرى ليلة القدر.

■ يعتقد البعض أن رمضان شهر الكسل والخمول فلا يؤدى واجباته كما ينبغى.. فما فضل وقيمة العمل فى رمضان واستغلال الوقت؟

- لقد حض الإسلام والشريعة الإسلامية من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على العمل وبذل الجهود واستخدام كل الطاقات البشرية لاستخراج خيرات الأرض وعمارتها، وإنماء الحياة الاقتصادية وتحريكها فقال تعالى: {هو الذى جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}.

والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم حثنا على العمل، والكسب بالمباحات، وأكل الحلال من عمل اليد، ولو كان حطبًا يحتطب أو حشيشًا يقلع، فقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتى الجبل فيأتى بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه»، وعليه فالعمل شرف لنا ولو كان فيه المشقة، والسؤال ذلٌّ لما فيه من حط الكرامة وإهانة النفس، أما الاعتماد على كسب اليد وعرق الجبين، فهو عمل رابح دائمًا موفر للكرامة وعزة النفس، هذا بالنسبة للعمل على الإطلاق فما بالنا بالعمل فى الشهر الكريم الذى تتضاعف فيه الحسنات والأعمال الصالحات.

فعلينا أن نؤدى أعمالنا فى رمضان على الوجه الأمثل، حتى تثمر وتنمو، لأن التهاون ينزع منها البركة، وعليه لا بد من الإتقان فى العمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، فإتقان العمل مسألة ضرورية وهامة، وأمانة كبرى، وإلا فهى خيانة وجريمة، يرتكبها العامل فى حق صاحب العمل، ويحاسب عليها فى الدنيا والآخرة، ويحرص أن يأكل من عمل يده امتثالاً لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده».

وبالعمل يتحقق لنا الجزاء العادل فى الدنيا، لأنه يوفر للأمة دخلاً عامًّا يرفع من اقتصادها، ويحميها من الضعف والفقر، لكن لا بد أن نجتهد فى العمل ونتقن أعمالنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» فإتقان العمل مسألة مهمة جدًّا وأمانة علينا ألا نضيعها.

■ ما قيمة الإحسان فى شهر رمضان المبارك؟

- حقيقة الإحسان تعتمد على أمرين أولهما تجويد الأمر فى كل شيء وثانيهما المراقبة حتى يصل إلى أعلى درجات الإتقان، للوصول إلى معنى الحديث الشريف: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، ورمضان يشكل فرصة عظيمة للعمل الخيرى والإحسانى، والذى يتمثل فى حسن العبادة وحسن معاملة الناس والحرص على المطعم الحلال والبعد عن كل ما حرمه الله تعالى علينا، وابتغاء مرضاة الله تعالى فى كل الأمور.

ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أهل الإحسان فى العمل، وجعلهم من أعلى المراتب، فهى منزلة لا يبلغها إلا المقربون؛ ولذا كان لمن أراد أن يبلغ هذه المرتبة شروط لا بد من معرفتها وتطبيقها؛ حتى يبلغ العبد مرتبة الإحسان فى الأعمال والأحوال والأوقات.

وهناك شروط ينبغى أن يراعيها المسلم فى عمله وإحسانه هذه الشروط أنه لا بد أن تكون أعماله وخاصة فى رمضان، موافقة للكتاب والسنة، وأن يكون العمل خالصًا لوجه الله تعالى، فإن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار وعملاً بالنهار لا يقبله إلا بالليل، كما أنه عليه مراقبة الله تعالى عند القيام بهذا العمل.

ويجب على المسلم أن يكثر من الإحسان والعطف على الفقراء والمحتاجين ومد يد العون والمساعدة لهم خاصة مع ضيق الرزق الذين يعانون منه هذه الأيام، فأهل العلم قالوا: «إنَّ الصدقةَ الحلالَ الـمُخرجةَ من المال تَقرُّبًا إلى الله تعالى واحتسابًا للأجر منه سبحانه يُباركُ اللهُ عزَّ وجل فى مال صاحبها بالبركةِ الخفيةِ التى تحصلُ فى مال صاحبها»، وذلك لقوله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وحتى يشمله قول النبى صلى الله عليه وسلم: «سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ فى ظِلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه» منهم «ورجلٌ تصدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِمالُه ما تُنفق يمينُه».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية