«يستطيع الفرد أن يحيا بمفرده فقط إذا كان إلهًا أو حيوانًا مفترسًا».. هكذا تحدث أرسطو، أما الفيلسوف- كما يقول فريدريك نيتشه- فهو الذى يستطيع الجمع بين الاثنين.
«إلى معلمى وملهمى حسن سليمان الذى بدونه لم يكن فى مقدورى أن أحقق هذا العمل».. بهذا الإهداء أطلقت جرّاحة التجميل والفنانة التشكيلية هبة حسين، معرضها الأول بعنوان «العزل الأكبر»، والذى يدور حول ما تناوله أرسطو ونيتشه فى مقولتيهما السابقتين، فبعد مشوار طويل من مشاغل الحياة وممارسة الطب، قررت هبة حسين نفْض الغبار عن موهبتها الفنيّة، لتخطو أولى خطواتها الاحترافية فى مجال الفن التشكيلى، وهوايتها الأثيرة، فى معرضها الذى انطلق الأحد الماضى، فى «جاليرى مصر». تقول «هبة» لـ«أيقونة» إن المعرض يضم فى مجمله بورتريهات كلها لسيّدات معظمهن فى غرفة مغلقة أو أمام مرآة، ولا تجد «هبة» تبريرًا لكون المعرض نسائى إلى هذا الحد، حيث خرج منها التعبير تلقائى دون قصد، لكنها عبّرت عن ذلك بقولها «يمكن كنت برسم نفسي».
وتوضّح هبة أن لوحات معرضها الأول تضم ألوانًا صارخة مثل الأحمر والأصفر وليست هادئة كالأزرق مثلًا، وحيث عالجت الظل بشكل جديد عن المُعتاد فى الفن التشكيلى، بلون مُشتق من البنفسجى مائل إلى الأزرق.
وعن عنوان المعرض الذى قد يكون موحيًا بمعناه، تقول «هبة»: «الحياة التى نعيشها قائمة على المبادئ والمُثل سعيًا نحو غايات كبرى، مما يجعل الإنسان فى نهاية المطاف يشعر بالوحدة والغُربة، حيث لا يكون هناك من يرغب فى مصاحبته، خلال رحلته على هذا الطريق الصعب، وهذا هو الثمن الذى يدفعه الشخص منا راضيًا إذا ما أراد أن يكون متفردًا، مثابرًا، متأملًا طوال الوقت فى هذا العالم الذى يُغرينا أن نسترخى، ونتكاسل بدلًا من أن نُبدع، فتصبح الوحدة هى المكان الوحيد الذى يتيح لنا الفرصة لكى نحقق أحلامنا».
وقال الفنان الكبير سمير فؤاد إن «معرض الصديقة جراحة التجميل المرموقة والفنانة هبة حسين تجسيد ناجح لعشقها للفن الذى ولعت به، ودرسته على يد الفنان الكبير حسن سليمان فى منتصف الثمانينيات، ثم جرفتها متطلبات الحياة ومهنة الطب، لكن جذوة الفن ظلت متقدة بداخلها تلح عليها، ثم تأججت مع كم الإصرار والمُثابرة التى تسبك معدن الفنان فكان هذا المعرض، مثل العديد من الفنانات المعاصرات تتمحور أعمال هبة حسين حول المرأة، تصورها بلغة تعبيرية ذات مسحة ميتافيزقية، بطلات لوحاتها وحيدات محصورات داخل غرفة، بالرغم من أنها أحيانا تترك لهن مساحة من الحرية عبر نافدة مفتوحة على الفضاء الخارجى أو جالسات فى شرفة ذات سياج غليظ، إلا أن نظرات أعينهن الساهمة الشاردة التى تنظر للداخل أكثر مما ترنو للخارج تجعل من هذا الفضاء الخارجى الذى يمثل الأمل فى الحرية هدف عسير المنال، ولكن الصلابة التى شكلت بها الفنانة أجساد نسائها والتى تشى بالإصرار جعلت الأمل حاضراً والهزيمة غير واردة».