في أحدث تصريحات لرئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية حاليا، عبر نوري المالكي عن رغبته بفتح صفحة جديدة مع الجميع داخليا وخارجيا تستند على قاعدة المصلحة الوطنية.
وقال المالكي: «قراري ألاأبقي خلافا مع أحد، ولا أريد أن احتفظ بعلاقات متشنجة أو أي قطيعة مع أي طرف سياسي، ولا أتعامل بالأحقاد والتآمر».
أما بخصوص التجاذبات التي يخضع لها العراق، يرى المالكي أنه من الضروري أن تكون العلاقات الثنائية مع دول الجوار والاقليم مبنية على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. طالبا من السعودية أن تتخلى عن سياستها قبل المضي قدما في بناء علاقة مع العراق سواء كانت سياسية أو اقتصادية، فبحسب المالكي أن السعودية فشلت في مكان آخر وتريد الدخول للعراق عبر البوابة الاقتصادية بغرض سحب العراق من تحت السيطرة الإيرانية، التي لا يمكن أن تسمى سيطرة بالمعنى الذي تراه الرياض.
وفي نفس الوقت قدم المالكي طرحا واضحاً وعملياً حول علاقة بلاده بالجوار قائلا «إذا تركت السعودية سياستها وتريد انفتاحا حقيقيا، فنحن نرحب بذلك، ولكن تكون علاقة بغداد بالرياض بهدف تطويق طهران. وأنا لست إيرانيا ولا أمريكيا، أنا مع مصلحة العراق، وأدعو للحياد ولن يكون العراق مع أي محور ضد الآخر». مضيفا أن زمن الشعارات الكبيرة انتهى، وآن الأوان للدولة الوطنية أن تكون هي الحقيقة الواقعة. والدولة الوطنية تحتاج إلى إقامة علاقات متوازنة مع الجميع بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
وبالحديث عن الانتخابات التشريعية العراقية التي ستجري في الـ 12 من الشهر الجاري، وتعتبر حدثا مهما بالنسبة للعراق وللمنطقة، يعتقد المالكي أن منهج المحاصصة الذي اعتمد في اختيار الحكومات الثلاث السابقة قد تم تجريبه، ولم يخرج العراق منه بنتيجة. ولا بد من الذهاب لمشروع وطني أكثر شمولية، وهو مشروع الأغلبية السياسية أو الأغلبية الوطنية. معتقدا أن من يدعمون هذا المشروع هم الأكثر، بحسب قراءات الشارع العراقي.
أما بخصوص الجدل المثار حول ترشيح حزب الدعوة من خلال قائمتين، وأن هناك اتفاق على الدمج بينهما بعد إعلان النتائج يقول المالكي «نزول حزب الدعوة في قائمتين لكل واحدة رئيسها، هو تدبير انتخابي، وبعد الانتخابات تدمج النتائج، ولكن دمجها لا يعني من هو رئيس الوزراء». مضيقا أن هناك وثيقة وقع عليها حيدر العبادي وهي موجودة، ونفيه لها لمكاسب تتعلق به، هذا شأنه. معتبرا أن رئاسة الوزراء متروكة للتحالفات. ولن تكون هناك كتلة واحدة مسيطرة بل عدة كتل تشكل تحالفا، والأكبر منها ستكون الأغلبية القادرة على تسمية رئيس الوزراء المقبل.
أما عن سعي المالكي شخصيا لمنصب رئيس الوزراء قال «لا أنفي ولا أثبت. ولاأريد أن أقول إني أطمح أو لا أطمح». تاركا الباب مفتوحا لكثير من الاحتمالات بقوله أيضا إنه «مع أي شخص يأتي عبر السياقات القانونية، وأن أي مخالفة في تعيين رئيس الحكومةسيطعن في شرعية العملية السياسية».
وعن مخاوفه من تزوير الانتخابات والتلاعب بالنتائج قال المالكي «أخافمنالتلاعبفيالانتخابات، ومخاوفي تستند على معلومات ترد إلينا عن وجود مخطط خارجي للتزوير باستخدام أحدث التقنيات» متسائلاً، كيف لا نتخوف من التلاعب والتزوير، وأمريكا تخضع لتحقيق مفتوح حول تدخل روسي مزعوم بانتخاباتها، وهي دولة رائدة ومتقدمة في التكنولوجيا، وما هي فرص العراق من النجاة من عملية تزوير إن وجدت.
يقر المالكي أن مخاوفه لا تقف عند التزوير فقط، بل تتعداها إلى ما بعد إعلان النتائج حيث يقول «إنالحروبالأهليةتحدثعادةبعدالإحصاءالسكاني،أوبعدالانتخاباتإذاكانتنتائجهامزورة،ولاأريدانزلاق البلد لحربأهلية». تخوفات المالكي تأتي في سياق التحذير من خطورة المساس بجوهر العملية السياسية والديمقراطية في العراق.
يعتقد المالكي أنه كان هدفا مباشرا لعملية تسقيط سياسي، استخدمت في الدعاية الانتخابية، حيث أن جميع ما يطرح حول ملف الموازنات الحكومية في عهده لمدة 8 سنوات وتضخيم الأرقام، ليس دقيقا ولا يوجد فيه مقاربة من الصواب. طالبا من الجميع الرجوع إلى الأرقام الحقيقية والتثبت منها. وفيما يخص ملف سقوط الموصل بيد تنظيم «داعش» الإرهابي، يحمل المالكي جزءا كبيرا من المسؤولية إلى مخطط إقليمي لضرب العراق أمنيا شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر أو غير مباشر. مستشهدا بكلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول دور الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى العراق.
وتعقيبا على ما سبق يزعم المالكي أن دخول تنظيم داعش الإرهابي للعراق، كان لمعاقبته حيث تم الاتفاق على ذلك من قبل عدة أطراف، بسبب رفضه الوجود الأمريكي في العراق، ووقوفه بشدة ضد سقوط سوريا، قائلا «لا يوجد مرة دخلت فيها الجيوش الأمريكية لبلد وخرجت منه رغما عنها، وإذا سقطت سوريا ستسقط العراق والأردن ويختل توازن المنطقة».
أخيرا يُعرف نوري المالكي بأنه مهندس التحالفات السياسية الأمهر في العراق، ولديه قدرة عالية على إدارة تحالفاته بتوازن يضمن له البقاء في الساحة السياسية. وسواء اختلفت معه أو اتفقت معه، فلا بد من القول إن الرجل تعرض لحملة تسقيط وتشويه ممنهجة. وبرغم ذلك ما زال يعتقد أن مشروع الأغلبية السياسية أو الوطنية هو الذي سيفرض وجوده في المشهد السياسي العراقي المقبل.