«انتبه.. هنا سد عالى جديد.. قناطر أسيوط الجديدة.. حلم مصرى تحدى المستحيل، بعد فشل الخبراء الأجانب فى إصلاح عيوب فنية تعوق تنفيذ المشروع».. العمال فى سباق مع الزمن لإنجاز المشروع الذى تم الانتهاء من 99% من إنشاءاته، والأهالى فى انتظار اكتمال الحلم بافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى للقناطر الجديدة، خلال العام الجارى.
وسط مئات العمال، يروى عم محمد يحيى، فنى تركيبات بالمشروع، تفاصيل الملحمة التى تمت بأيد مصرية، ليثبت المصريون للعالم أنهم قادرون على تحدى المستحيل.
ويضيف: «فوجئنا أثناء تركيب إحدى البوابات الخاصة بعيون القناطر بعدم مطابقتها للمجرى الخاص بها، وبمعاينتها وجدنا أن بها عيب صناعة، ما دفع المهندس الألمانى المشرف على المشروع إلى استدعاء فريق من الخبراء الألمان من الخارج لحل هذه المشكلة الكبيرة، خاصة أن هذه البوابات تم استيرادها من الخارج واستيراد بديل لها يعنى الانتظار 6 أشهر وتعطل المشروع، وبالفعل وصل الفريق الألمانى وبعد مضى 10 أيام أعلن الخبراء فشلهم فى إصلاح المشكلة، وطلبوا استبدال البوابة».
وتابع: «تدخلنا كفنيين مصريين وطلبنا مهلة 48 ساعة لإصلاح المشكلة، وبالفعل تمكنا من إصلاحها وتركيبها فى مشهد صادم للخبراء الألمان، الذين أكدوا استحالة تصليح البوابة، ليشهد الجميع لنا بالكفاءة وقاموا بتكريمنا».
والمشروع، بحسب المهندس ياسر الدسوقى، المحافظ، يعد أكبر مشروع مائى على نهر النيل، حيث تساهم القناطر الجديدة فى تحسين الرى بزمام 1.65 مليون فدان بـ5 محافظات، بالإضافة إلى تحسين الملاحة النهرية وذلك بعد إنشاء هويسين ملاحيين من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى إنتاج طاقة كهربائية نظيفة من خلال محطة توليد كهرومائية بقدرة 32 ميجاوات.
وفى إطار المشروع، تم توفير محور مرورى جديد عن طريق كوبرى علوى حمولة 70 طن أعلى القناطر الجديدة لربط شرق وغرب النيل، وتوفير منظومة تحكم على أحدث النظم العالمية للتحكم فى التصرفات والمناسيب.
ففى وسط النيل، وعلى عمق 48 مترا تحت مستوى سطح الأرض، يوجد الهويس الملاحى الذى يسمح بمرور السفن العملاقة التى كانت تتوقف عند حدود أسيوط لعدم قدرتها على المرور من المعبر القديم، ولكن مع هذا المعبر سوف تتغير الصورة.
ويقول المهندس طارق محمد النجار، مسؤول التركيبات بشركة السد العالى، نائب مدير مشروع قناطر أسيوط، إن الهويس الملاحى يضم حارتين، كل منهما بعرض 17 مترا تقريبا لاستيعاب مرور السفن العملاقة بما يسمح بمرور عبّارتين فى نفس التوقيت شمالا وجنوبا، فضلا عن إنشاء 4 مراس للسفن لوضع المحافظة على خريطة السياحة النيلية بما يسمح للسياح بالتوقف والتجول داخل معالم أسيوط الأثرية، خاصة أن أسيوط تضم آثارا فرعونية ومسيحية وإسلامية.
وفى وسط القناطر، تظهر واضحة العيون الوسطى للقناطر الجديدة والتى تضم 4 فتحات مثبتة على بواباتها 4 توربينات عملاقة لتوليد الكهرباء لتغذية المحطة الملاصقة للقناطر، والتى ستمد الشبكة القومية بـ32 ميجا وجهد 66 ألف وات. وعلى الرغم من استخدام التقنيات الحديثة فى إنشاء القناطر، إلا أن «روميل» أصبحت المعدة الأكثر انتشاراً وشهرة وسط جميع العاملين فى المشروع، خاصة أن «روميل» ونش قديم يتم استخدامه فى الشركة منذ عام 1970 ومازال فى الخدمة حتى الآن، وتصل حمولته إلى 150 طنا، ويعمل بدقة متناهية وكفاءة عالية تفوق الحديث عنه بشهادة المهندسين.
ومن أهم المشروعات التى شارك بها روميل «رفع أبراج عبور النيل بأسوان وقناطر نجع حمادى وتطوير السد العالى وخزان أسوان وحاليا قناطر أسيوط».
ويقول المهندس علاء الدين محمد، مدير المشروع، إن المشروع يعد من أضخم المشروعات التى تم تنفيذها على نهر النيل بعد السد العالى، حيث بدأ العمل به فى 2013، بالتزامن مع الإنشاءات التحتية للأعمال المدنية الخاصة بالمجموعة الأولى، وكان من المفترض أن ينتهى تنفيذ المشروع حسب البرنامج الزمنى العام الماضى، لكن تأخر بسبب توريد المهمات والإنشاءات المدنية.
من جانبه، أعد محمد محيسن، المهندس بالمشروع، كتيبا توثيقيا لكل مراحل تركيب التوربينات ليكون مرجعاً فى المستقبل لإصلاح أو ترميم أى خلل ناتج عن الاستخدام.
وقال إنه وزملاءه يحفظون كل قطعة وجزئية، صغيرة كانت أو كبيرة، فى المشروع، ويحلم بعد الانتهاء من المشروع ودخوله حيز التنفيذ بتثبيت العمالة التى شاركت بالمشروع، لامتلاكهم الخبرات وأدق تفاصيل تركيب جميع مكوناته.
وأزالت الشركات المنفذة للمشروع 20 فتحة بالقناطر القديمة من الناحية الشرقية لعمل هويسين ملاحيين بالقناطر الجديدة لمرور وحدتين ملاحيتين من الدرجة الأولى بنهر النيل.
«المشروع من المشروعات القومية التى تولى الدولة اهتمامًا كبيرًا بها لخدمة الرى، وتمت الموافقة عليه فى عام 2000، قبل تسجيل القناطر القديمة أثرًا فى 2007، ضمن سجلات المناطق الأثرية الإسلامية والقبطية بالمحافظة، والتى تخضع لقانون حماية الآثار».. هكذا قال الدكتور أحمد عوض، مدير عام هيئة آثار أسيوط، وأضاف أنه فى نوفمبر 2015 عقدت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية اجتماعًا، وتمت الموافقة على مشروع قناطر أسيوط الجديدة، واستقطاع 130 مترًا بواقع 11 عينا بالقناطر القديمة، مع تعهد وزارة الرى والموارد المائية بتركيب الجزء الظاهر لـ3 فتحات بالمواصفات القديمة نفسها، ووضعها بأحد الأماكن التى سيتم إنشاؤها داخل المشروع كمتحف يُعرض بداخله كل ما يتعلق بالقناطر.
وقال المهندس ياسر الدسوقى، محافظ أسيوط، إن المشروع يعتبر سدا عاليا جديدا فى مصر، وإن المحافظة بذلت جميع الجهود، ووفرت كل الإمكانيات وأزالت كافة العراقيل والمعوقات لإنجاز هذا المشروع الضخم الذى سيكون له مردود كبير على المحافظة، خاصة فى قطاعى الرى والكهرباء.
وأضاف أن المشروع يهدف إلى تحسين الرى فى محافظات أسيوط، المنيا، بنى سويف، الفيوم، والجيزة، وتوليد 32 ميجاوات من الكهرباء النظيفة قيمتها السنوية 100 مليون جنيه، بالإضافة إلى توفير أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مؤقتة على مدار 5 سنوات و300 فرصة عمل دائمة بعد الانتهاء من المشروع.
وتابع الدسوقى أن نسبة ما تم تنفيذه من قيمة الأعمال المدنية بالمشروع بلغت 99%، فيما بلغت نسبة ما تم تنفيذه من الأعمال الهيدروميكانيكية 99.32%، وجار صب الأعمال الخرسانية فى مختلف مكونات المشروع.