أكد المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أن حرص القيادة السياسية في مصر والمملكة العربية السعودية على دفع العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين إلى آفاق أرحب، يعد ركيزة أساسية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين الشقيقين، مشيرا في هذا الصدد إلى تضافر جهود الحكومتين المصرية والسعودية لتذليل كل العقبات والعراقيل لخلق المناخ المواتي لتنمية وتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، الأمر الذي يسهم في زيادة معدلات التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
جاء ذلك خلال ترأس الوزير للجانب المصري باجتماعات الدورة السادسة عشر للجنة الوزارية المصرية السعودية المشتركة، والتي تعقد بالعاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من 1 إلى 3 مايو الجاري، ويترأسها عن الجانب السعودي، المهندس ماجد القصبي، وزير التجارة والاستثمار بالمملكة العربية السعودية.
وقال «قابيل» إن «الفترة الحالية تشهد متغيرات دولية اقتصادية وتجارية غير مسبوقة تتطلب المزيد من التكاتف والتخطيط والعمل المشترك بين مصر والمملكة كشريك استراتيجي هام بالمنطقة»، لافتا إلى ضرورة التوصل إلى آليات فعالة لإزالة كل المعوقات والعقبات التي قد تواجه التعاون الاقتصادي المشترك وطرح مبادرات جديدة تحقق المزيد من التقدم في العلاقات المصرية السعودية المشتركة في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
وأشار إلى أن اجتماعات اللجنة المشتركة تعكس حرص القاهرة والرياض على ترجمة كل المبادرات إلى مشروعات ملموسة تصب في مصلحة الاقتصاديين المصري والسعودي على حد سواء، لافتا إلى أن هذه الاجتماعات تستهدف خلق تواصل دائم بين مصر والمملكة للوصول إلى تفاهمات ترقى بالتعاون الاقتصادي نحو مستويات غير مسبوقة، وتعزز العلاقات المصرية السعودية والتي تعتبر نموذجاً ناجحاً للتعاون القائم على تحقيق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
ولفت الوزير إلى أن جهود التنسيق والتشاور المستمر بين الحكومتين قد انعكست إيجابا على حركة التجارة البينية، والتي تشهد نموا ملحوظاً حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري السلعي بين البلدين، خلال عام 2017، نحو 3 مليارات دولار، كما تأتى السعودية ضمن قائمة أكبر الدول العربية المستثمرة بالسوق المصرية خلال عام 2017، بإجمالي استثمارات بلغت 6.3 مليار دولار في 4274 مشروعا، حيث تستحوذ الاستثمارات السعودية على نحو 22% من إجمالي الاستثمارات العربية في مصر، بينما بلغت الاستثمارات المصرية بالسوق السعودي نحو 1.1 مليار دولار في 1043 مشروعا.
ونوه «قابيل» بأن مجتمع الأعمال بالبلدين يلعب دوراً محورياً في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث عقد مجلس الأعمال المصري السعودي المشترك اجتماعه الثاني بالقاهرة خلال شهر فبراير الماضي، الأمر الذي يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين مصر والسعودية القائمة على تحفيز حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.
وأوضح الوزير أن الحكومة بذلت جهوداً كبيرة نحو الإصلاح الاقتصادي لتوفير مناخ ملائم سواء للتجارة الدولية أو للاستثمار، مشيراً إلى تطلع مصر لأن يكون لهذه الإجراءات الجادة أثراً إيجابياً ومشجعاً للشركات السعودية لضخ المزيد من استثماراتها في مصر لخلق تعاون صناعى وتجارى فعال بين مجتمعي الأعمال في البلدين.
وفي هذا الإطار، دعا الوزير رجال الأعمال والشركات المصرية والسعودية للاستفادة الكاملة من عمق العلاقات بين الدولتين والتحرك بفاعلية نحو المزيد من التعاون الاقتصاد المشترك.
ولفت «قابيل» إلى أن الحكومة المصرية اتخذت عدد من الإجراءات الهامة لتصحيح المسار الاقتصادي، حيث قامت بتنفيذ عدد من المشروعات القومية وبصفة خاصة في مجال البنية التحتية، إلى جانب تطبيق برنامج إصلاح مالي شامل تضمن تحرير سعر الصرف والحصول على قرض صندوق النقد الدولي، ورفع الدعم تدريجياً، بالإضافة إلى توفير حزمة دعم لشبكة الضمان الاجتماعي بلغت 85 مليار جنيه، فضلا عن إجراء ثورة تشريعية لتهيئة مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال تضمنت إصدار قانون التراخيص الصناعية، وقانون ولاية الأراضي الصناعية، وقانون سجل المستوردين، بالإضافة إلى قانون هيئة سلامة الغذاء، وقانون الإفلاس، فضلا عن قانون الاستثمار، وقانون التأمين الصحي، إلى جانب تعديل قانون المناقصات والمزايدات بما يضمن اعتبارات الجودة والتنافسية وتحسين إجراءات الشفافية.
وأوضح الوزير أن النتائج الإيجابية للجهود التي بذلتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية قد انعكست آثارها إيجابيا على مختلف مؤشرات الأداء الاقتصادي، حيث ترجمت إلى زيادة ملحوظة في معدلات الاستثمار الأجنبي ونشاط البورصة المصرية بما يعكس ثقة المجتمع الدولي في استعادة الاقتصاد المصري لاستقراره ونشاطه، مشيرا إلى أن هذه الجهود أثمرت عن انخفاض عجز الموازنة إلى 9.5%، وارتفاع الناتج المحلي إلى 4.9%، وانخفاض نسبة البطالة من 13.9 % إلى 11.9%، بالإضافة إلى ارتفاع قياسي لاحتياطي البنك المركزي المصري، وزيادة الاستثمار الخارجي، إلى جانب إطلاق خريطة للاستثمار الصناعي في مصر توفر معلومات عما يقرب من 4900 فرصة استثمارية متاحة في 8 قطاعات صناعية رئيسية في مختلف المحافظات، فضلاً عن افتتاح أكثر من 2300 مصنع خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى تحسن تصنيف الاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية.
وأشاد «قابيل» بالدور الهام لاجتماعات اللجان التحضيرية في التمهيد لاجتماعات اللجنة الوزارية المصرية السعودية، وصياغة توصيات من شأنها التطوير الدائم للعلاقات المشتركة على كل الأصعدة الاقتصادية والثقافية والفنية والاجتماعية، لافتا في هذا الصدد إلى اللجان الثلاث الاقتصادية والفنية والثقافية، والتي تقوم بدور كبير في مناقشة وبحث كافة الموضوعات التي تمس النواحي الاقتصادية، وبالأخص المجالات التجارية والاستثمارية والصناعية، وتسهم في الارتقاء بمعدلات النمو الاقتصادي بالبلدين، وبما يحقق طموحات الشعبين الشقيقين في ظل الظروف والتحديات الجسام التي تمر بها المنطقة العربية بأكملها.
ولفت الوزير إلى أن الاجتماعات قد تناولت التباحث حول كل الإجراءات التي من شأنها إزالة العراقيل والمعوقات التي تعترض التبادل التجاري والاستثماري وتحديد آليات تفعيل التعاون الصناعي والجمركي بين البلدين، فضلا عن النواحي الثقافية والاجتماعية، وبالأخص مجالات الإعلام والتعليم والثقافة والبحث العلمي والتكنولوجي، بالإضافة إلى مجالات الإسكان والكهرباء والموارد المائية والبترول والمعادن.
وأشار «قابيل» إلى أهمية تضافر جهود المسؤولين بالبلدين لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع التوصيات الصادرة عن اللجنة المشتركة موضع التطبيق الفعلي، بما يسهم في رفع مستوى التعاون الثنائي ويعود بالنفع على البلدين الشقيقين، معربا عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا على استضافتها الناجحة لأعمال الدورة السادسة عشر للجنة المصرية السعودية المشتركة.
من جانبه، أكد المهندس ماجد القصبي، وزير التجارة والاستثمار بالمملكة العربية السعودية، أن العلاقات المشتركة بين مصر والمملكة علاقات استراتيجية وذات جذور تاريخية وحضارية كبيرة، مشيرا إلى أن انعقاد اجتماعات اللجنة الوزارية تأتى للتأكيد على قوة ومتانة هذه العلاقات والسعي إلى تطويرها بهدف تلبية آمال وطموحات الشعبين المصري والسعودي.
وقال «القصبي»: «هناك توافق في الرؤى بين مسؤولى الحكومتين لإحداث نقلة نوعية في مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة، وتحقيق الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة».
وأشار «القصبي» إلى أهمية السوق المصرية كوجهة استثمارية متميزة للاستثمارات السعودية، لافتاً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد دفعة في العلاقات الاقتصادية المشتركة بين الجانبين، بما ينعكس إيجاباً على معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
ولفت وزير التجارة والاستثمار السعودي إلى أنه لمس خلال زيارته الأخيرة لمصر خلال شهر مارس الماضي تطورا ملحوظا في كل المجالات، وبصفة خاصة في مجال المشروعات القومية والبنية التحتية، مشيرا في هذا الإطار إلى سعى المملكة للاستفادة من التجربة المصرية في تنفيذ المباني السكنية الجديدة التي تستهدف المملكة إنشاءها خلال المرحلة المقبلة.