لم يكن الرئيس النيجيرى محمدو بخارى يتوقع مثل هذا الإحراج السياسى والكروى حين كان يقف يوم الاثنين الماصى بجوار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ويشاركه مؤتمرا صحفيا رئاسيا .. ففى هذا المؤتمر قال ترامب إنه يدعو نيجيريا لتأييد الملف الأمريكى لاستضافة مونديال 2026 وأن واشنطن ستنظر بعين الاعتبار للدول التى ستدعم الملف الأمريكى وألمح ترامب إلى أن نيجيريا وجنوب أفريقيا قد تمنحان التأييد للملف الأمريكى حين سيجرى التصويت على ذلك فى الثالث عشر من يونيو المقبل فى مؤتمر الفيفا بالعاصمة الروسية موسكو على هامش مونديال 2018 .
وكانت الولايات المتحدة قد تقدمت بطلب استضافة مونديال 2026 بالتعاون مع كندا والمكسيك حيث يخوض هذا الثلاثى المنافسة والسباق ضد المغرب الذى يقف وحده فى مواجهة كل هؤلاء.. وكان أحمد أحمد رئيس الكاف قد أعلن قبل هذا المؤتمر الصحفى أن البلدان الأفريقية كلها ستمنح أصواتها للمغرب تضامنا مع دولة أفريقية ورغبة من استضافة أفريقيا لمونديال للمرة الثانية فى تاريخها بعد جنوب أفريقيا 2010 .. ولكن يبدو أن ترامب لا يحفل بذلك ولا يلتزم به أو يصدقه أيضا.
ثم لم يكتف ترامب بما قاله فى هذا المؤتمر الصحفى ولكنه قام عبر تويتر بتهديد أى دولة لن تمنح صوتها للملف الأمريكى المشترك بعقوبات اقتصادية.. وفى تغريدة أخرى سخر ترامب من الدول التى تساعدها الولايات المتحدة طول الوقت ثم تكتشف واشنطن أن هذه الدول لا تمنح صوتها للملف الكروى الأمريكى.. وقام المسؤولون المغاربة بمخاطبة الفيفا للسؤال عن الموقف الرسمى من هذه التصريحات والتهديدات.. وقد بات من حق المغاربة السخرية من كثرة تأكيدات الفيفا طول الوقت والمطالبة بفصل السياسة عن كرة القدم.
وفوجئ المغاربة بالرد الرسمى الذى جاء على لسان جيوفانى مارتى المتحدث باسم الفيفا بأنه لا يمكنه التعليق على أى تصريحات خاصة بسباق استضافة مونديال 2026 .. وعقب تهديدات ترامب سارعت باريس وموسكو بالتأكيد على أنهما تؤيدان الملف المغربى.. وتميل دول أوروبية أخرى كثيرة لتأييد المغرب.. وأعلنت دول أفريقية كثيرة أيضا تأييدها للمغرب سواء اقتناعا بحق المغاربة فى استضافة المونديال أو رفضا لما يقوم به الرئيس الأمريكى وغطرسته وتهديداته أيضا.
ومن الواضح أننا سنشهد خلال الأيام القليلة المقبلة مزيدا من الصراع الساخن الذى تمتزج فيه الكرة بالسياسة والاقتصاد بشكل صريح وعلنى لا يتخفى وراء أى أقنعة أو ستائر ديبلوماسية .. فترامب لا يتحدث عن ذلك فى غرف مغلقة .. وقريبا جدا سيصطدم بالدول الأوروبية .. والدول العربية أيضا .. وسيطالبها بإعلان مواقفها وهل هى مع الملف الأمريكى أم ستمنح أصواتها للمغرب.. بل إن ترامب بات يطالب أيضا حتى الأمم المتحدة بتأييد الملف الأمريكى.. واختفى فجاة من المشهد كله كل هؤلاء الذين قضوا سنين طويلة يتحدثون عن ضرورة الفصل بين السياسة وكرة القدم .. سكتوا جميعهم أمام الرئيس الأمريكى ولم يقل له أحد سواء فى الفيفا أو فى أى بلد إنه لا يليق الزج بمطالب وضغوط سياسية وتهديدات اقتصادية وعسكرية فى شأن كروى خالص.