x

الانتخابات البرلمانية.. «العيد القومى للبلطجية»

السبت 26-11-2011 18:30 | كتب: ريهام العراقي |
تصوير : رويترز

قبل عام مضى، لم يتوقف هاتفه المحمول عن الرنين، عشرات الآلاف من الجنيهات حصل عليها خلال أسبوع واحد، شخصيات عامة تصارعت على الاتفاق معه، مئات الأبرياء لم يسلموا من شره... إنه «مصطفى عضلات»، بلطجى منطقة بولاق الدكرور.

على أحد المقاهى الشعبية بشارع «همفريس» بمنطقة بولاق الدكرور يجلس مصطفى يوميا بعد الظهر، ليس لاحتساء كوب شاى أو قهوة، وإنما لانتظار «صبيانه» ـ على حد تعبيره ـ الذين انتشروا فى شوارع بولاق الدكرور لمعرفة أخبار مرشحى الانتخابات والتنصت عليهم لإخباره بمخطط المرشحين المنافسين.

«العضلات المفتولة ليست وحدها مميزات بلطجى الانتخابات» ـ على حد قوله ـ وإنما الترتيب ليوم الانتخابات والتخطيط السليم وسرعة الأداء أهم المقومات التى تميزه عن غيره،

15 عاماً مرت على مصطفى فى مهنته لم يغير فيها من أدائه، يرتب للانتخابات قبل بدايتها خلال مرحلتين: الأولى تبدأ قبل بدء الانتخابات بعدة أسابيع قليلة، وتشمل تمزيق لافتات الخصوم والمرشحين المنافسين وإفساد المؤتمرات الانتخابية بإثارة الذعر فى المنطقة ومضايقة المرشح لتهتز صورته أمام أهل دائرته وافتعال المشاجرات لإفساد المؤتمر الانتخابى، أما المرحلة الثانية فتنفذ يوم الانتخابات، ومن أهم ملامحها مهاجمة أنصار المرشحين المنافسين والاعتداء على المقار الانتخابية لترويع الناخبين وإجبارهم على التصويت لصالح مرشحيهم من خلال شراء أصواتهم مقابل مادى يبدأ من 30 جنيهاً ويصل إلى 200 جنيه فى دوائر محددة أو تهديدهم بتعريض حياتهم للخطر، وقد يصل الأمر إلى استخدام السلاح الأبيض مع الناخبين لإجبارهم على بيع أصواتهم لمرشحيهم.

«الانتخابات ستظل سوقا مربحة حتى بعد الثورة وإن اختلفت عن الأعوام الماضية، فالوجوه اختلفت والتيارات تعددت، والسباق بين المرشحين اشتعل عن السنوات الماضية».. هذا ما أكده مصطفى قائلا: «الانتخابات البرلمانية تمثل عيدا للبلطجى بنستناه مرة واحدة كل 4 سنين، وتختلف أجرة البلطجى من واحد لآخر، حسب سمعته وسيطرته وقدرته على ترويع الناخبين، لكن هذه المرة الدنيا اختلفت معانا بعد الثورة، لا لأن معظم المرشحين اللى كنا شغالين معاهم مترشحوش السنة دى لإنهم محبوسين على ذمة قضايا».

ويصمت مصطفى لحظات ويحتسى رشفة من كوب الشاى ليلتقط منه «زكى حلاوة» أشهر بلطجى بمنطقة عين شمس الحديث قائلا: «السنين اللى فاتت كانوا بيطلبونى بالاسم فى موسم الانتخابات، لإن المرشح متأكد إنه مش هيسقط أبدا لو اتفق معى على مساندته، وكان بيدفع عربون قبل الانتخابات لزوم المصاريف والصبيان اللى شغالين معايا، وباقى المبلغ يدفعه بعد نجاحه فى الانتخابات، ده غير وعوده بإن بابه مفتوح ليا فى أى وقت، علشان الناس اللى كنا بنحميها كل مرة بعضهم مترشحتش الدورة دى، وظهر كام مرشح من الشباب جيبه مش عمران والفلوس اللى معاه هتغطى مصاريف الانتخابات بالعافية، وده إحنا بنبعد عنه، بس برضه فى ناس جديدة ظهرت على الساحة جيوبها عمرانة واتفقت معانا نشيل الليلة كلها».

تصريحات المجلس العسكرى بملاحقة البلطجية ومثيرى الشغب فى الانتخابات وبمساندة وزارة الداخلية وتشكيل لجان شعبية فى جميع الدوائر الانتخابية من أجل تأمين العملية الانتخابية جميعها أمور لا تشغل بال زكى حلاوة، فهو يرى أنه يؤدى عمله الذى لا يعرف غيره مقابل أموال محددة، مثل أى مهنة أخرى وإن اختلف أسلوبه بعد الثورة عن السنوات السابقة.

استخدام السيدات فى الدعاية الانتخابية والأطفال تحت سن الخامسة عشرة.. من أهم وسائل ظاظا بلطجى الانتخابات فى منطقة إمبابة، لأنه يرى أن السيدات أكثر قدرة على الهتاف لصالح المرشح والتكدس وسط الناخبين، من أجل شراء أصوات قريناتهن، خاصة فى المناطق الشعبية والعشوائية، إلى جانب قدرتهن على القيام بذلك دون الشك فيهن من جانب أفراد الجيش أو اللجان الشعبية وانخفاض أجرهن عن ذويهم من الرجال، حيث يبدأ تأجيرهن بـ200 جنيه ولا يتعدى الـ1000 جنيه فى اليوم الواحد، حسب العمل الذى يقمن به.

الانفلات الأمنى وتوتر العلاقة بين الشرطة والشعب هى الوسائل التى سيعتمد عليها إبراهيم الدقن مسجل خطر وأحد بلطجية الانتخابات لإسقاط منافسى مستأجره يوم الانتخابات قائلا: «قضيت 20 سنة فى هذه المهنة واستطعت أن أنجح عدداً من أعضاء مجلس الشعب معروفين فى الدورات البرلمانية الماضية، وبقيت بنى آدم من فلوسهم، بعدما كنت مش لاقى اللقمة الحاف ووقت ما كانت الداخلية مستقوية على الغلابة، وأعتقد أن الانتخابات دى هتختلف عن السنين اللى فاتت، خاصة إنه مفيش شرطة فى الشارع والشعب خلاص مش طايقهم وإحنا مش بنعمل حاجة عيب ولا حرام إحنا بس بنظبط مرشح على حساب مرشح تانى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية