x

قمة «ترامب ـ كيم» المرتقبة وتأثيرات فشل الاتفاق النووي الإيراني (تقرير)

الإثنين 30-04-2018 08:07 | كتب: أ.ش.أ |
الزعيم كوريا الشمالية كيم وينج إيل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب - صورة أرشيفية الزعيم كوريا الشمالية كيم وينج إيل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب - صورة أرشيفية تصوير : أ.ف.ب

تتسارع وتيرة تطورات الأحداث التي تسبق القمة الأمريكية الكورية الشمالية المرتقبة في مايو أو يونيو المقبلين بحسب ما تم إعلانه سابقا من مسئولى البلدين، فبينما جاء لقاء الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن مع نظيره الكوري الشمالي، كيم جونج أون، ليمثل انطلاقة تاريخية، باعتبارها القمة الأولى لـ كيم جونج أون، والثالثة بين زعيمي الكوريتين منذ انتهاء الحرب بين البلدين في عام 1953 وهو ما يمهد لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين ربما تفتح صفحة جديدة بين واشنطن وبيونج يانج في الاتجاه الآخر.

وبات السؤال المطروح هو: هل يقدم «إعلان بانمونجيوم الجديد للسلام والازدهار والتوحيد في شبه الجزيرة الكورية» مزيجا مناسبا من التدابير الملموسة لدفع الكوريتين والمجتمع الدولي على نطاق واسع نحو تحقيق سلام دائم والعمل على نزع السلاح النووي من المنطقة.

ثم كانت الزيارة التاريخية التي قام بها الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون للصين، بينما التقى الرئيس ترامب في واشنطن بشينزو آبي رئيس وزراء اليابان، ثم كلف جورج بومبيو مدير المخابرات الأمريكية (والذي يتولى حاليا لامنصب وزير الخارجية) بلقاء الزعيم الكوري الشمالي في بيونج يانج.

ولا يستبعد المراقبون أن يكون للملف النووي الإيراني تأثيراته على قمة ترامب ـ كيم، خاصة أن استمرار صلاحية الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 بات محل شكوك، في ظل التهديدات الأمريكية المستمرة بأنها سوف تنهي صلاحية الاتفاق بعد 12 مايو المقبل، ولذا عُقدت القمة الأمريكية الفرنسية للتوصل لقرار مناسب بشأن هذا الملف.

مرحلة جس النبض

بالتوازي مع هذه التطورات والأحداث التي تلقي بظلالها على قمة ترامب ـ كيم، بدأت مرحلة جس النبض بين واشنطن وبيونج يانج، إذ صعدت كوريا الشمالية من سقف مطالبها بالتلويح عبر وسائل الإعلام بأن تعهد «كيم» بنزع السلاح النووي لا يتضمن التخلي عن 60 قنبلة نووية بالإضافة إلى عدد غير معروف من الصواريخ الباليستية.

وفي اجتماعه مع أعضاء الحزب الحاكم حدد الزعيم الكوري الشمالي شروطا جديدة لنزع السلاح النووي تتضمن توافر بيئة دولية مواتية للتنمية الاقتصادية وذلك في إشارة إلى ضرورة أن تحصل بلاده على مساعدات دولية لتطوير اقتصادها ورفع العقوبات التجارية والمالية والخاصة بالطاقة.

وفي المقابل شددت واشنطن على ضرورة التزام بيونج يانج بتفكيك ترسانة أسلحتها النووية بالكامل خلال فترة زمنية لا تتجاوز العام، وهي فترة قصيرة قد لا يكون بوسع «كيم» الموافقة عليها خاصة وأنه يدرك أن السلاح النووي هو الورقة الوحيدة الرابحة التي يمتلكها.

ووسط حالة من الشد والجذب تبدو المحادثات المرتقبة بين البلدين صعبة ومعقدة، في ظل خلافات حادة حول التفاصيل، ومخاوف من رفض بيونج يانج تفكيك كل ترسانتها نووية، وهو ما قامت به دول أخرى، ففي مطلع التسعينيات تخلت جنوب إفريقيا عن ترسانتها النووية، وفي عام 1991 تم تفكيك الترسانة النووية السوفيتية في أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان، لكن وفي المقابل أدى تخلى دول أخرى كالعراق وليبيا عن طموحاتها النووية لتعرضها لحملات عسكرية أمريكية.

وهذا ما يثير قلق كوريا الشمالية التي تتخوف من مصير مماثل، ولعل هذا ما دفعها للتلويح بالاحتفاظ بجزء من ترسانتها النووية، وهو ما تعتبره واشنطن تهديدا لها فضلا عن كونه إخلالا بتوازن القوى في جنوب شرق آسيا، قد يدفع كوريا الجنوبية واليابان وتايوان لامتلاك السلاح النووي، وربما يهدد بانهيار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، واشتعال سباق تسلح نووي حول العالم.

ومع تباين وجهات نظر البلدين حول تفكيك أو تجميد ترسانة كوريا الشمالية النووية، تثور مخاوف جدية من أن تلقى القمة الأمريكية الكورية الشمالية نفس مصير محادثات أخرى سابقة، ففي عام 1994 وفي عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون توصلت واشنطن وبيونج يانج إلى اتفاق يقضي بتجميد البرنامج النووي الكوري الشمالي، لكن الاتفاق انهار في عام ٢٠٠٢ مع تسلم الرئيس جورج دبليو بوش منصبه واتهامه بيونج يانج بامتلاك برنامج سري لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.

وفي عام ٢٠٠٥ عقدت مباحثات سداسية حول تجميد البرنامج النووي الكوري الشمالي بمشاركة الكوريتين والولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان، لكنها انهارت مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على بنك في ماكاو بتهمة غسيل الأموال لصالح بيونج يانج.

وفي أكتوبر ٢٠٠٦ أجرت كوريا الشمالية أول تجربة نووية لها استتبعها جولة جديدة من المحادثات السداسية بهدف إغلاق منشآتها النووية مقابل مساعدات غذائية، لكن المباحثات انهارت في عام ٢٠٠٩ بعد خلافات حول الطاقة والتفتيش.

مستقبل وآفاق

ثمة تأثيرات أخرى على مستقبل وآفاق القمة المرتقبة بين واشنطن وبيونج يانج، يعتبرها بعض المحللين ذات تأثيرات سلبية والبعض الآخر ينظر إلى هذه العوامل على أنها محفزات إيجابية وهذه العوامل هي: أولاً: أن المحادثات السرية التي جرت بين واشنطن وبيونج يانج قبل شهور توصلت إلى حصول كيم جونج أون على تعهد أمريكي بعدم تغيير النظام في كوريا الشمالية وعدم المساس بزعيم كوريا الشمالية وأسرته وقادة الشمال ومعاملة كوريا باعتبارها نداً لواشنطن وأن هذا التعهد الذي شاركت الصين في الوساطة والتوصل إليه ما بين واشنطن وبيونج يانج كان سببا رئيسيا في التحول الحاصل في كوريا الشمالية.

ثانياً: ضغوط الصين على كيم جونج أون لإبرام صفقة مع الولايات المتحدة والتخلي عن برنامجه النووي والصاروخي، ولم تكن الضغوط الصينية سياسية ودبلوماسية فقط وإنما كانت اقتصادية بالأساس لأن الصين هي التي تزود كوريا الشمالية باحتياجاتها من الطاقة والغذاء وكل وسائل التقدم وهى نافذتها الوحيدة إلى العالم خلال العقود الماضية.

ثالثاً: تأثيرات فشل الاتفاق النووي الإيراني، إذ يرى البعض أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني سيدفع كيم إلى استنتاج أن الضمانات الأمنية التي يسعى للحصول عليها من واشنطن مقابل التوقف عن تطوير برنامجه النووي لا يمكن الاعتماد عليها.

إلا أن البعض الآخر يرى أن العكس هو ما سيحدث بعد أن انفتح مسار دبلوماسي فجأة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وهو ما قد يقنع ترامب بأن إلغاء الاتفاق النووي الإيراني سيعزز كفته أمام كيم يونج أون.

وفي هذا السياق أوضحت ويندي شيرمان، زعيمة المفاوضات الأمريكية في الاتفاق الإيراني، التي ترأست أيضا سنوات من الدبلوماسية مع كوريا الشمالية خلال إدارة بيل كلينتون، أن «المنطق يقول إن مغادرة أمريكا الاتفاق النووي ستقوض من مصداقيتها، لكن ترامب يعتقد بطريقة ما أن إلغاء الاتفاق يعني أنه لن يتفاوض (مع كوريا الشمالية) على اتفاق سيئ»، وهو ما يصف به الرئيس الأمريكي دائما الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما سيجعله يواجه أزمتين نوويتين في آن واحد.

ومن هنا فإنه في حالة فشل الاتفاق النووي سيكون له تأثيرات سلبية على المصداقية الأمريكية في تعهداتها الدولية والتأثير على مستقبل ملف العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية.

ومن جهة أخرى تحاول طهران أن تستغل الانفراج في الملف الكوري الشمالي لتصعيد موقفها في مواجهة واشنطن، أو بعبارة أخرى، فإنها تناور بالتصريحات تارة، وبإثارة مخاوف الدول الأوروبية تارة أخرى، والهدف واضح، وهو أن تضغط على إدارة ترامب لكى توقف كل خططها للتخلي عن الاتفاق النووي الموقع في 2015، خاصة أن ترامب حدد 12 مايو موعداً نهائياً للأوروبيين «لتصحيح» الاتفاق الذي يحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات المالية.

ووفقا للمحللين، فإن الخبرة التاريخية للمحادثات الأمريكية الكورية الشمالية، تؤكد أنه من الصعوبة بمكان التكهن بنجاح أو فشل قمة ترامب ـ كيم التي تستهدف تجميد البرنامج النووي الكوري الشمالي في المرحلة الأولى قبل عقد صفقة تحصل بموجبها بيونج يانج على ضمانات أمنية ومساعدات اقتصادية مقبل تفكيك ترسانتها النووية بطريقة يمكن للمجتمع الدولي التحقق منها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية