فى عددها الصادر يوم الخامس والعشرين من نوفمبر عام 1927.. قررت مجلة المصور أن تتابع الإنشاءات الجديدة فى ثلاثة أندية.. الأهلى والزمالك والسكة الحديد.. وكان دافع المجلة هو التساؤل متى ستملك العاصمة المصرية ملعبا للكرة يليق بها مثلما قاربت الإسكندرية على الانتهاء من تشييد ملعبها الكبير الذى تتسع مدرجاته للألوف وتكلف بناؤه عشرين ألف جنيه.. فقد بدأ الأهلى وقتها فى إنشاء ملعب جديد فيه مدرج من الأسمنت به عشرة طوابق وأسفله جميع الغرف اللازمة للحمامات واللبس والتدليك والإسعاف.. وهو يسع 1500 متفرج والصعود إليه من الخلف بسلم.. وأقام نادى السكة الحديد مدرجا من الخشب.. وقامت ضجة حول إنشائه بعد إسناد هذه المقاولة لشركة كاندر البريطانية بمائتى جنيه مع أن أقل عطاء لهذه المقايسة يقرب من المائة وثلاثين جنيها.. المدرج طوله أربعون مترا وله خمس طبقات وبه بعض غلطات هندسية سبب بعضها زيادة النفقات..
ويقع المدرج فى وجه المدخل العمومى وأمام البلكونة، لهذا فالمنظر غير حسن لا من الداخل ولا من الميدان أى من الملعب.. ويعمل النادى لإقامة مدرج يماثله من الناحية الأخرى من الميدان.. يتوقف الشروع فيه إلى المنحة المنتظرة من ضريبة المراهنات.. هذا غير المدرج التراب الذى كلف النادى خمسين جنيها تقريبا.. وقالت مجلة المصور إن الزمالك بدأ يشرع فى عمل مدرجه الذى يتناسب مع مكانة النادى وما وصل إليه من العظمة بهذه السرعة.. وستكون ضخامة هذا المدرج مساوية لما سيناله النادى أيضا من ضريبة المراهنات.. وكانت هذه هى الإشارة الأولى.. والأهم.. للمراهنات وكرة القدم فى مصر.. وأن أموال هذه المراهنات كانت أحد مصادر الدخل الرئيسية للأندية وقتها.. وحسب صياغة المجلة نفسها فقد كان نادى السكة الحديد ينتظر ما لا سيأتى من المراهنات لبناء مدرج جديد.. وكان الزمالك ينتظر أموال المراهنات ليبدأ فى تنفيذ ملعبه الجديد بالشكل اللائق.
وحين نقف بهدوء أمام هذه الكلمات يمكن أن نخرج بأن المراهنات الكروية وقتها كانت تأتى بمال يكفى لبناء مدرجات وملاعب كبيرة ولائقة.. أى أنها لم تكن أموالا هامشية أو مبالغ يمكن إهمالها وإغفالها.. والأمر الثانى كان أن مجلة المصور لم تكن تتحدث عن أمر غريب أو جديد ومفاجئ.. إنما كانت تتحدث عن أمر طبيعى وقانونى ومعروف للجميع، وبالتالى لا يحتاج لأى توقف أو اهتمام خاص.. وهو ما يعنى أن المراهنات الكروية كان مسموحا بها وقتها.. وأن أندية الكرة فى مصر كانت تعتمد على دخلها من المراهنات فى مشروعاتها الكبرى.. ولكن من الواضح أن ما احتفظت به لنا أوراق التاريخ ومن كتبوها كانت مراهنات الخيل فقط التى كانت تجرى فى الميريلاند فى مصر الجديدة، حيث احتفظ لنا التاريخ بكل تفاصيلها لكن لا شىء على الإطلاق عن مراهنات كرة القدم.. ولا أدعو هنا لعودة المراهنات إنما فقط أتحدث عن تاريخ وأموال كثيرة كانت السبب فى قرار وزارة الداخلية السيطرة على كرة القدم فى مصر.