تباينت وجهات النظر، التي طرحت من خلالها صحف القاهرة الصادرة صباح السبت، التظاهرات المختلفة، التي شهدتها محافظات مصر يوم الجمعة.
وبينما لوحت الصحف القومية بما سمته الأهرام «خطر الانقسام»، أبرزت صحف مستقلة موقف المجلس العسكري مما شهدته البلاد من تظاهرات.
وقد رصدت الصحف مظاهرة مؤيدي المجلس العسكري في ميدان العباسية، كما اهتمت بمتابعة الفعالية، التي دعت إليها جماعة «الإخوان المسلمين»، تحت عنوان «يوم نصرة الأقصى»، بالإضافة لمليونية الفرصة الأخيرة، التي حملت أيضًا اسم «حق الشهيد» بميدان التحرير وساحات وميادين أخرى في محافظات مصر المختلفة.
كما احتل خبر اختيار المجلس العسكري لرئيس الوزراء الأسبق في عهد مبارك «كمال الجنزوري»، ليعود إلى مقر مجلس الوزراء، الكائن بشارع مجلس الشعب، جانب من متابعات صحف القاهرة الصباحية ليوم السبت.
مباريات الميادين:
تبارت الصحف، عن طريق الصور ومساحات المتابعة، في عرض مواقف منظمي المظاهرات المتفرقة، التي شهدتها محافظات مصر المختلفة يوم الجمعة.
وقالت صحيفة الأهرام في عنوان تغطيتها: «التحرير يطالب برحيل العسكري.. والعباسية تدعو إلى بقائه.. والخلاف يسود المحافظات».
وجاء الإخراج الفني لصفحتها الأولى مستلهما طريقة الإخراج الفني لصحيفة الأخبار، لتبرز من خلاله أهم التصريحات والشعارات، التي رفعها المتظاهرون في ميادين الثورة وبالعباسية، بالإضافة لتصريحات الجنزوري، رئيس الوزراء المختار من قبل المجلس العسكري، في مؤتمره الصحفي الأول منذ عودته لمقعد رئيس الوزراء.
وقالت الصحيفة: «إن مطالب التحرير تحددت في حكومة إنقاذ وطني، برئاسة شخصية من الميدان، التعجيل بمحاكمة قتلة الشهداء، وقف المحاكمات العسكرية، سرعة محاكمة رموز الفساد، التخلص من بقايا الوطني وتطهير الإعلام»، ولم تشر الصحيفة إلى المطالب المتعلقة بإنهاء حكم المجلس العسكري وعودة الجيش لثكناته بعد اختيار مجلس انتقالي مدني لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، كما تجاهلت المطالب الخاصة بتطهير جهاز الشرطة بجميع قطاعاته.
ونقلت الأهرام على صفحتها الأولى كذلك مطالب متظاهري العباسية، التي حصرتها في «الإبقاء على المجلس العسكري، الالتزام بالجدول الزمني، الذي أعلنه المجلس لنقل السلطة، الموافقة على اختيار الجنزوري، ومحاسبة رموز الإعلام، التي أثارت غضب الجماهير».
وكانت مظاهرة العباسية، التي دعا إليها عضو الحزب الوطني المنحل، توفيق عكاشة، عبر قناته الخاصة، وساعده في نشر الدعوة صفحات ومجموعات محبي الرئيس السابق حسني مبارك، وقد طالبت يوم الجمعة بمحاسبة الإعلاميين المنحازين للثورة، واتهم المتظاهرون بالعباسية إعلاميين بإثارة غضب الجمهور والتحريض على كراهية المجلس العسكري، متهمين إياهم بإثارة الشعب وتضليله.
وقالت الأهرام على صفحتها الثالثة: «إن ما يسمى بـ(ائتلاف العباسية) قرر الاعتصام بالميدان، تأييدًا للمجلس العسكري، ولحين إخلاء ميدان التحرير، وهو ما يذكر بالاعتصام، الذي أقامته المجموعة الداعية لتظاهرات العباسية في فبراير الماضي بميدان مصطفى محمود، لتطالب من خلاله بفض الاعتصام القائم وقتها بميدان التحرير، للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، آخر رؤساء وزارات مبارك».
وأضافت الصحيفة أن المتظاهرين رفعوا أعلام الشرطة، وأعلنوا عن تقديرهم «لتضحياتها»، مرددين: «الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة».
أخبار اليوم قالت «إن كلتي الفعاليتين السياسيتين، الرافضة للعسكري والمؤيدة له، كانتا في حب مصر». وفي الداخل قالت أخبار اليوم «ثورتان في حب مصر»، وتابعت الصحيفة نشر صور منتقاة تبرز حشودًا في ميدان العباسية، وقالت في عنوانها: «الأغلبية الصامتة تحاول اللحاق بالفرصة الأخيرة للاستقرار».
«التحرير» قالت في عنوانها الرئيسي على صفحتها الأولى: « العسكري أضاع الفرصة الأخيرة». وعلى مساحات واسعة في صفحات متعددة، نشرت الصحيفة لقطات من الميدان، من بينها زيارة المرشحين الرئاسيين، عبد المنعم أبو الفتوح و محمد البرادعي للميدان، ومشاركتهما للمتظاهرين في الهتاف، كما نقلت الصحيفة التحول في موقف الأزهر الشريف، الذي أعلن يوم الجمعة للمرة الأولى منذ بدء الثورة الشعبية في الخامس والعشرين من يناير الماضي عن تأييده لها.
وعلى صفحتها الخامسة كتبت «التحرير» عن متظاهري العباسية، وقالت الصحيفة: «إن توفيق عكاشة والمغني، أحمد سبايدر، كانا أبرز الحاضرين في مظاهرات الجمعة».
وجاءت بداية التقرير موحية لتقول: «بالقرب من مستشفى الأمراض العقلية، توافد العشرات على ميدان العباسية، حيث خرجت مظاهرة من مسجد النور لتأييد المجلس العسكري وبقائه في السلطة».
وأضاف التقرير: «مؤيدو المجلس العسكري، الذين ناشدهم المجلس أمس عدم النزول إلى المظاهرة حفاظًا على وحدة الصف، تظاهروا بحريتهم دون أن يعترضهم المواطنون الشرفاء، الذين كانوا يخرجون لمواجهة أي مظاهرة من قبل».
وأضافت الصحيفة أنه خلال التظاهر والهتافات، انضمت لمظاهرات العباسية مظاهرة مؤيدة، أتت من خلف مسجد النور، تضم أفرادًا من جهاز الشرطة بالزي الرسمي، وحمل المشاركون فيها مأمور قسم الوايلي، السيد الزيني، ومعاون مباحث القسم على أكتافهم، ورددوا هتافًا يقول: «الجيش والشرطة إيد واحدة»، وقال أحدهم لصحيفة التحرير: «إنهم جاءوا بزيهم الرسمي للعباسية، كي يعلنوا تأييد الشرطة لبقاء المجلس العسكري».
نصرة الإخوان:
نقلت صحيفة الدستور عن د. محمد غزلان، القيادي بجماعة «الإخوان المسلمين» قوله: «إن الجماعة ترفض تولي أي حقائب وزارية في الفترة الانتقالية.. فلن نكون سكرتارية للمجلس العسكري». يأتى هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة ترحيبها باختيار المجلس لكمال الجنزوري رئيسًا للوزراء، وأكدت ثانية رفضها لتنحي العسكري عن السلطة وتسليمها لمجلس انتقالي مدني.
وأضاف «غزلان» في تصريحاته للدستور: «إن الجماعة خسرت قطاعات لا يستهان بها بين الشعب وأوساط الرأي العام، بسبب قرارها عدم المشاركة في تظاهرات التحرير»، لكنه استدرك أن هذا يعد دليلاً على أن الجماعة ليست انتهازية، وأنها تفضل صالح البلاد على صالحها، واصفًا موقف الإخوان بـ«التضحية لصالح الوطن».
وتحت عنوان «الإخوان هربوا من الميدان»، قالت صحيفة التحرير: «إن الجماعة تذكرت نداء الأقصى في الأزهر يوم الجمعة، بالتزامن مع مليونية (الفرصة الأخيرة وحق الشهيد)، التي دعا إليها ثوار ميادين الثورة».
وتابع التقرير، الذي نشرته الصحيفة على صفحتها الثالثة: «إن الجماعة لبت نداء المسجد الأقصى، وشاركت في المؤتمر، الذي دعت إليه لجنة الإغاثة الإسلامية، التابعة لاتحاد الأطباء العرب، والتي يرأسها رموز من الجماع، في الوقت الذي «صمَّت الجماعة فيه آذانها» عن دعوات المشاركة في جمعة «الفرصة الأخيرة» فى ميدان التحرير.
وأضافت أن خطبة الجمعة، التي ألقاها القيادي بالجماعة، د. صلاح نصار، خلت من أي إشارة إلى المليونية، التي يشهدها ميدان التحرير وميادين أخرى بمحافظات مصر المختلفة، وقال فيها «نصار»: «إن مصر تواجه مجموعة من الفتن العمياء البكماء، التى تريد لها الشر».
واستعرضت الأهرام على صفحتها الداخلية الخامسة بيانًا صدر الجمعة عن «القوى الإسلامية»، وقالت في تقريرها: «أعربت قوى إسلامية مصرية أمس تأييدها لموقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الظروف الأخيرة، التي تمر بها البلاد، محذرة مما وصفته بالانسياق وراء مآرب (أجندات) دون الرجوع لأهل العلم والرأي في الأمة».
البيان الذي وقعت عليه جماعة «الإخوان المسلمين» ومعها الجماعة الإسلامية والدعوة السلفية والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وجماعة أنصار السنة المحمدية، أبدى فيه الموقعون ارتياحهم لإجراء الانتخابات في موعدها.
بين حكومتين:
نقلت صحف القاهرة الصادرة صباح السبت التصريحات الأولى لكمال الجنزوري، رئيس الوزراء المكلف من قبل المجلس العسكري، والذي قبلت به جماعة «الإخوان المسلمين» وقوى إسلامية أخرى، ورفضه الثوار في ميادين مصر المختلفة باعتباره وجهًا بارزًا في نظام الرئيس السابق، ومتهمًا في عدد من قضايا إهدار المال العام. ولكونه مفروضًا من المجلس العسكري المرفوض استمراره في السلطة.
ونقلت صحيفة الأهرام عن «الجنزوري» قوله: «إنه سيشكل حكومته عقب انتخابات مجلس الشعب، مما يعني استمرار حكومة شرف، التي قبلت استقالتها، في تسيير الأعمال لفترة لم تتحدد بعد».
صحيفة «أخبار اليوم» توقعت استمرار خمسة وزراء من حكومة «شرف»، هم فايزة أبو النجا، الباقية من حكومة أحمد نظيف، العضوة البارزة في الحزب الوطني المنحل، ود. فتحي البرادعي، وزير الإسكان، ومنير فخري عبدالنور، وزير السياحة، د. جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي، وتوقعت الصحيفة عودة وزير الري الأسبق، د.محمود أبو زيد للوزارة.
وأبرزت «أخبار اليوم» تصريحات «الجنزوري»، التي قال فيها «إنه ليس لديه أي أسماء يمكن ترشيحها في وزارته».