x

الحرب على «الختان» .. نساء «الصعيد» يرفعن «الكارت الأحمر»

الثلاثاء 24-04-2018 04:24 | كتب: رنا حمدي |
لا للختان لا للختان تصوير : اخبار

«تنهيدة طويلة» تمتزج بابتسامة حزينة، تظل تلازمها عندما تذكرت مأساتها التى مرت بها، ولم تستطع محوها من ذاكرتها مع مرور الأيام، تتجدد معها عندما تصادف واقعة مشابهة، لكنها قررت أن تكون «صاحبة يد ممدودة» لأى فتاة قد تواجه مثل هذه الوقائع مجددا.

يمنى محمود، سيدة من الصعيد وتحديداً من أسيوط، لم تستسلم لآلامها، وقررت أن تكون إحدى رائدات صعيد مصر فى مكافحة الختان، والمشاركة فى برنامج صندوق الأمم المتحدة للسكان لتدريب السيدات لكى يكونوا رائدات فى المجتمع القروى لتغيير المعتقدات الخاطئة لدى أهل القرية.

تتذكر يمنى «حادث الختان»: «كانت الساعة الرابعة عصرا، عقب صلاة العصر، دخل أخى بعيون حادة، ليعلم أمى أن أخت صاحبه تتختن الآن، وقال بلهجة شديدة تخلو من حنية الأخ (حضرى بنتك دلوقتى)، وبمجرد سماعى هذه الجملة، قمت بالجرى والفرار من الدار، ولكن أخى هرول ورائى، ومعه والدى، وحملنى فوق كتفه، ودخل بى الغرفة، وأمسكنى جيدا، وقامت الداية بختانى، ولا أتذكر بعد ذلك سوى الدم الذى غمر فستانى، ثم لون الدم عندما اختلط برماد الفرن، الذى وضعته الداية على الجرح مع الليمون لتطهيره».

«كانت ليلة سودا، لكن أصبحت نقطة تحول فى حياتى»، هكذا تحدثت «يمنى»، وقالت: «علمت أن هناك جمعيات تساعد الفتيات والسيدات، للحد من ختان الإناث، بادرت لأكون أول الرائدات فى توعية أهلى وجيرانى بالقرية، وتعريفهم بمخاطر ختان الفتيات، وقامت جمعية تنمية الطفولة والمجتمع بمركز الفتح فى المحافظة، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، بتدريب العديد من السيدات لكى يكن رائدات فى المجتمع القروى، ويساهمن فى تغيير المعتقدات والعادات الخاطئة، والخاصة بضرورة ختان الفتاة».

تروى «يمنى» بداية رحلتها مع التوعية: «فى بداية رحلتى كان تغيير قناعات الأهالى أمرًا شبه مستحيل، وكثير منهم رفضوا الاستماع إلينا، والسبب أن هذا الأمر من الدين، وعدم ختان الفتاة يتسبب فى عدم زواجها بل ويعد عارا على بنات الصعيد، وهو ما جعلنى أستند إلى الموقع الإلكترونى الرسمى للأزهر، وأنه لا يوجد حديث فيه أمر للنبى صلى الله عليه وسلم لزوجاته أو بناته بالختان، بل ثبت أن الرسول الكريم أرشد امرأة كانت تختن بالمدينة إلى طريقة الختان المحمود، وهو ما جعل البعض يكون «أميل للاقتناع».

«فى راجل عجوز جرى ورايا بالنبوت.. وست تانية قالتلى انتى جايه تخربى علىّ».. هكذا تتذكر يمنى مواقف من رحلة التوعية، وتقول: «كنت فى زيارة لأحد المنازل وبدأت السيدة فى الاقتناع بما ادعوهم له، لأن لديها ابنة أصيبت بصدمة عصبية بسبب الختان، تبعتها حالة اكتئاب، وفجأة جاء جدهم وقام برفع «النبوت» فى وجهى وسبنى وطردنى من المنزل، فالمشكلة الحقيقية ليست فى الأب أو الأم إنما فى الجد والجدة، لأنهم الأكثر تمسكا بالعادات، ولذلك قامت الجمعية بتدريب الشباب والرجال أيضا، وليس السيدات فقط، لأنهم هم القادرون على التغيير وفرض كلمتهم على الجدة تحديدا».

«ماجدة اسطفانوس» تؤكد أن ما حدث معها أثناء عملية الختان، والألم النفسى والبدنى الذى صاحبها، جعلها لا تقدم على تكرار العملية لبناتها، وتقول: «هذه عادات وتقاليد تربى عليها الأهل، وعلى الرغم من أن جدة بناتى أصرت على ختانهن عند طبيب جراح، مقابل 500 جنيه وإجراء العملية داخل المنزل، إلا أننى رفضت تكرار مأساتى مع ابنتى».

وتستكمل ماجدة: «الأطباء يقومون الآن بهذه العمليات فى المنازل ويكتبون الأدوية على ورقة بيضاء لا تحمل أسماءهم، لإخلاء مسؤوليتهم حال إصابة الفتاة بأى مكروه، والأسر فى الأساس لا تشتكى الأطباء لأنهم يكونون شركاء فى الجريمة، وهذا ما جعلنى أتوجه إلى جمعية تنمية الطفولة والمجتمع بمركز الفتح بأسيوط، عن طريق إحدى صديقاتى، حيث استطاعت الجمعية حصر عدد كبير من الأطفال المعرضين للخطر، ومظاهر العنف ضد المرأة مثل الختان والزواج المبكر، تقوم الجمعية بتدريب أولياء الأمور للقيام بحملات توعية داخل أسرهم مع ذويهم والقرى المجاورة لهم، للحد من ختان الإناث والزواج المبكر».

«كل شىء فى بدايته صعب».. هكذا تصف ماجدة بداية عملها بالجمعية كمدربة، وقالت: «تحولت من متلقية مقتنعة بعدم ختان الإناث إلى مشاركة فى حملات التوعية، فى البداية واجهت رفض زوجى خوفا من تعرضى لمكروه، ولكن قام كاهن الكنيسة بإقناعه، بعدما تحدثت إليه بأن هذا العمل لحماية الفتيات، من فقد الحياة أو التعرض لقهر بدنى ونفسى، وأن هذا يعد عملا خيريا».

«أنا أم لتلات بنات الأولى مختنة والاتنين التانيين رفضت ختانهم».. بتلك العبارة بدأت هويدا محمود، السيدة الثلاثينية، كلامها، وتقول: «تزوجت وكان عمرى 17 عاما ورزقت بـ 3 بنات وحمدت الله عليهن، وعندما بلغت بنتى سن 14 عاما جاء لى والدها وجدتها، وقالا يجب أن نقوم بختانها، لكن والدها أصر أن تتم عملية الختان عقب الكشف عليها عند الدكتورة لمعرفة إذا كانت تحتاج إلى ختان أو لا.

وتضيف: «عندما ذهبنا إلى الطبيبة قالت إن ابنتى تحتاج إلى ختان بالفعل، لكنها أصيبت بنزيف حاد، وعاهدت نفسى بعدم تكرار هذه العملية مع أختيها، حتى ولو لم يتم زواجهما، ومنذ ذلك اليوم وأنا أقوم بالنصيحة لجيرانى وأهلى».

ووفقا لآخر دراسة عن المسح السكانى لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن 92% من السيدات اللائى تمت مقابلتهن فى الفئة العمرية من 15 إلى 49 عاما، تم ختانهن فى فترات عمرهن من 7 إلى 10 سنوات، وجميع السيدات تم ختانهن قبل بلوغهن 15 عاما.

وقال العاملون بالمجال الصحى، الذين تم التعامل معهم فى الدراسة، إن 82% ممن يجرين عملية الختان من البنات، بينهن سيدات متزوجات يمثلن 38%، كما أن أكثر بقليل من نصف السيدات يعتقدن أن ختان الإناث مطلوب وفقًا لتعاليم الدين وحوالى 6 من بين 10 سيدات يعتقدن أن ممارسة عملية الختان لابد أن تستمر، كما أن حوالى نصف السيدات يعتقدن أن الرجال يفضلون استمرار ممارسة الختان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية