يستعد الدكتور عبدالرحمن الزيادى، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمى بكلية طب عين شمس ومركز القاهرة للكبد، لعرض نتائج بحثه الجديد والذى يحمل تساؤلاً مهماً وهو 20 عاما من العلاج بالإنترفيرون لعدوى فيروس «سى» فهل يستحق الاستمرار؟، وخصناً الزيادى بأهم ما جاء فى البحث قبل عرضه فى مؤتمر «المجموعة المصرية لدراسة الجديد فى أمراض الكبد» وإلى نص الحوار:
■ ما أهم ما جاء فى هذا البحث؟
- هذا البحث أجريته عن استخدام «الإنترفيرون» فى علاج فيروس «سى» خلال 20 عاماً، ومضت حيث أظهرت الدراسة أن متوسط الاستجابة المستديمة لجميع أنواع الإنترفيرون فى حدود 20% فقط، أما الاستجابة المستديمة للمحلى لاتتعدى 14 % مقارنة بـ11% للإنترفيرون العادى، وهى نسب شديدة الهزال.
■ ما هو الهدف من هذه الدراسة، وهل تنضوى الدراسة على توصية بعدم استخدام الإنترفيرون كعلاج لفيروس «سى» فى المستقبل؟
- الهدف هو إلقاء الضوء على السلبيات التى تؤدى إلى تواضع الاستجابة المستديمة للعلاج بالإنترفيرون ووضع الحقائق أمام المسؤلوين لاتخاذ القرارات الصحيحة فى المستقبل.
■ على أى عينة من المرضى أجريت الدراسة وفى أى معدل زمنى؟
- العينة كانت عبارة عن 615 مريضاً، 518 من الذكور، و97 من الإناث يعانون من الالتهاب الكبدى الفيروسى «سى» على مدى 20 عاماً، تتراوح أعمارهم بين 18 و65 سنة.. وقد تلقت هذه العينة الدواء لدى جهات مختلفة وفشل تماما ثم أتوا لى فى مركز القاهرة للكبد بملفاتهم الطبية فيما يسمى إعادة الفحص لدى طبيب آخر لمعرفة أسباب عدم الاستجابة.
■ لكن هذه النسب الضئيلة للاستجابة للإنترفيرون لا تتناسب مع سعر الدواء، فثمن الحقنة الواحدة يزيد على 1400 جنيه للمستورد ونحو 400 للمحلى؟.. فهل يستحق الإنترفيرون الاستمرار فى علاج الفيروس «سى» ؟
- الرأى المؤيد لاستمرار العلاج بالإنترفيرون يعتمد على التقارير التى تفيد بأن بعض المرضى الذين فشلوا فى تحقيق الاستجابة المستديمة للإنترفيرون قد حققوا بعض الفوائد من العلاج به، لأنه قد يبطئ من تطور الالتهاب الكبدى إلى التليف وسرطان الكبد، بالرغم من بقاء الفيروس فى الدم، أما الرأى الآخر القائل بعدم الاستمرار فى العلاج بالإنترفيرون فهو يعتمد على أن الاستجابة المستديمة للعلاج متواضعة، إضافة إلى انخفاض جودة الحياة لمعظم المرضى أثناء العلاج، وبعض المرضى يصابون بالتليف الكبدى وسرطان الكبد أثناء تعاطى العلاج.
■ كم تتكلف الدولة تقريبا بسبب توطن فيروس «سى»؟
- أعلنت وزارة الصحة فى السابق أنها عالجت 14 ألف مريض، بالإضافة إلى المرضى الذين يدفعون ثمن العلاج بالكامل من جيوبهم، بعيدا عن مستشفيات الحكومة والتأمين الصحى، فالمواطن يتكبد ما يقرب من 50 إلى 60 مليون جنيه من جيبه الخاص، بخلاف الملايين التى تدفعها الدولة وهذه الأموال تضيع هباء فى الأغلب الأعم نتيجة عدم الالتزام ببروتوكول العلاج.
■ إلى أى الأراء تميل. الاستمرار فى العلاج بالإنترفيرون أم وقفه؟
- أنا فى صف العلاج بالإنترفيرون ولكن بشروط، أهمها اختيار الإنترفيرون المعتمد عالميا، والاختيار الجيد للمرضى قبل العلاج فليس كل مريض يصلح للعلاج بالإنترفيرون، فالمرضى الذين يعانون من مرحلة متقدمة من التليف الكبدى، واستسقاء، وغيبوبة كبدية، ودوالى مرىء نازفة ونقص فى كرات الدم البيضاء والصفائح، والأنيميا الحادة، الفشل الكلوى غير لائقين للعلاج بالإنترفيرون.
إضافة إلى التحكم فى المخاطر المصاحبة للعدوى بالفيروس «سى» ومنها السمنة والبول السكرى والفشل الكلوى والتدخين والكحول والمهدئات قبل بدء العلاج بالتوازى مع تطبيق طرق الوقاية المختلفة.
فجزء كبير من ضعف نسب الاستجابة يرجع إلى الأخطاء المتبعة.
■ ما هى الأخطاء التى اتبعت فى الماضى وتود التنبيه لها للحصول على استجابه أعلى للدواء؟
- هناك سياسات خاطئة على كل المستويات اتبعت فى السابق، فمثلا بالنسبة للدواء كان هناك استخدام طرق غير سليمة لنقله وتخزينه واستخدام المهرب عديم الصلاحية فى غياب الرقابة، بل وملء المحاقن الفارغة بالماء واستخدامها فى الحقن «بالإنترفيرون الوهمى» وخداع المواطنين، العلاج بالإنترفيرون دون كبسولات الريبافيرين التى تعتبر أحد الأدوية الأساسية فى العلاج. وهناك أخطاء مرتبطة بالطبيب المعالج نفسه من خلال عدم اختياره المريض المناسب للعلاج بالإنترفيرون، وإهمال جلسات الحوار مع المريض قبل بدء العلاج لتوضيح أهمية الالتزام بمواعيد العلاج والأعراض الجانبية للأدوية وكيفية التغلب عليها، إضافة إلى أن المريض نفسه يساهم فى ضعف الاستجابة بعدم مواظبته على العلاج من خلال عدم التزامه بالحفاظ على وزنه ومنع التدخين والتوتر العصبى.
■ توقعت فى بحثك أن سرطان الكبد سيتربع على القمة ليصل المرتبة الأولى بين أنواع السرطان الأخرى خلال أعوام قليلة فما هى أسباب الزيادة المضطردة فى حدوث سرطان الكبد؟
- فى الماضى كان يكثر سرطان الكبد فى الأعمار أكثر من 60 سنة ولكن الآن بدأت تتغير الصورة وأصبحنا نرى سرطان الكبد فى العشرينيات والثلاثينيات من العمر والسبب فى رأيى هو فيروس «سى» الذى يسبب 70 % من الحالات، وتلوث البيئة والمبيدات الكيماوية التى تتغلغل فى الخضار والفاكهة، وسم الأفلاتوكسين (Aflatoxin) وتفرزه الفطريات التى تنمو على الفول السودانى والحبوب والدقيق، خاصة إذا كانت محفوظة فى درجة حرارة ورطوبة عالية.
■ قاطعته.. إذن ما نسمع عنه من شحنات فاسدة من القمح التى دخلت الأراضى المصرية ستدمر الكبد المصرى؟
- مؤكد فهذا القمح نظرا لسوء التخزين مملوء بسم «الأفلاتوكسن» القاتل.
■ ما كيفية الوقاية من فيروس «سى»؟
- يجب ألا يقتصر البرنامج القومى للقضاء على العدوى بالفيروس «سى» على توفير الإنترفيرون فقط، لكن لابد أن يستخدم العلاج يداً بيد مع الوقاية «التى تشمل مكافحة العدوى فى المستشفيات» فبدون الوقاية يصبح البرنامج مبتوراً.