x

أندريس إنيستا.. «بيكاسو» الذي أضاء العالم بألوانه

الإثنين 23-04-2018 12:22 | كتب: محمد البرمي |
إنيستا إنيستا تصوير : اخبار

«بيكاسو» و«أندريس إنييستا» شئ مشترك يربط بين الأثنين أبعد كثيراً من كونهما أبناء إسبانيا أو احتضنتهم مدينة برشلونة لسنوات، أو حتى تلك المقولة التي أبدعها أهم فنان في العالم إلى يومنا. «أتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان».

«الضجر» ربما ذلك هو الشئ الذي يربط بين الاثنين. أن تكون مبدعاً فناناً تقدم ما لا يمكن أن يقدمه غيرك دون أن تكون مضطراً للالتزام بقواعدهم دون أن تحتاج لانتظار شئ يكفي أن يوما ما سيذكرون ما الذي قدمته وكيف كنت متفرداً حتى وإن لم تحظى بتكريم مناسب في حياتك، هل يحتاج فنان لتكريم أكثر من كونه فنان؟ وما الذي يمكن أن يقدمه هذا العالم القبيح، إليك وأنت وحدك قادراً على تجميله بالموهبة.

إنيستا

«الفن هو الكذبة التي تجعلنا نكتشف الحقائق»

في الرابعة عشر من عمره كانت أسرة بيكاسو على موعد مع رحيل اضطروا إليه إلى برشلونة حيث حطوا رحالهم، لينضم الطفل الصغير إلى مدرسة المدينة المرموقة للفنون الجميلة، وفي الأيام الأولى له حصل في الامتحان الأول على درجات غير اعتيادية واعتراف واستثناء.

لكن مع ذلك ضجر من القوانين والقواعد الصارمة في كلية الفنون وبدأ يتخطى الدروس ليتمكن من التجول في شوارع برشلونة ويرسم المشاهد التي لاحظها فيها، بعد عامين فقط كان على موعد مع رحلة جديدة، انتقل بيكاسو ذو الـ 16 عامًا في 1897 إلى مدريد ليتلقى تعليمه في الأكاديمية الملكية لسان فرناندو، ومع ذلك أحبط مرة ثانية بسبب أسلوب التدريس الذي يركز بشكل منفرد على الموضوعات والتقنيات الكلاسيكية.

إنيستا

«بيكاسو» في نهائي كأس العالم 2010

رحل بيكاسو في 1973، لكن ماذا لو كان حياً يتابع من مدرجات ملعب «سوكر سيتي» جوهانسبرج في جنوب أفريقيا 2010، ومعه «الأزرق والوردي» تلك الألوان التي أحبها، ذلك اللاعب الذي وصفوه بالرسام «إنيستا» اسمه لكنه يشبه ما يخطه بيكاسو بألوانه على اللوحات لذلك كان من الطبيعي أن يلقب بـ«الرسام».

يتسلم إنييستا الكرة يراوغ الأول والثاني يحاصره 4 أو 5 لاعبين لكنه يمر، أي سحر تتركه ألوان ذلك الفتى النحيل، من أين يمكن أن ابدأ برسمه، يا له من مكار يردد بيكاسو تلك الكلمات، بينما يتسلم إنيستا الكرة على القادمة إليه من فابريجاس، يروضها تحت قدمه ثم يرسلها في الزاوية البعيدة، هل حان الآن موعد لتفرح إسبانيا على يد ذلك الباسكي الذي يطالب أهله بالانفصال.

يا لها من لوحة عظية فاتت بيكاسو لو كان حياً لكانت أعظم لوحاته على الإطلاق.

إنيستا

حقيبة صغيرة ورحلة إلى برشلونة

«كنت أبكي كل ليلة لأنني بعيد عن عائلتي» يحزم الفتى الصغير حقائبه، عرضاً من برشلونة، حان الأن موعد الذهاب إلى لا ماسيا، أكاديمية النادي، «لا أريد أن أغادر» يقول الفتى الخجول قبل أن يطالبه الأب والأم بالهدوء باحتضانه في محاولة لتشجيعه.

يقول إنيستا: «أنا ذاهب لأنك تريدني أن أذهب لأنه حلمك»، بتلقائية أنهى الصغير جدلاً وخوفاً بداخله هو حلم الأب والأم وهذا برشلونة عليك أن تكون شجاعاً كي تحقق حلم والديك، لكنه ظل لفترة طويلة يعاني يبكي كثيراً، خجولاً يفضل البقاء وحيداً أغلب الوقت لا يساعده على الاندماج غير الكره.

إنيستا

سرعان ما تغلب الخجول على كل الظروف فقاد برشلونة إلى البطولات وحصل مع منتخب إسبانيا على بطولة الاتحاد الأوروبي تعلم سحر كرة القدم في لامسيا ببرشلونة.

«كان التعلم غريبا، استقبل الكرة مرر، ثم قل مررها لي مرة أخرى، واستقبله ومرر وهكذا» إندريس إنيستا عن فترة «لامسيا».

يوماً ما أخر بيب جورديولا تشافي: «أنت ستجعلني أتقاعد، وذلك الفتى الصغير إنيستا؟ سيجعلنا نتقاعد جميعا».

في 2004 كان الفريق الأول لبرشلونة في حاجه إلى ذلك الفتى الصغير الذي يمرر الكرة بسهوله ويراوغ بشكل أسهل كثيراً من التمرير، أحب فرانك ريكارد أن يكون متواجد معه لكنه كان يخشى أن يتواجد تشافى وإنيستا كلاهما في الملعب، يخشى من الأداء الدفاعي، ربما ذلك خلق مشكلة له بمرور الوقت.

إنيستا

في الموسم الأول شارك إنيستا 37 مباراة معظمها كبديل، لكن البطولات عادت فاز برشلونة بالدوري ثم بدوري الأبطال بعد غياب، صنع مع ريكارد فريق عملاق لكنه لا يشارك ربما تلك كانت الفترة الصعبة وتلاها إنهيار برشلونة قبل أن يأتي جوارديولا ويأتي معه عصر توهج «إنيستا».

«لم يتطلع يوماً إلى أن يكون قائد، أو أي شئ هو يريد الفوز يتواضع يكون جزء من الفريق، ولا يهتم بشئ غير ما يقدمه في الملعب» والد إندريس.

إنيستا

البحث عن الخلود بالألوان

بين الألوان بحث بيكاسو عن عالمه الخاص، يمكن من خلاله أن يصنع لنفسه مدرسته أن يمارس سحر الألوان على طريقته الخاصة، بين مدرسة الفنان النرويجي ادوارد مانش وهي المدرسة الرمزية إلى مدرسة الانطباعية متأثرا بالفنان غوغان وتولوز لو تريك، تنقل حتى جاء اليوم الذي يمكن أن يصنع من خلاله عالمه الخاص، كيف بسهوله ورغم كل ما بداخله من تعقيد أن ترى لوحة رائعة سلسلة تحمل رسالة ما.

بمرور الوقت صار بيكاسو الأغنى وله مدرسة واتخذ بعد ذلك أسلوب رمزية الاستلهام التي كانت تتسم بلوحات شبه أحادية اللون ، مثل لوحة الحياة ولوحة السماوية، وفي الفترة الوردية ، انتقل إلى اللوحات العاطفية مثل لوحة المهرج والفارسات والمرأة حاملة الوردة ، والبهلوان .

« إنهم يأتون على نفس الأشياء القديمة » لخص بيكاسو رحلته هو يريد أن يكون شئ جديداً أن يقدم شئ مختلف ببساطة حتى لو لم تكن تناسب طبيعته.

إنيستا

البحث عن الخلود بالكرة

كان كرويف والكرة التي قدمها المسيطرة على عقول لاعبي برشلونة، ومن إلى جوارديولا ثم تشافي حتى اكتملت بإنيستا هي المدرسة التي تقوم على التواضع وتمرير الكرة واستخدام المهارة في موضعها، كره تناسب تماماً السمات الشخصية لإنيستا.

لا يشعرك إنيستا مطلقاً أن هناك مجهود يبذل في المرور من لاعب إلى أخر لكنك مع ذلك تؤمن أن الشئ الوحيد الذي يجعله يمر بهذا الشكل سحراً حقيقياً ينثره أو ربما عقد اتفاق مع العشب الأخضر على ذلك، من الأول من الثاني ثم أمراً عجباً، دون ضجيج أو صخب في الملعب كما في الخارج أكثر من 10 سنوات لعبها كأساسي في برشلونة ومنتخب إسبانيا.

حصل الفتي الباسكي على أكثر من 34 لقب مع برشلونة وإسبانيا من بينهم لقبين ليورو 2008 و2012 وكأس العالم 2010 التي أقيمت في جنوب أفريقيا، و3 دوري أبطال أوروبا ومثلهم كأس العالم للأندية لكنه لم يفز بجائزة الأفضل في العالم، في زمن سيطر فيه ميسي ورونالدو على كل شئ رغم أن العدل يقول هو يستحق.

الوحيد الذي كسر كل نظريات كرة القدم كان إنيستا من قال إن الكرة القبيحة هي التي تفوز من قال إن الأرقام عدد الأهداف والتمريرات الحاسمة هي كل شئ، أنظر إلى أعين من يتابع إنيستا والإجابة واضحة في حقيقة الأمر هو «ليس كمثله لاعب»، قليلاً من زيدان، جوارديولا، تشافي.

«دائما تصورته والكرة بين قدميه هكذا كنت أراه دائما، إنه يفعل كل شيء بطريقة جيدة وببساطة، في بعض الأحيان قد يبدو وكأنه لا يقوم بأي شيء، لكن في الحقيقة إنه يفعل كل شيء، أي شيء مختلف مع أندريس، أصعب شيء في كرة القدم هي أن تجعل كل شيء يبدو سهلا، أندريس يفعل هذا من دون جهد» ليونيل ميسي عن إنيستا.

إنيستا

بيكاسو VS إنيستا

لا يحتاج الفتى الذي يسير على العشب كمن يرقص التانجو أو السامبا، أو ربما رقصة تناسب ما يقدمه رقصة يمكن أن نطلق عليها «إنيستا» لم تكن رشية بيكاسو لتبدع أكثر كثيراً مما ستخرجه الصور التي تلتقطها كاميرات المصورين «إنيستا» في مواجهة 5 أو 6 أو ربما 7 لاعبين في مبارايات مختلفه، ومع ذلك يمر منها، حتى لو كنت منافساً أو كارهاً ستذكر كرة ما أو لعبة ما لإنيستا عالقة في الأذهان، ربما يقول البعض أنه الأفضل هل احتاج إنيستا لأحد كي يرسمه لو احتاج لما أطلق عليه «الرسام».

ربما لو احتاج إنيستا بيكاسو فقط سيكون ليرسم صورته وهو يبكي على دكة البدلاء في مباراة إشبيلية هي نهاية هنا نهاية حقبة رائعة كما أنها تشبه كثيراً تلك اللوحة البديعة التي رسمها بيكاسو للعجوز عازف الغتيار يشبه الاثنين بعضهما البعض حتى اليوم الأخير نثر عازف الكمان ألحانه، ونشر بيكاسو ألوانه، وصنع إنيستا مئات اللوحات على العشب الأخضر.

هي نقطة أخيرة اتفق فيها إنيستا مع بيكاسو.

كنت أحب تلك القاعة لأنني استخدمت جدرانها كلوح كبير كنت أرسم عليه باستمرار، كان يجب أن أبقى هناك إلى الأبد أرسم دون توقف

كانت لبيكاسو القاعة وكان لإنييستا المسرح الأخضر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية