حين ضم عمرو بن العاص مصر لدولة الخلافة الإسلامية كان عمر بن الخطاب خليفة، للمسلمين وكان الخليفة عمر بن الخطاب يخشى على الجيوش الإسلامية من الدخول لأفريقيا ووصفها بأنها مفرقة، أما القائد عمرو بن العاص فكان مغرما بمصر قبل الإسلام، وبعد أن حقق انتصارا على الروم في معركة أجنادين استأذن الخليفة في غزو مصر فأبدى الرفض في البداية ثم وافق بعد ذلك.
وكانت مصر تمثل مكانة كبيرة لدى المسلمين بسبب ذكرها في القرآن الكريم وتبشير النبى محمد للمسلمين، بفتحها وتوصيته بأهلها خيرا ومن الدوافع الأخرى الدافع العسكرى، حيث تمثل مصر الامتداد الطبيعى الجنوبى لفلسطين، سيطر عليها المسلمون، وقد رغبوا في الاستيلاء على ما في مصر من ثغور مما يمكِّن المسلمين من إخضاع مدن الشام الشمالية الواقعة على البحر المتوسط.
أما الدافع الثالث فكان اقتصاديا، حيث كانت تذهب ثروات مصر إلى روما فيما كانت الأوضاع الاقتصادية في مصر متردية، وكان عمر بن الخطاب في ٢٠ هـ ديسمبر ٦٣٩م قد وافق على مضض بعد إلحاح عمرو بن العاص عليه بالزحف إلى مصر، وتحرك عمرو بن العاص بجيش قوامه ٤٠٠٠ جندى عبر الطريق الحربى البرى مجتازاً سيناء ماراً بالعريش والفرما إلى مصر، التي كان يحكمها الرومان، وكان عمرو أثناء زحفه إلى مصر قد جاءه رسول برسالة من عمر بن الخطاب فعرف ما فيها، وظن أن الخليفة لابد أنه قد عدل عن فكرة الزحف إلى مصر فلم يأخذ الرسالة من الرسول حتى عبر مهبط السيل الذي كان الحد الفاصل بين مصر وفلسطين، وبلغ بسيره العريش، وهناك أتى له بالكتاب فقرأه ثم سأل من حوله: أنحن في مصر أم في الشام؟ فقيل له نحن في مصر، فقرأ على الناس كتاب الخليفة ثم قال: إذن نسير في سبيلنا كما يأمرنا أمير المؤمنين، وكان الخليفة يأمره بالرجوع إذا كان لا يزال في فلسطين، فإذا كان قد دخل أرض مصر فليسر على بركة الله، وأمكن لعمرو الاستيلاء على بلوز وحصن بلبيس وتحصن الروم في حصن بابليون، فحاصرهم عمرو بن العاص حتى استطاع اقتحامه، «زي النهارده» في ١٦أبريل ٦٤١م بعد أن ارتقى الزبير بن العوام أسوار الحصن.