x

صناع الفسيخ والرنجة: ارتفاع سعر الأسماك ٥٠٪.. و«الغرف»: تراجع الاستيراد 30%

السبت 07-04-2018 19:39 | كتب: ريهام العراقي |
تصوير : فاضل داوود

داخل غرفة واسعة وأمام مجموعة من الصناديق الخشبية، جلست «مديحة»، الشابة العشرينية، تتلقف يدها الماهرة المدربة، الأسماك، من زميلاتها وتنظفها خلال لحظات معدودة، ثم تعدها للصندوق مرة أخرى، تجاورها مجموعة من الشباب وظيفتهم أخذ الأسماك وتمليحها ثم تأتى مرحلة «التعتيق» للحصول على الفسيخ والرنجة.

وقال أحمد عبدالنعيم، صاحب مصنع لحفظ الأسماك المدخنة، إنّه يصنع فقط من العائلة البورية ومنها «البورى»، و«الجبايش»، و«الهليلي»، و«الكبوت»، حيث يتم تنظيف البورى جيدًا ويترك ليجف ثم يدخل المعمل، ويتم ترتيب السمك داخل غرفة تصل درجة حرارتها 20 درجة مئوية، لمدة 3 أيام، ثم نضعها داخل براميل كبيرة على هيئة طبقات تفصل بينها كمية معينة من الملح، ويترك 3 أيام أخرى، ثم تتم تصفية السمك من دمائه ثم يرص فى صناديق مرة أخرى، ويتم تمليح كل كيلوجرام سمك بكيلوجرام من الملح، ويترك 15 يوما حتى ينضج السمك ويصبح فسيخا.

ونصح المستهلك عند شرائه الفسيخ، للتحقق من الفاسد والصالح للاستخدام، أن الفسيخ الجيد تكون عينا السمكة بارزة، ولحمها متماسك لا يوجد به فراغات، وغير مرن، أمّا غير ذلك تكون فاسدة.

وقال أحمد جعفر، رئيس شعبة الأسماك فى الغرفة التجارية، إن تاريخ صناعة «الفسيخ» يرجع لعصر القدماء المصريين الذين كانوا يجففون الأسماك، ويأخذونه معهم فى الحروب لأنه لا يفسد بمرور الوقت وكان يتم تقديمه كوجبات للجنود، إلا أنه لا توجد إحصائيات محددة حول حجم استهلاك المصريين للأسماك المملحة والمدخنة خلال أعياد الربيع، وأشار «جعفر» إلى تراجع استيراد الأسماك بنسبة 30% خلال العام الجارى، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، لافتا إلى أن مصر تستورد سمك «الهارينج»، وهو السمك المستخدم فى صناعة الرنجة والفسيخ، بقيمة 100 مليون دولار سنويا.

وأوضح أن مصر تستهلك سنويا 2 مليون طن سمك تقدر تكلفتها بحوالى 2 مليار دولار سنوياً، لافتا إلى أن حجم الاستيراد السنوى يشهد حالة ملحوظة من التراجع خلال العام الجارى.

ورصدت «المصرى اليوم» ازدحاما على منافذ بيع الرنجة، وارتفاع الأسعار وصل لما يقرب من ٣٠% عن العام الماضى، حيث وصل سعر كيلو الرنجة من 50 إلى 65 جنيها للكيلو الواحد، بينما سجل كيلو الفسيخ 150 جنيها، أما كيلو الملوحة 130 جنيها، بالرغم من تحذيرات وزارة الصحة والسكان للمواطنين من تناول الأسماك المملحة والمدخنة وخاصة الفسيخ فى عيد شم النسيم، لما يمثله من خطر شديد على الصحة قد يصل للشلل أو الوفاة، إلا أن ذلك لم يمنع تزاحم المواطنين على منافذ بيع الفسيخ والرنجة.

وقال يحيى زكريا، مدير مجموعة أحد المصانع المعروفة فى صناعة الرنجة، إن تعويم الجنيه تسبب فى ارتفاع سعر أسماك «الهارينج» المستخدمة فى صناعة الرنجة بنسبة ٥٠٪‏ عن العام الماضى.

وتابع: «بدأنا فى صناعة الرنجة منذ ٣٩ عاما، ونستخدم سمك «الهارينج» وكنا نستورده من دولة هولندا، بجانب سمك «الباكالاه» لفترة طويلة، واستطعنا خلال فترة قصيرة إثبات أن منتجنا على قدر كبير من الجودة، وأفضل من المنتج الذى كان يتم استيراده من الخارج، وأصبحت مصر لا تستورد هذه النوعية من الخارج، حتى الدول الأخرى التى كانت تستورد أيضا هذا المنتج من الخارج أصبحت تستورده من مصر، وارتفع سعر السمك بنسبة٥٠٪‏ بسبب التعويم.

واشتكى زكريا من تقليد بعض المصنعين للعلامة التجارية لمصنعه، الأمر الذى يتسبب فى تحرير محاضر مخالفة ضده، مشيرا إلى أنه يوجد الآلاف من مصنعى الأسماك المدخنة إلا أن المرخص لهم بالعمل فى هذا المجال، طبقا للمواصفات القياسية، معدودون على أصابع اليد الواحدة.

وأوضح «زكريا» أن المستهلك يستطيع التمييز بسهولة شديدة دون امتلاك أدوات تحليل، من خلال سلسلة ظهر السمكة، فإذا غرز إصبعه ووصل للجهة الثانية أو اقترب منها فإن السمكة بذلك قد بدأت تفسد وتتحلل وعليه تجنب شرائها.

وأرجع «زكريا» انخفاض المخاطر الصحية للرنجة مقارنة بالفسيخ، إلا أن الرنجة منتج قائم على الملح والتجفيف فلا يوجد منها خطورة، وقد تصبح غير صالحة للاستهلاك فى حال تعرضها للشمس لفترات طويلة، لذلك فإن طريقة التصنيع هى التى تحدد جودة المنتج أو تم تداوله بهذه الطريقة.

وحذر الدكتور أحمد سلامة، أستاذ القلب بالمعهد القومى للقلب، من الاقتراب للفسيخ والرنجة بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض القلب والشريان التاجى وهبوط القلب وارتفاع الضغط، فهناك أمراض تتعارض مع الكميات الهائلة من الملح الأبيض الذى يتم وضعه على هذه الأسماك، وأولها المرضى الذين يعانون أمراض القلب فيجب عليهم الابتعاد تماما عن الفسيخ، لأن تناوله يسبب لهم هبوطا حادا وارتشاحا رئويا مزمنا وهبوطا عاما من الممكن أن يدخل بموجبها المريض العناية المركزة وتظهر الأعراض على هؤلاء المرضى فى صورة تورم فى القدمين والبطن، ويؤدى للإصابة بذبحة صدرية وارتشاح فى المخ.

وأضاف «سلامة» أن أساس مشكلة التسمم الناتج عن أكل الفسيخ يرجع لطريقة التحضير التى قد تكون غير آمنة من الناحية الصحية، بسبب قلة وجود الملح بالفسيخ وعدم تركه وقتا كافيا لمدة لا تقل عن 30 يوما.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية