لم تنجح معركة الدرجات العشرة الخاصة للدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق، فى إجبار طلاب الثانوية العامة على الحضور داخل المدارس، قبل أن يلتقى 3 طالبات فقط خلال تفقده مدرسة المعادى الثانوية بنات فى أول يوم للعام الدراسى السابق، بعد أن تم تجميد القرار من قبل المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لأجل غير مسمى فى انتصار واضح للطلاب.
تهديدات مستمرة من وزارة التربية والتعليم لطلاب المرحلة الثانوية بالفصل والحرمان من دخول الامتحانات لمن تجاوز نسبة الغياب المقررة قانونا ولكن دون جدوى، واستمر الطلاب فى الغياب رغم إنذارهم ثلاث مرات قبل فصلهم وإعادة قيدهم مرة أخرى.
ولم تختلف الأرقام بين مدرسة وأخرى وإدارة تعليمية بالقرى أو المراكز، فجميعها تدل على هروب طلاب الثانوية العامة من الفصول والمدارس واعتماد الدروس الخصوصية وسيلة للخروج من عنق الزجاجة واللحاق بركب الجامعات.
مصدر مسؤول بمركز المعلومات بوزارة التربية والتعليم أكد لـ«المصرى اليوم» أن الغياب الإلكترونى ونسب الحضور والغياب التى يتم تسجيلها منذ أول أيام الدراسة- تعتبر سرا حربيا لا يطلع عليه أى قيادة بالوزارة باستثناء المكتب الفنى لوزير التربية والتعليم ومدير التعليم الثانوى ورئيس امتحانات الثانوية العامة.
وأضاف المصدر الذى رفض نشر اسمه أن السرية ترجع إلى محاولة الوزارة حفظ ماء الوجه أمام الحكومة والمجتمع وعدم كشف النسب المتدنية لحضور الطلاب بالمدارس لعدم تعرضها للنقد اللاذع بوسائل الإعلام أو مواجهة اتهامات بالفشل الذريع، رغم تعدد الآليات والقرارات الخاصة بالغياب والحضور.
وكشف المصدر أن نسبة حضور طلاب الثانوية العامة بالقرى لا تتعدى 25% من عدد الطلاب فى حين تنخفض فى المراكز والمحافظات الرئيسية مثل مدارس محافظة الإسكندرية التى تصل فيها نسبة الحضور إلى 10%، بينما تصل النسبة إلى 5% بعدد من مدارس الجيزة، وتصل إلى صفر % فى عدد كبير من مدارس القاهرة، وبلغت نسبة حضور الطلاب بامتحانات البوكليت التجريبية أقل من 30%.
لم تختلف التفاصيل بين حى المعادى الراقى والمنطقة الريفية بقرية ناهيا التابعة لإدارة كرداسة التعليمية بمحافظة الجيزة، حيث لم يجد مدير مدرسة ناهيا الثانوية بنين مفرا من فصل جميع طلاب المدرسة بالصف الثالث الثانوى بجميع الشعب «علمى علوم وعلمى رياضة وأدبى»، وذلك التزاما بالقرار الوزارى الخاص بفصل متجاوزى نسبة الغياب المقررة قانونا، قبل أن يخبر الطلاب بضرورة إعادة قيدهم مرة أخرى، ليتمكنوا من أداء امتحانات الثانوية العامة المقرر عقدها فى يونيو المقبل.
انتقلت «المصرى اليوم» إلى مدرسة ناهيا الثانوية بنين بمنطقة كرداسة.. وهى مدرسة صغيرة تقع بين مربع سكنى يفصل بين سور المدرسة والرقعة الزراعية ترعة صغيره ممتلئة بالنفايات، ومنطقة مزدحمة بالسيارات بجميع أنواعها بدءا من النقل والميكروباص والتوك توك ونهاية بالكارو والتروسيكل.
التقينا بإمام عبدربه، مدير المدرسة، الخبير فى الجودة والاعتماد التربوى، الذى أصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعى عقب نشر قرار فصل جميع الطلاب على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك.
قال عبدربه: «اعتدت على التواصل مع طلاب المدرسة عن طريق فيسبوك، نظرا لغيابهم بشكل مستمر، وعندما أريد اخبارهم بموعد ملء الاستمارات الورقية للثانوية العامة، أقوم بكتابة منشور على الصفحة الرسمية لأنها الوسيلة الوحيدة التى أضمن بها وصول رسالتى لأنه لا يوجد طالب بعمر 18 سنة وليس لديه حساب على الموقع الشهير فيسبوك».
وتابع عبدربه خلال جولته معنا داخل المدرسة التى تضم 275 طالب ثانوية عامة فى 5 فصول «واحد علمى علوم وواحد علمى رياضة و3 فصول للأدبى» أن المشكلة القائمة هى وجود خطأ شائع وقاعدة عامة عند طلاب الثانوية العامة وهى «مفيش حضور» وبدء الدروس الخصوصية منذ شهر أغسطس وفى موعد اليوم الدراسى، وبالتالى عند بدء الدراسة فى نهاية شهر سبتمبر يكون الطلاب اجتازوا المقرر فى السناتر والدروس الخصوصية وبالتالى يرون أن حضورهم بالمدرسة تضييع وقت خاصة أن المشكلة الكبرى أن المدرسة مسائية تبدأ من الثانية عشرة ظهرا، وبالتالى يضيع باقى اليوم.
وفى محاولة منه لحل المشكلة، أكد عبدربه أنه قرر اعتماد نظام المحاضرات بدلا من الحصص بحيث يقضى الطالب محاضرتين يوميا وحصة أنشطة بدلا من الحضور يوما دراسيا كاملا، مشيرا إلى أن قرار العام الماضى بتخصيص 10 درجات للحضور، أدى لانتظام طلاب 3 فصول من إجمالى 5 فصول، ولكن بعد تجميد تنفيذ القرار من قبل مجلس الوزراء امتنع الطلاب عن الحضور، وأصبحت الفصول خاوية على عروشها. وأكد مدير المدرسة أنه بدأ تطبيق نظام الغياب الإلكترونى مع أول أيام العام الدراسى، ولم يلتزم به الطلاب، مضيفا: «قمت بتحذير الطلاب على موقع فيسبوك بأن من تجاوز نسبة الغياب سيتم فصله، ولم يستجب أحد، ومصاريف إعادة القيد 29 جنيها وللطالب حق إعادة القيد مرتين خلال المرحلة، وفى الثالثة يتم تحويله لنظام المنازل بقوة القانون، وبعد عدم الاستجابة للإنذارات قمت بفصل جميع الطلاب والإعلان عن ذلك عبر الصفحة الرسمية على فيسبوك».
وأضاف: «رغم قيامى بفصل جميع الطلاب بالمدرسة ورغم قانونية القرار وطباعة استمارات الثانوية العامة إلا أننا فوجئنا بقرار إعادة قيد الطلاب مرة أخرى وتسجيل الاستمارات لهم من جديد». ويرى مدير المدرسة أن بعض أولياء الأمور لا يمانعون من تحويل أنجالهم لنظام المنازل، مقابل تحصيل الدرجات والمجموع، وبالتالى يجب زيادة درجات الحضور إلى 20 درجة، بدلا من 10 وتقنين منح الدرجات وعدم التلاعب بهم.
وقال عبدربه: «جميع ادعاءات الطلاب بعدم وجود فصول ومقاعد لهم بالمدرسة كاذبة، لأن الموازنات المخصصة للمقاعد بالمدارس والمديريات تكفى فرش عدد المدارس الموجودة بالفعل وزيادة 25%، وهناك طفرة فى الصيانة بالمدارس والتعامل مع المستويات الأعلى من الأبنية التعليمية والمناقصات بعيدا عن الإدارات، وعجز المدرسين غير صحيح، ولكن هناك سوء توزيع فى بعض الأماكن».
وتابع أن المدرسة تضم ملعبين، ويتم تنظيم دورى كرة قدم، وأن هناك فكرا عاما لدى أولياء الأمور بعدم الالتزام بالحضور.