هو واحد من أبرز أسماء «جيل الوسط» فى الوفد. انضم للوفد منذ عودة الحزب للحياة السياسية عام 1984، وتدرج فى مختلف التنظيمات الداخلية من أمين شباب القاهرة، حتى وصوله أخيراً إلى منصب المستشار السياسى والقانونى لحزب الوفد.
عقب الخلاف الكبير مع قيادة الوفد الحالية، لمع اسم «عصام شيحة» كواحد من أبرز أعضاء «تيار الإصلاح»، وربما ظهر ذلك خلال اجتماع الرئيس السيسى بجبهتى الصراع فى الوفد، فى محاولة لرأب الصدع.
«المصرى اليوم» تحاور عصام شيحة حول مستقبل الوفد والمعركة الحاسمة، اليوم، فى انتخابات الهيئة الوفدية، والرئيس المقبل، والدور المتوقع للوفد فى الحياة السياسية. وإلى نص الحوار..
■ شهور قليلة، وتحتفل مصر بـ«مئوية الوفد المصرى».. كيف ترى انتخابات الوفد كأعرق وأقدم الأحزاب المصرية وسط الظرف السياسى الراهن؟
فى اعتقادى أن المهمة الرئيسية للرئيس القادم إلى الوفد هى إنقاذ ما يمكن إنقاذه أو تحديداً العمل على «بقاء الوفد».
■ بمعنى..
- بمعنى أننا كوفديين ومصريين سنحتفل فى نوفمبر المقبل بمرور مائة عام على تأسيس الوفد المصرى، فى ظرف «استثنائى» تمر به الدولة المصرية الآن، وهذا يستلزم أن تكون هناك قدرة كبيرة من القادم على لم شمل الوفد والوفديين، فلا يخفى على أحد أن هناك «خوفاً كبيراً» لدى جموع المصريين من أن تكون هذه المئوية «تأبيناً» وليس إحياء وتطويراً لفكرة الوفد. استشعار الخوف انتقل بالتبعية إلى قيادات وحكماء وشيوخ الوفد، خاصة حينما يكون هناك تهديد للكيان، الذى ظل على مدى المائة عام القلعة الحصينة التى يحتمى بها المصريون ضد الظلم والبطش.
■ ما السبب المباشر فى قلق «حكماء الوفد».. وما تحركاتهم فى هذا الصدد؟
- هناك «حالة خصومة» قائمة الآن بين الوفديين القدامى والوفديين «الجدد» إذا جاز لنا التعبير، كذلك حالة «الإقصاء»، التى مورست خلال السنوات القليلة الماضية، أدت بالقادرين على «لم الشمل» إلى الرحيل خارج الوفد.
■ إذا سمحتَ لى.. أنت من جيل الوسط فى الوفد، وهناك العشرات من أبناء هذا الجيل الذين لم يستطيعوا حتى الآن فرض أنفسهم على أرض الواقع.. أين جيلكم مما يدور؟
- المعركة الحالية داخل الوفد الآن بين «الأنداد»، وتحديداً فى جيل الوسط، فلا توجد قناعة الآن بين أفراد هذا الجيل للدفع بشخص من بينهم لخطوة إلى الأمام!.
■ لماذا؟!
- حالة «التربص» والإقصاء التى تحدثت لك عنها دفعت كل مَن لديهم تصورات وقدرات على لم الشمل إلى خارج الوفد، وهنا تكمن خطورة الانتخابات القادمة، لأنك تحتاج «رمزاً» قادراً على دمج القديم بالجديد، ولابد من أن نوقف فكرة أن الجديد هو خطر على الوفد، هذه فى حد ذاتها فكرة «إقصائية»، فأنا أتفهم موقف كل الوفديين القدامى الراغبين فى صياغة المستقبل، ولكن فى الوقت نفسه لا أتصور أن يتم إقصاء أى وفدى غامر بالانضمام إلى الوفد فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر.
■ فكرة الوفد قامت على «الخلاف».. وربما ذلك ما شهده الحزب على مدار ما يقرب من ثلاثة عقود قبل يوليو 1952.. وتجددت مع عودة الوفد «الجديد» فى حقب مختلفة.. أنت ممن تعرضوا لـ«الإقصاء»، واتجهتَ إلى المشاركة فيما سُمى «تيار الإصلاح».. ما الذى حققه التيار فى العامين الماضيين على سبيل المثال، خاصة الاتهامات التى وُجهت له بأنه يحمل «جملاً إنشائية نقدية» أكثر منها رؤى للإصلاح؟
- دائماً ما نسأل أنفسنا: «ماذا حقق التيار؟».. التيار وقف قدر المستطاع ضد فكرة «استنزاف الوفد» سياسياً ومالياً. تيار الإصلاح كان- ومازال- لديه رغبة شديدة فى الحفاظ على قيم ومبادئ الوفد، فكل برامج المرشحين للرئاسة هى ما ينادى به «تيار الإصلاح» منذ سنوات، وليس منذ عامين فقط.
■ ولكن البعض يؤكد أن التجربة فشلت..
- الفشل أو النجاح هو مسألة نسبية، ولكنى أتوقف أمام خطأ ما، يتمثل فى خروجنا من الوفد، وإصرارنا على بناء «كيان آخر» أمام مواقف القيادة الحالية للحزب، فارتضينا أن نكون «وفديين بغير وفد» بدلاً من أن يتم تقسيم الوفد إلى عدة جبهات، وكانت نتيجة ذلك أننا تركنا الوفد لغير الوفديين!.
■ ومَن كسب هذه المعركة فى النهاية؟
- «الكل خاسر».. لقد وصلنا فى مرحلة ما إلى أننا لو ظللنا فيما نحن فيه سنكون سبباً فى نهاية الوفد.
■ لو استخدمنا لفظ «الاستنزاف» الذى أشرتَ إليه.. إلى أى مدى تحقق هذا الاستنزاف «مالياً» و«سياسياً» داخل الوفد؟
- الوفد كان لديه ميزتان يتمتع بهما، الأولى هى «الاستقلال السياسى»، والثانية هى «الاستقلال المالى»، فالوفد هو كيان منفصل تماماً عن كل مؤسسات الدولة، وهو الحزب الوحيد- حتى قبل ثورة يناير- الذى لم يتلقَّ دعماً من الدولة أو الحكومة.. سؤالك قد يفتح الجراح.. ولكننا أمام حقائق لا يمكن التغاضى عنها، فالرئيس الحالى للوفد تولى المسؤولية وخزينة الحزب بها وديعة قيمتها «93 مليون جنيه»، وكانت تعطى فوائد ما بين 8- 10 ملايين جنيه، أضف إلى ذلك أنه كانت لدى الصحيفة إدارة إعلانات تستطيع أن تجلب ما بين 12 و16 مليون جنيه سنوياً من عائد الإعلانات، هذا عن الاستقلال المالى، أما السياسى فقد خسرنا الكثير، عقب ثورة يناير.. فقبل الثورة بشهور اقتحم الوفد صفقة شراء صحيفة «الدستور»، وهذه الصفقة جرحت الوفد بشكل كبير، لأن الرأى العام كان على يقين من أن الصفقة هدفها هو «إسكات» هذا الصوت!.. وأعقب ذلك تخبط سياسى شديد، تمثل فى خيارين «نؤيد الثورة أم نعارضها؟»، فظهر الشرخ الكبير بين قيادة الوفد وشبابه.. الشباب يريد الخروج، والقيادة لا تنصح بذلك.. ومَن يقرر الخروج فعليه أن يتحمل النتيجة!.. ثم الكارثة السياسية الكبرى فيما بعد فى الدخول ضمن تحالف مع «جماعة الإخوان».. كل ذلك أضعف من الموقف العام للحزب أمام جماهيره.. خاصة أن رئيس الوفد قد وعد بأن يتصدر الحزب المشهد السياسى خلال «18 شهراً»، وهو ما لم يحدث، بل ازداد الحزب ضعفاً.. وهذه هى النقاط الرئيسية التى كانت سبباً فى تشكيل تيار الإصلاح.
■ وأين تكمن أزمة الوفد الحالية.. وما مواصفات الشخصية المؤهلة لعلاج هذه الأزمات واقتحامها برؤى جديدة؟
- الرئيس القادم مهمته الرئيسية هى إعادة الوفد للوفديين، فعلى مر السنين كان هناك احترام متبادل بين الوفديين، مهما كان حجم الخلاف فيما بينهم.. وهذا ما اختفى من الواقع الحالى للأسف. تلِى المهمة الأولى مهمة ثانية لا تقل عنها أهمية، وهى إعادة بناء الوفد من الداخل، بعد هذا المسلسل الطويل من التسيب واختفاء روح الوفد الأصيلة والتلاحم بين أعضائه، والذى كان سمة لهذا الكيان العريق.
■ مَن تراه من بين المرشحين هو القادر على تحقيق ذلك؟
- قولاً واحداً هو المستشار بهاء أبوشقة..
■ لماذا؟
- هو القادر واقعياً على ذلك..
■ ولكن البعض يتحدث عن سنه المتقدمة.. وأنه ربما لا يستطيع مثلاً القيام بأعباء المنصب، فكيف ترى ذلك؟
- أرى أن مسألة السن إضافة حقيقية، فهو بذلك قادر على التواصل مع كل الأجيال، كما أن الوفديين لديهم نوع من الاحترام والتقدير لكبار السن و«الزعامات التاريخية» والمرافقين لها، والداعمون للمستشار بهاء أبوشقة يتعاملون معه كوالد أو أخ كبير، وقد أعلن أنه لا يستهدف البقاء فى هذا المنصب، وإنما هدفه هو إعادة بناء الوفد مرة أخرى، وأن كل الأطراف قادرة على صناعة مستقبل الوفد.
■ البعض يتحدث عن لا أقول «صفقة»، وإنما «اتفاق» على دعم المستشار «أبوشقة» فى مقابل عودة «تيار الإصلاح» المستبعد إلى الوفد مرة أخرى، فإلى أى مدى ترى صحة هذه الأقاويل؟
- كل المرشحين تقريباً وليس المستشار بهاء أبوشقة وحده رددوا تقريباً أنهم راغبون فى عودة «تيار الإصلاح»، واستخدموا لفظ «الطيور المهاجرة» تحديداً. وقبل شهر من الانتخابات، التقينا مع الدكتور السيد البدوى، بحضور النائب فؤاد بدراوى، والأستاذين محمود على ومصطفى رسلان، واتفقنا على صياغة بيان بشأن العودة، ولكن رئيس الوفد لم يتمكن من تحقيق ذلك.. إنما عموماً هناك وعود من الكل.
■ ما رسالتك للهيئة الوفدية فى اجتماعها، اليوم؟
- الوفديون أمامهم مهمة وطنية، اليوم الجمعة، للحفاظ على تاريخهم ومبادئهم، واختيار المستشار بهاء أبوشقة، بحكم أنه الوحيد فى هذا الظرف الاستثنائى القادر، لخبراته وسنه وقدرته، على جمع شمل الوفديين، وهو يحظى باحترام كبير داخل الجمعية العمومية، وأتمنى أن تسير الانتخابات بشكل طبيعى، وأن يدلى الوفديون الأصلاء بأصواتهم فى جو يسوده الهدوء والمحبة.
شريف عارف