تفرغ جيمس زغبى لدراسة شؤون سياسات الجالية العربية الأمريكية فى الولايات المتحدة منذ عام 1985، وهو العام الذى أسس فيه المعهد العربى الأمريكى بواشنطن لكى يكون ذراع البحث والتدقيق فى دوائر العرب الأمريكيين، زغبى هو أكاديمى أمريكى من أصل لبنانى ومحاضر وباحث فى شؤون الشرق الأوسط وصديق مقرب من الرئيس باراك أوباما. كما يعمل كبير المحللين فى مؤسسة «زغبى» العالمية لاستطلاعات الرأى، والتى أسسها ويديرها أخوه جون زغبى، «المصرى اليوم» التقت زغبى فى واشنطن فى حوار عن علاقة أمريكا بالتغيير فى الشرق الوسط، وإلى نص الحوار:
■ مع بدء حملات الترشح للرئاسة فى أمريكا، هل ترى أن إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما فى مصلحة الشرق الأوسط؟
- للأسف، معظم البلاد العربية لا تفضل دور القيادة الذى تنتهجه إدارة الرئيس باراك أوباما ولا تحبذ التدخل العسكرى الأمريكى فى أى دولة عربية، خاصة بعد غزو العراق الذى جعل سوريا، على سبيل المثال، تستقبل أكثر من مليون لاجئ عراقى منذ بداية الحرب.
■ ما الدليل على ذلك؟
- أحدث استطلاع رأى قام به «المعهد العربى الأمريكى» فى أكتوبر الماضى، كشف عن انخفاض شعبية الرئيس باراك أوباما إلى 10% أو أقل فى الدول العربية، بعد أن علق عليه الكثيرين الآمال بشأن تطوير العلاقات العربية الأمريكية منذ انتخابه رئيساً.
■ هل هناك قضايا معينة حددها المشتركون فى الاستطلاع؟
- بالطبع، أداء الرئيس أوباما انخفض كثيراً فى نقطتين هامتين: قضية فلسطين، وقضية الاندماج مع العالم الإسلامى، كما أوضح الاستطلاع أن العرب بشكل عام يرون أن استمرار احتلال الأراضى الفلسطينية والتدخل الأمريكى فى العالم العربى، من أهم العوامل التى تشكل تهديداً خطيراً للسلام والاستقرار فى المنطقة.
■ وما هى أهم نتائج الاستطلاع الخاصة بالشأن المصرى؟
- نصف المشتركين من مصر أعربوا عن استيائهم من حال البلاد بعد الثورة، كما أن النسبة الأغلب رأت أن التغيير لم يحدث حتى الآن، وأن التغيير ربما يحدث خلال الخمس سنوات المقبلة.
■ ماذا عن العلاقات المصرية الإسرائيلية فى ظل التغييرات الأخيرة؟
- اتفاقية الغاز سيتم إلغاؤها قريباً، لأن شراء إسرائيل للغاز المصرى بأقل من تكلفة السوق يعتبر أمراً غير مقبول، وإصرار إسرائيل على الشراء بهذا الثمن البخس يعتبر بلطجة، وعلى إسرائيل أن تتوقف عن لعب دور «بلطجى المنطقة»، وبإمكان مصر أن ترفض ذلك وتطالبها بدفع السعر المعقول، لأن عهد العروض الميسرة بين البلدين انتهى.
■ بالنسبة للعلاقات المصرية الأمريكية، هل تؤيد طريقة تعامل الإدارة الأمريكية مع مصر الآن؟
- أستطيع أن أؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما خائفة من فقدان نفوذها لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لأنه ليس لديهم أى حيلولة أخرى للتحكم فى مصر سوى المجلس، والدليل هو رفض ميدان التحرير أثناء الثورة أى تدخل أمريكى.
■ وما نصيحتك لمسؤولى الإدارة الأمريكية بشأن سياساتهم فى التعامل مع مصر؟
- يجب على إدارة «أوباما» إحكام السيطرة على دورها داخل مصر، والتصرف على نحو أفضل، وخلق مساحة أوسع للسماح بدخول الديمقراطية، وإلا ستقع الولايات المتحدة فى مأزق كبير مع الشعب المصرى.
■ عدد كبير من أعضاء الكونجرس الأمريكى يطالب بقطع المعونة السنوية عن مصر، هل ترى فى ذلك مؤشراً جيداً؟
- لا أعتقد أن قطع المعونة السنوية عن مصر حلاً مناسباً فى الفترة الراهنة، ولكننى أؤيد تغييرها إلى صندوق مشاريع أو دعم القطاع الخاص أو تأسيس برنامج لخلق فرص العمل بدلاً من دعم القطاع العسكرى.
■ بعد مرور أكثر من 10 أشهر على ثورة 25 يناير، كيف ترصد الوضع فى الشارع المصرى الآن؟
- الطاقة لا تزال موجودة فى الشباب، لكن علينا الاعتراف بوجود صعوبة فى فترة الانتخابات المقبلة، رغم اقتناعى بأنها لن تحقق المعجزات.
■ ماذا تعنى بذلك؟
- أقصد أن الشباب الذين قادوا الثورة لن يستطيعوا الفوز بالانتخابات، لكن الأحزاب الممولة سياسياً التى تعتبر منظمة بشكل جيد وتم تأسيسها على نحو قوى - هى التى ستحظى بالفوز.
■ أتقصد أن الثورة لن تحصد ثمارها؟
- أعتقد أن ديناميكية الثورة ستظل قائمة ومستمرة لحماية الثورة نفسها، وذلك عن طريق الشباب التقدمى والمنظمات القوية التى دعمت تلك الانتفاضة الشعبية.
■ أتشعر بالتفاؤل من الانتخابات المقبلة؟
- أعتقد أنه لا يزال هناك بصيص من الأمل، لأنه من المستحيل أن تجلب مصر رئيساً مثل السابق أو برلماناً غير مؤثر مثل الذى مضى، أى أن رئيس مصر القادم وأعضاء البرلمان القادم عليه أن يستمعوا لآراء الآخرين بحرص.
■ هل تسير البلاد فى الاتجاه الصحيح نحو التحول الديمقراطى؟
- نحن فى نقطة جيدة الآن فى مصر، لكن لا يزال هناك الكثير يجب القيام به.
■ وما رأيك فى أداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟
أقولها مراراً وتكراراً، حسنى مبارك ذهب لكن النظام لا يزال موجوداً، والجميع يعلم ذلك، ومصر لديها قوة عسكرية قوية يفتخر بها الشعب المصرى.
■ هل تنظر للمجلس العسكرى على أنه بديل لنظام «مبارك»؟
- بغض النظر عما ينويه المجلس العسكرى، فإن قدرته على كبح جماح الحراك السياسى ستكون محدودة مادام الشعب أراد التغيير، وأعتقد أنه لن يكون قادراً على إعادة فرض الأحكام العرفية كما فعلوا فى الماضى، فهو لن يتمكن من خلق الخوف داخل نفوس الشعب مرة أخرى، لأن مصر تمر بعهد جديد لن يستطيع أى أحد الوقوف أمامه.
■ ومتى تتوقع حدوث التغيير الذى يريده الشعب؟
- التغيير لن يحدث فى ليلة وضحاها، ولن يحدث فى الانتخابات الأولى، وربما يحدث فى الانتخابات الثانية أو الثالثة، لأن العملية بدأت ولن يستطيع أحد إيقافها، والجميع فى انتظار حصد نتائج الثورة وثمن دم الشهداء.
■ لو انتقلنا إلى الانتخابات البرلمانية بعد أيام من الآن، ما هى القوى السياسية التى تتوقع فوزها بأغلب مقاعد البرلمان؟
- أعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين ستفوز بأغلب مقاعد البرلمان فى الانتخابات، لأنهم من القوى السياسية الأكثر تنظيماً فى مصر، ولن أتفاجأ بفوزهم إطلاقاً، لكن ذلك لا يعنى أننى أوافق على أفكارهم ومبادئهم، فأنا لا أدعم المسيحية فى لبنان أو اليهودية فى إسرائيل وأرفض أيضاً قيام دولة إسلامية، لأننى لا أومن بخلط الدين مع السياسة مطلقاً.
■ لكن هناك من يرى أن السياسة أمر دينى؟
- لو آمن أى شخص بأن السياسة أمر من الله فهذا أمر مستحيل، ولدينا مشكلة مشابهة فى أمريكا تتعلق بالأصولية المسيحية، وهناك مرشحون للرئاسة يقولون إن الله أمرهم بالترشح، هذا أمر مستحيل، لأن الله لا يأمر أى أحد بأن يصبح رئيساً لدولة ما، ولكن الشخص نفسه هو الذى يريد ذلك.
■ لماذا تعارض منطلق خلط الدين بالسياسة؟
- باختصار، جماعة الإخوان، وجميع الجماعات التى تتبنى الدين فى سياستها، عليها أن تعرف أن الله لا يوكل شخصاً بعينه للتحدث باسمه، وأن الله موجود فى كل الأوقات من أجل الجميع وليس من أجل شخص واحد، ورغم أننى أعتبر خلط الأمور الدينية بالسياسة أمراً غير مريح، فإننى أرى أن جماعة الإخوان المسلمين هى الأكثر تنظيماً وهى التى ستحظى بانتصارات أولية فى الانتخابات المقبلة.
■ وما مصدر قلقك منهم؟
- لا أزال أشعر بالقلق تجاه المسيحيين فى مصر، خاصة فى ظل إيمانى بفوز الإخوان المسلمين، ولكننى أعلق آمالى على أن يتم كبح جماحهم فى المستقبل، لأن مصر يجب أن تكون للجميع، وتتمتع بحق المواطنة والمساواة للجميع، وليس بلداً ىحمى الأقليات ويسيطر عليه الأغلبية.
■ فى النهاية، ما نصيحتك لاستكمال ثورة 25 يناير؟
- هناك أغنية أمريكية مشهورة اسمها «استمع للأطفال»، ومن هنا أقول للقادة فى مصر استمعوا لصوت الجيل القادم، لكى تعرفوا ما الذى يريدونه وما المكان الذين يبغون الذهاب إليه، لأن مصر بلدهم والمستقبل لهم.