يكره يوسف بن جدعون، رئيس الطائفة اليهودية بالإسكندرية، التصوير، ولا يسمح لأحد بدخول مكتبه فى الطائفة وهو يحمل كاميرا.
ورغم تأكيدات البعض أن رفضه التصوير يرجع لتعليمات أمنية هدفها حمايته، فإنه نفى طلبه تشديد الإجراءات الأمنية على مقر طائفة ومعبد اليهود بالإسكندرية، مؤكدا أنه يعيش وكل أفراد الطائفة بالإسكندرية فى أمان تام.
ترك «بن جدعون»- أصغر أفراد الطائفة اليهودية بالإسكندرية «52 عاما»- عمله بالسياحة من أجل إدارة شؤون الطائفة بعد مرض رئيسها السابق الدكتور ماكس سلامة.
ويقول يوسف بن جدعون، ابن ترزى الرئيس عبدالناصر، مؤكداً: «أنا مصرى ومن رابع جد، وليس لى أى علاقة بإسرائيل، ولا أريد أن يكون لى بها أى علاقة».
«بن جدعون» يضطر إلى استيراد حاخامات من إسرائيل فى كل عيد يهودى للصلاة بيهود الإسكندرية بعدما انخفض عدد الرجال منهم إلى أربعة فقط، موضحا أن الصلوات توقفت لأنها تحتاج إلى عشرة رجال على الأقل.
■ سألته: كم عدد اليهود الموجودين بالإسكندرية؟
- 18 سيدة و4 رجال، معظمهم من العجائز، وتنحصر أعمارهم بين السبعينيات والتسعينيات، ومعظمهم يعيش فى ملاجئ، وبعضهم فى شققهم ومعهم «جليسة» ندفع لها نحن - كطائفة – راتبها، وأغلب هؤلاء أبناؤهم وأحفادهم يعيشون فى الخارج.
■ كيف يعيشون؟
- لا نراهم كثيرا فى مقر الطائفة إلا فى الأعياد، ولكنى أزورهم بشكل مستمر، وأقوم برعايتهم سواء فى دور المسنين التى يعيشون بها أو فى منازلهم لأن معظمهم حالتهم الصحية صعبة.
■ هل تقيمون الصلاة فى الإسكندرية؟
- للأسف، لا تقام الصلوات، لأنها تحتاج - طبقا للشريعة اليهودية - إلى 10 رجال وهم غير متوافرين فى الإسكندرية، لذلك نستدعى حاخاماً من إسرائيل يصلى بنا فى الأعياد، وكذلك يأتى معه بعض الرجال من هناك لإكمال الصلاة، أو نستعين باليهود الأعضاء فى السفارات والقنصليات الأجنبية.
■ وهل هناك اتصالات بين اليهود الموجودين بالإسكندرية وأبنائهم فى الخارج؟
- ليست بدرجة كبيرة، ولكنى أتولى أمورهم كلها.. وهذا واجبى لأنهم عجائز، وأغلبهم من السيدات الفقيرات، لذلك نحن نرعاهم ونصرف عليهم، أما بالنسبة للأجيال المهاجرة فهم يأتون إلى هنا على فترات متباعدة.
■ كم معبد يهودى موجود حاليا فى الإسكندرية؟
- لم يتبق سوى معبدين فقط، ولكن فى الماضى كان بالإسكندرية العديد من المعابد لكنها بيعت.
■ وكم كان عددها؟
- أعتقد ثمانية معابد، وكان أشهرها وأكبرها معبد «الياهو هانبى»، وهو المعبد الذى يقع به مقر الطائفة اليهودية، وهناك معبد المنشية وهو متهدم ومغلق، ونحاول الحفاظ عليه باى شكل.
■ هل هو مسجل ضمن المعابد الأثرية؟
- لا، لم يسجل حتى الآن، لكن معبد «الياهو هانبى» مسجل كأثر.
■ ولماذا بيعت المعابد اليهودية؟
- لا أعرف، ولكن فى عهدى لم نبع أى معبد، ولن أبيع أى «قشة يهودية» لأنها ليست ملكى، وكان البيع فى عهود رؤساء سابقين، وهم باعوها لأنه لم يكن هناك مصلون.
■ منذ أسابيع قليلة أقيم مولد «أبوحصيرة».. هناك اعتقاد بأنكم من تنظمون هذا الاحتفال السنوى.
- لا، أبدا.. لا ننظم هذا الاحتفال ولا نشارك فيه، وما يحدث أنهم يأتون للاحتفال بالمولد والصلاة، ولكننا لا ننظم ولا ندعو أحدا. والناس التى تأتى إلينا وتقول «نحن أتينا للاحتفال بمولد أبوحصيرة ونريد الصلاة هنا فى المعبد» نقول لهم «أهلا وسهلا».
■ لكن المعروف أن الطائفة هى من تنظم الاحتفال وتشرف على الضريح؟
- لا، نحن لا نقدم أى مساعدات.. هم يأتون ليصلوا هنا ونفتح لهم المعبد، وحتى أنا لم أذهب عمرى للاحتفال بأبوحصيرة غير مرة ذهبت مع أسرتى وأنا صغير، ثم إن الاحتفال نفسه ليس طقساً دينياً أساسياً. وفى العام الماضى ألغى لأنه «كان هايجيب مشاكل»، ونحن نحب أن نبتعد عنها.
■ بمناسبة المشكلات، هل تؤثر عليكم المشكلات التى تفتعلها إسرائيل؟
- لا، مطلقا ليس لنا أى علاقة بإسرائيل على الإطلاق، حتى القنصل الإسرائيلى حسن كعبية، عندما يأتى لزيارتنا لا يتدخل ولا يقول لنا أى شىء ولا يفرض علينا أى شىء.
نحن مصريون نعتز بمصريتنا ونحترم بلدنا، ونحن هنا فى مكان دينى مفتوح ومسموح فيه بالصلاة فقط، وعندما يأتى إلينا أى شخص يريد الصلاة نقول له «أهلا وسهلا». وكطائفة، إذا أراد أى يهودى أن يعرف مكان مقابر أسرته أو غير ذلك، نساعده، ولكن لا توجد لدينا أى أسرار.
■ لكن ظروفكم تدفعكم أحيانا نحو السياسة رغما عن إرادتكم، فأحيانا تواجهون باتهامات وجود علاقة لكم بإسرائيل؟
- نعم، أحيانا يحدث ذلك، ولكن فى الحقيقة ليس لنا أى علاقة بإسرائيل، ونحن مصريون مائة فى المائة، ويهود مصريون ليس لنا علاقة بإسرائيل، ومثلنا مثل اليهود المغاربة والإيطاليين.. نحن يهود مصريون.
■ هل زرت إسرائيل من قبل؟
- نعم زرتها عندما كنت أعمل فى السياحة، وكانت زيارة عمل لجلب أفواج سياحية بعد مبادرة السلام. ووقتها لم نوفق فى زيارة العمل تلك، ولكنى استمتعت بمشاهدة المسجد الأقصى وحائط المبكى ومسجد عمر، وأشياء جميلة كثيرة.. وكان هذا عام 1980.
■ هل تتأثرون عندما تقوم إسرائيل بأى عمل إجرامى مثل اجتياح غزة؟
- طبعا نتأثر بشدة.
■ كيف؟
- نتضايق بشدة من تلك الممارسات لأننا مصريون فى الأساس، وكوننا يهودا فهذه ديانة، وفى النهاية نحن مصريون ونتأثر بما يُغضب مصر.
■ وهل تتعرضون لأى مضايقات من جيرانكم بسبب هذه الاعتداءات؟
- لا.. بالعكس، كل جيراننا «كويسين» ويعرفوننى.. ويعرفون أننى رئيس الطائفة، ولا توجد أى مشكلات معهم.
■ أحيانا، توجد أزمات ومشكلات بين المسلمين والمسيحيين.. هل تعانون بأى شكل المشكلات التى لها أساس دينى؟
- مطلقا، لا توجد أى «حساسيات دينية» لنا مع أحد.
■ هل فعلا طلبت تشديد الحراسة حول المعبد بعد أحداث غزة؟
- ولم نطلب حمايتنا من جيراننا، ونحن نحافظ على صداقتنا مع جيراننا.
■ هل تديرون أى ممتلكات لليهود الذين سافروا؟
- نحن لا ندير غير أملاك الطائفة اليهودية فقط.
■ وما هى أملاك الطائفة بالضبط؟
- لا أستطيع أن أحصيها بشكل كامل الآن، لكن هى فى العموم «كام عمارة ومدرستين» حولنا، ولكن لا أتذكر التفاصيل.
■ كانت لكم خلافات كبيرة مع شقيق الرئيس عبدالناصر حول مدرسة القومية؟
- هذا الخلاف قديم ولم أحضره ولا أعرف عنه الكثير، ولكن حاليا ليس لدى أى مشكلات مع أى أحد منذ توليت الطائفة.
■ أنت واحد من اليهود الذين عاشوا هنا، وكانت الإسكندرية بها أكبر جالية يهودية.. بعضهم يطالب حاليا بأملاكه.. فهل لهم إملاك فعلا؟
- أنا لم أر أى أملاك، كل ما أعرفه هو أملاك الطائفة، وقصة الأملاك الشخصية هذه لادخل لى بها مطلقا ولا أعرفها ولا أريد أن أعرف عنها شيئا.
كل الأشياء «المعوجة» لا دخل لى بها ولا أحب أن تمر على، صحيح هى مرت على غيرى، ولكنى لا أحب أن أتدخل فى هذا الموضوع.. أنا أحب «أمشى عِدل يحتار عدوى فىَّ».
■ أعرف أن والدتك كانت صديقة «ليلى مراد».. هل ما زلت على علاقة بأسرتها وأولادها؟
- أمى كانت صديقة ليلى مراد، وكانت «كابينة» أسرة ليلى مراد فى المعمورة بجوار «كابينة» أسرتى، ودائما ما كانت والدتى مع ليلى وسميحة أختها فى الصيف يفضلن لعب الكوتشينه للتسلية، ولكن أنا شخصيا لم أكن أعرفهم جيدا ولم أرتبط بأى صداقة مع أسرة ليلى مراد ولا مع أبنائها بعد ذلك لأنهم كانوا بعيدين عن مجال اهتمامى.