بعد أنباء متضاربة حول مصير الجولة الخليجية للدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، والتى كان مقرراً بدؤها الأحد، حسم المستشار الصحفى لرئيس الوزراء الجدل حول الجولة، وأكد أنها ستبدأ الإثنين.
كان الوفد الإعلامى المصرى والحرس الخاص برئيس الوزراء، فوجئ عقب وصوله إلى المملكة العربية السعودية، السبت، فى إطار استعداداتهم للجولة، بالمستشار الإعلامى للسفارة المصرية يخبرهم بتأجيل الجولة إلى وقت لاحق.
وأعلن مجلس الوزراء فى رسالة نشرتها صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تأجيل الجولة الخليجية «بسبب ارتباطات داخلية»، ووشدد على تحديد موعد آخر لتلك الجولة نظراً لأهميتها.
وبينما ذكر أحمد السمان، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن الجولة تشمل السعودية وقطر والكويت، فقد تأكد أن دولة الإمارات لن تكون إحدى محطات زيارات «شرف».
كان مصدر مسؤول قد ألمح، منذ أيام، إلى وجود خلافات بين الجانبين المصرى والإماراتى حول بعض القضايا، أبرزها مشكلة شركة «الفطيم» الإماراتية بعد تصاعد الخلاف بينها وبين والحكومة بسبب الأراضى التى حصلت عليها الشركة خلال عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، رفعت على إثره «الفطيم» دعوى لدى التحكيم الدولى ضد الحكومة المصرية تطالب فيها بتعويض قدره 3.5 مليار دولار، بينما طالبت الحكومة المصرية الشركة الإماراتية بدفع 900 مليون جنيه فرق أسعار عن الأراضى التى خصصت لها عام 2004 بالقاهرة الجديدة.
وكشفت صحيفة «العرب» القطرية، فى عددها الصادر السبت، بعدا جديدا لخلافات البلدين، إذا ذكرت على لسان مصادر دبلوماسية أن إلغاء زيارة رئيس الوزراء إلى الإمارات يرجع إلى ما تعتبره الأخيرة «تقاربا مصريا - إيرانيا» على حساب مصالح الإمارات ودول الخليج، فضلا عن «رفض حكومة الثورة المصرية طلبات متكررة من الإمارات بعدم محاكمة الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، وعرضها دفع أى تعويضات مناسبة بدلا من محاكمته». لكن مصدرا مسؤولا فى المجلس الوطنى للإعلام بدولة الإمارات، أوضح أن زيارة شرف إلى أبوظبى «لم تلغ وإنما تم تأجيلها باتفاق الطرفين لاختيار الموعد المناسب للقيام بها».
وقال المصدر، فى بيان تلقت «المصرى اليوم» نسخة منه، إن وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أجرى، قبل يومين، اتصالا هاتفيا مع الدكتور نبيل العربى، وزير الخارجية، تم خلاله بحث ترتيبات الزيارة والموعد المناسب لها. وأكد أن الزيارة ستتم فى أقرب وقت ممكن، واصفا العلاقات بين دولة الإمارات ومصر بأنها «علاقات تاريخية وأخوية لم ولن تتأثر بالتطورات التى شهدتها مصر مؤخرا»، وذكر أن «البلدين الشقيقين حريصان على تطوير علاقتيهما وتعزيزها فى مختلف المجالات»، وشدد على أن التشاور بين البلدين مستمر ومتواصل.
فى سياق متصل، أعلن السفير محمود عوف، سفير مصر لدى السعودية، أن زيارة الدكتور شرف للملكة قائمة، واصفا العلاقات بين البلدين بـ«القوية فى مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية».
وأشار عوف إلى أن المملكة أعدت جميع الترتيبات لاستمرار الزيارة، موضحا أن «التعديل تم من القاهرة وليس من الرياض فى ظل حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز على العلاقات القوية»، لافتاً إلى أن الزيارة بهدف دعم العلاقات الثنائية، و«ليست لحل أى خلافات بين البلدين».
وأكد السفير المصرى عقب وصوله للرياض أن الاتصالات ظلت مستمرة حتى اللحظات الأخيرة لإكمال الزيارة.
من جانبه أكد السفير أحمد قطان سفير السعودية لدى القاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، أن الزيارة ستتم الاثنين، مؤكدا العلاقات القوية بين القاهرة والرياض.
وقال قطان لـ«المصرى اليوم» عبر الهاتف من الرياض: «سيتم خلال الزيارة بحث الأوضاع الراهنة فى العالم العربى ودعم الاقتصاد المصرى وتشجيع المستثمرين السعوديين على الاستثمار فى مصر».
ونفى السفير صالح عبدالله البوعينين، سفير قطر بالقاهرة، مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن يكون قد حدث أى تغيير من الجانب القطرى على زيارة شرف للدوحة، مؤكدا أن الجانب القطرى مستعد لاستقبال رئيس وزراء مصر فى الوقت المحدد للزيارة الثلاثاء ما لم يحدث تغيير فى الموعد من الجانب المصرى». وقال البوعينين لـ«المصرى اليوم»: «لم يتم إلغاء الزيارة، ورئيس وزراء مصر مرحب به فى الدوحة فى أى وقت، خاصة أننا أعلنا دعمنا للثورة المصرية، منذ البداية»، موضحا أن القيادة القطرية تريد أن تسمع من رئيس وزراء مصر عن «توجهات القاهرة المستقبلية».
وقال إن بلاده ستدعم الاقتصاد المصرى «لأن مصر جديرة بذلك» حسب تعبيره، منوها بأن «مصر الثورة» تعيش فترة انتقالية، وسيكون تعاملها مع العالم العربى والإسلامى بنظرة مختلفة عما كانت عليه فى الفترة السابقة.
وقال البوعينين: «نريد أن نسمع من رئيس الوزراء عن التوجهات المصرية بعد الثورة».
وفى أول رد فعل رسمى على الأنباء التى ترددت بشأن تأجيل الجولة، نفى مصدر دبلوماسى مصرى مسؤول أن يكون هذا الأمر مؤشراً على وجود أزمة بين مصر ودول الخليج. وقال المصدر لـ«المصرى اليوم»: «لو كانت هناك أزمة بين الجانبين لما أعلن من البداية عن قيام شرف بهذه الجولة».
ورجح المصدر أن تكون الأوضاع الداخلية، التى تشهدها مصر حاليا فى محافظة قنا، قد فرضت على رئيس الوزراء استمرار وجوده، وتأجيل الجولة ليوم واحد. وأشار إلى أن الهدف من الجولة «إعطاء تطمينات لدول الخليج بأن ثورة 25 يناير مصرية خالصة لا تهدف إلى تصدير نفسها لدول أخرى».
وردا على سؤال لــ«المصرى اليوم» حول ما تردد عن وجود أزمة مع دول الخليج بسبب التقارب المصرى - الإيرانى، أكد المصدر أن أمن دول الخليج العربى خط أحمر بالنسبة لمصر .
من جانبه، اعتبر الدكتور عماد جاد، الخبير السياسى، أن الأنباء المتضاربة حول جولة الدكتور عصام شرف الخليجية تعطى مؤشراً على أزمة «تلوح فى الأفق»، مشيرا إلى ما سماه «توتراً مصرياً سعودياً موجوداً منذ الحديث عن تنحى مبارك ومطالب محاكمته». وذكر الدكتور وحيد عبد المجيد، المستشار السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قلقاً موجودا لدى الدول الخليجية، بشأن إعادة العلاقات المصرية - الإيرانية. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع إن نجاح التجربة الديمقراطية فى مصر «يقلق الخليج من محاكاة ما حدث فى مصر وتونس على أراضيه».