أكد الدكتور أحمد الهاملي، رئيس ومؤسس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، أهمية سرعة التدخل لإنقاذ آلاف الأسر والسيدات والأطفال الغفرانيين القطريين من مصير مجهول بسبب سحب الجنسيات والتهجير القسري، مشيراً إلى أن الفيدرالية هي المنظمة الحقوقية الوحيدة، على المستويين الإقليمي والدولي التي تتبنى قضية أبناء الغفران التي تحمل كل سمات المأساة الإنسانية، مشيراً إلى أن الفيدرالية لم تدخر جهداً في التوعية بهذه المأساة.
وقال الهاملي في لقاء مع صحيفة «الاتحاد الإماراتي»: «في شهر سبتمبر الماضي، قدمنا أول شكوى رسمية، نيابة عن أهالي قبيلة الغفران، إلى المفوض السامي تسلمها السيد محمد على النسور، مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، موضحاً أن الشكوى عرضت تفاصيل المأساة، وطالبت بتدخل دولي لحماية حقوق أبناء الغفران».
وأوضح: قضية الغفران تحتل حيزاً كبيراً في فعالياتنا على هامش الدورة الـ 37 لمجلس حقوق الإنسان، وقد تمكنا من ترتيب زيارة وفد كبير غير مسبوق من القبيلة يضم 13 شخصاً لزيارة مقر الأمم المتحدة، والتحدث إلى المنظمات الحقوقية المختلفة والإعلام السويسري والغربي، مشيراً إلى أنه ولأول مرة ستقام خيمة لمدة يومين في ساحة الأمم المتحدة تعرض فيها تفاصيل المأساة يحكيها أصحابها بأنفسهم وبالصور.
وقال الهاملي: نحن كمنظمة حقوقية نصر على تحمل مسؤولياتنا في تجهيز الملفات التي توفر للمفوضية الأممية، وغيرها من الجمعيات الحقوقية في العالم، أدلة تبرهن على الجرائم المرتكبة بحق الغفرانيين، ولن تأتي الاستجابة الدولية إلا باستمرار الحشد الإعلامي والحقوقي كي تُدفع القضية إلى الواجهة، وتحتل مكانة تستحقها في التقارير الحقوقية الصادرة عن الجهات الحقوقية الأممية أو الأهلية الأخرى، مثلما حدث في ملف العمالة الأجنبية في قطر.
وأضاف: «لدينا بالطبع تساؤلات كثيرة بشأن الاتصالات التي يقال لنا، إنها تدور بين مفوضية الأمم المتحدة والسلطات القطرية بشأن قضية الغفران وسحب الجنسيات، غير أننا لم نر بعد إجراءات على الأرض تعكس استجابة قطرية لمطالب الغفرانيين».
وأشار إلى أنه يحق للغفرانيين أن يتساءلوا عن أسباب صمت المفوضية السامية، مؤكداً استعداد الفيدرالية لتقديم شكوى ثانية، مشيراً إلى أنه تم بالفعل تقديم رسالة إلى مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن مأساة الغفرانيين.
وأضاف: «نحن كمنظمة حقوقية لا نملك سوى الاستمرار في إثارة الوعي بالقضية حتى يُحشد رأي عام في المنطقة وخارجها يشكل ضغطاً على الحكومة القطرية».
وعن شكوى قبيلة الغفران التي تم تقديمها في سبتمبر الماضي، قال الهاملي، إنه تم ترتيب زيارة لوفد من أبناء القبيلة إلى جنيف في سبتمبر لحضور عددٍ من الفعاليات الحقوقية والإعلامية، لتمكينهم من عرض قضيتهم، وأنه خلال الزيارة طلب الوفد من الفيدرالية العربية أن تنوب عنه في تقديم شكوى إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقال: «رحبنا على الفور، ووفرنا لهم الخبرة اللازمة لصياغة الشكوى باللغتين العربية والإنجليزية بما يعكس حقيقة مشكلتهم، والتقيت شخصياً بالسيد محمد على النسور، مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية وسلمناه الشكوى، ووعد باتخاذ اللازم بشأنها وفقاً لقواعد المفوضية».
ورغم أننا لم نر حتى الآن استجابة قطرية، ولم تبلغنا المفوضية بنتائج الاتصالات التي من المفترض أنها أجرتها مع السلطات القطرية بشأن الشكوى، فإننا لم نتوقف عن دعم أبناء قبيلة الغفران. وأضاف: «منذ أيام سلمنا رسالة إلى السيد رعد بن زيد الحسين رئيس مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن شكاوى ومعاناة الغفرانيين، وعكست الرسالة بوضوح حجم المعاناة بما يتطلب تحركاً عملياً، وقد رتبنا كل الأمور اللازمة لزيارة الوفد الغفراني الحالي لجنيف، وطلب منا الوفد تقديم شكوى أخرى ورحبنا بذلك، وننتظر الآن رؤيتهم بشأن ما يريدون طرحه في الشكوى الجديدة».
وأضاف: «بالنسبة لمسألة الضغوط، فإننا نفعل أقصى ما نستطيع، ونتعهد بأن نواصل الالتزام بالمضي لأبعد ما يمكننا للفت انتباه المنظمات والمؤسسات الحقوقية الأممية والدولية لقضية الغفران لأنها قضية حقوقية خالصة، ومسؤوليتنا هي الدفاع عنها. ولن نتوقف طالما بقي الغفرانيون على إصرارهم في متابعة قضيتهم لاستعادة حقوقهم. ونؤمن يقيناً بأن القضية سوف تنتصر في النهاية حتى لو طال الزمن؛ لأنها قضية حقوقية إنسانية خالصة».
وحول ما طالب به «مركز المنامة» بشأن تعيين مقرر أممي لحقوق الإنسان في قطر، قال الهاملي، إن الفيدرالية العربية تؤيد أي مطلب من شأنه ضمان حقوق الإنسان العربي في أي مكان، مؤكداً أن قطر ليست استثناء، وأنه لو قررت الأمم المتحدة تعيين هذا المقرر، سيتم التعاون معه بأقصى استطاعة.
وقال: «مهمتنا هي ضمان حقوق الإنسان، وتوفير الظروف الضرورية لتعزيزها في عالمنا العربي. والشعب القطري بكل فئاته القبلية والعشائرية يستحق الدعم كي لا يواجه أي انتهاكات كالتي التي يعانيها أبناء قبيلة الغفران القطرية».
وأشار إلى أن إمكانية ترجمة مطلب مركز المنامة إلى واقع، يظل مرهوناً بإرادات دول وحسابات سياسية معقدة.
وفي الإطار نفسه، أكد الهاملي أن «الفيدرالية معنية بالدرجة الأساسية بحقوق الإنسان وبأي ملفات تؤثر عليها، وأنه تتم متابعة أي فعاليات من شأنها المساعدة في تعزيز قضية حقوق الإنسان في قطر وغيرها بشكل جيد، مؤكداً الثقة في أن الوقت سيأتي ويتعرض النظام القطري لضغوط فعلية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلاده، ولعل أبرز مثال على ذلك هو الضغط التي مورست عليه لتحسين أوضاع العمالة الأجنبية في قطر».
وعن المعتقلين من أبناء المعارضة داخل قطر، وكيفية مساعدتهم في إنهاء محنتهم، قال الهاملي: «نحن مستعدون تماماً لاستقبال أي ملفات أو معلومات أو أدلة إضافة إلى ما لدينا لنستمر في طرح هذا الملف. ولدينا بالفعل قوائم بأسماء بعض هؤلاء المعتقلين، وسوف نستغل فعاليات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة التعذيب لطرح هذه القائمة».
وعما إذا كان يمكن إجبار قطر على إعادة الجنسية لمن سحبت منهم من أبناء القبائل، أوضح الهاملي أن «الفيدرالية تؤمن بأن قضية الحقوق، ومنها الجنسية، تحتاج إلى نفس طويل. كما تؤمن بأنه لا يضيع مثل هذا الحق الإنساني الطبيعي غير القابل للتلاعب به بأي سبب أو ذريعة طالما ظل أصحابه يطالبون به بكل الطرق. والأمر في نهاية المطاف يبقى مرهوناً بإصرار أبناء القبائل وعدم استسلامهم لليأس، أو محاولات تثبيط الهمم».
حول قضية الإرهاب، أكد الهاملي: «نحن مهمومون للغاية بهذه الظاهرة الخطيرة، ولا نتردد في المطالبة والعمل على مراجعة مستمرة لمدى نجاح استراتيجية مواجهتها، بحيث تُجفف منابع الإرهاب الفكرية، ولا تضار حقوق الإنسان، ومن ثم زيادة معتنقي الأفكار المتطرف والإرهابية، مشيراً إلى المؤتمر الذي عقده في شهر نوفمبر الماضي مرصد مكافحة الإرهاب الذي أنشأته الفيدرالية في مصر، والذي اتفق خلاله ممثلو المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان والباحثون في شؤون الحركات الإسلامية، على ضرورة مراجعة وتقييم الرؤى والاستراتيجيات المحلية والدولية لمحاربة الإرهاب، والتوصيات التي من شأنها إنجاح تلك الاستراتيجيات، خاصة مع تعقد ظاهرة الإرهاب وتطور تكتيكات التنظيمات الإرهابية في تنفيذ عملياتها، واتساع نطاق نشاطها ونفوذها في كل أنحاء العالم».