احتلت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، أمس، مدينة عفرين فى شمال سوريا، إثر عملية عسكرية استمرت نحو شهرين وأسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردى.
وحققت تلك القوات تقدماً سريعاً داخل المدينة التى تعرضت لقصف عنيف خلال الأيام الماضية دفع بأكثر من 250 ألف مدنى للفرار منها.
وتحدث البعض عن غياب الاشتباكات، مشيراً إلى «انسحاب» المقاتلين الأكراد من المدينة. وأعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن «وحدات من الجيش السورى الحر مدعومة من القوات المسلحة التركية سيطرت على مركز مدينة عفرين بالكامل»، مشيراً إلى أن عمليات نزع ألغام تجرى حالياً فى المدينة. وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية فى 20 يناير حملة عسكرية تحت تسمية «غصن الزيتون» ضد منطقة عفرين، قالت أنقرة إنها تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التى تصنفها «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستانى الذى يخوض تمرداً ضدها منذ عقود.
وتخشى أنقرة إقامة حكم ذاتى كردى على حدودها على غرار كردستان العراق، وطالما أكدت طوال النزاع السورى على عدائها لأكراد سوريا الذين أقاموا إدارة ذاتية فى شمال وشمال شرق البلاد التى قسموها إلى 3 أقاليم، بينها إقليم عفرين. وتُعد منطقة عفرين، المعروفة ببساتين الزيتون، أول منطقة اختبر فيها الأكراد الحكم الذاتى بعد اندلاع النزاع، ثم انسحاب قوات النظام منها فى العام 2012.
وأسفر الهجوم التركى عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردى، مقابل مقتل أكثر من 400 مقاتل من الفصائل السورية الموالية لأنقرة. كما أعلن الجيش التركى حتى الآن عن مقتل 46 من جنوده.
وخاض المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا فاعلية فى قتال تنظيم داعش الإرهابى معارك عنيفة مع القوات التركية والفصائل الموالية لها، لكنها المرة الأولى التى يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوى.
وأمام الهجوم التركى، طالب الأكراد دمشق بالتدخل، وبعد مفاوضات دخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف.
وأراد الأكراد بشكل أساسى من الجيش السورى نشر دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، وهو ما لم يحدث. وحمل الأكراد التحالف الدولى، حليفهم الرئيسى ضد تنظيم داعش، جزءاً من المسؤولية. واعتبروا أن التحالف الدولى تخلى عنهم لعدم تمكنه من منع تركيا من شن هجومها على عفرين. وأسفر الهجوم التركى أيضاً، وفق المرصد، عن مقتل 289 مدنياً، بينهم 43 طفلاً. ودفع اقتراب المعركة من مدينة عفرين بـ250 ألف شخص للفرار منها منذ يوم الأربعاء. وتوجه معظمهم إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام السورى فى شمال حلب.
فى الغوطة الشرقية، سيطر الجيش السورى بالكامل على بلدة سقبا وسط تقدمه المستمر وانسحاب المسلحين إلى بلدتى زملكا وحزة.
وذكرت دائرة الإعلام الحربى المركزى أن الجيش السورى يتابع تقدمه نحو أطراف بلدة كفر بطنا من الجهتين الشرقية والشمالية، بعد سيطرته الكاملة على بلدة سقبا جنوب بلدة حمورية، إثر مواجهات عنيفة مع المسلحين.
وقالت جماعة «فيلق الرحمن»، التى تمثل فصيل المعارضة الرئيسى فى المنطقة الجنوبية من الغوطة الشرقية، إنها تتفاوض مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة.
وقال وائل علوان، المتحدث باسم «فيلق الرحمن»، من مقره فى إسطنبول، فى تسجيل صوتى: «نقوم بترتيب مفاوضات جادة لضمان سلامة المدنيين وحمايتهم». وأضاف: «أهم النقاط التى يجرى تأكيدها والتفاوض على إجراءاتها هى وقف إطلاق النار وتأمين المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين لتلقى العلاج خارج الغوطة بضمانات أممية». وذكر أن موضوع الخروج من الغوطة غير مطروح على الطاولة.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مركز المصالحة فى سوريا، الذى تديره وزارة الدفاع الروسية، أن أكثر من 20 ألف شخص غادروا الغوطة الشرقية عبر مدينة حمورية، أمس.
وتشن قوات النظام منذ 18 فبراير حملة عسكرية على الغوطة الشرقية، آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، بدأت بقصف عنيف ترافق لاحقاً مع هجوم برى تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 80% من هذه المنطقة.