انتهت رسمياً، السبت، المهلة التى حددتها الجامعة العربية لدمشق لقبول مراقبين عرب لمراقبة الأوضاع الميدانية فى سوريا رغم أن سوريا طلبت تعديلات على مهمة الوفد، فى الوقت الذى كثفت فيه القوات النظامية الموالية للرئيس بشار الأسد حملتها القمعية ضد المتظاهرين والجنود المنشقين وقصفت عدة مدن، السبت، بعد سقوط 22 قتيلاً وعشرات الجرحى والمعتقلين فى جمعة «طرد السفراء» برصاص الأمن وسط توالى التحذيرات الدولية من مخاطر نشوب حرب أهلية فى البلاد بين الجيش والمنشقين.
بدأ الجيش السورى، السبت، الانتشار على الحدود التركية وأطلق على العملية اسم «تحطيم الأوهام» ضد الجنود المنشقين، معلنا المنطقة الحدودية بعمق 20 كيلومتراً منطقة عسكرية مغلقة، وشنت القوات حملة واسعة بمدينة معرة النعمان قرب الحدود التركية بحثا عن عناصر منشقة هاجمت منشآت عسكرية، وأظهرت لقطات حملت على موقع اجتماعى على الإنترنت دبابات للجيش تتعرض للنيران فى هجوم صاروخى فى حمص السورية، وتتواصل الحملات الأمنية والعسكرية على مختلف المدن وسط حصار مشدد لإخماد الاحتجاجات ولا سيما فى المدن الكبرى، وقصف الدبابات حى بابا عمرو فى حمص التى شهدت إطلاق نار متقطعاً فى حى الخالدية، وانقطع التيار الكهربائى بالكامل فى حلب. وفُرض حظر التجول على الرستن وأعلنت الهيئة العامة للثورة السورية اقتحام الجيش بالدبابات جبل الزاوية فى إدلب وسط انقطاع تام للاتصالات الأرضية والخلوية، وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن إجمالى عدد المواقع التى جرت فيها مظاهرات فى أنحاء البلاد فى «جمعة طرد السفراء» بلغ 210 مظاهرات، بما يؤكد إصرار السوريين على إسقاط الأسد، وتركزت المظاهرات فى ريف دمشق بإجمالى 25 مظاهرة، و13 مظاهرة فى العاصمة، و44 مظاهرة فى محافظة حمص بجانب عشرات المظاهرات فى إدلب ودير الزور والحسكة وحلب وحماة واللاذقية، ودعا المحتجون الدول الأجنبية إلى طرد السفراء السوريين دعما للمعارضة، ورفعوا لافتات كتب عليها «من يتقى الله يطرد سفيراً سورياً»، وهتفوا «الجيش الحر جيشنا». وشهدت عدة ساحات عامة فى العاصمة دمشق مظاهرات شارك فيها عدة آلاف لتأييد الأسد، وأقسم المتظاهرون على الخروج كل يوم جمعة إلى الساحات العامة للتعبير عن موقفهم، ورددوا «الساحات لنا، الساحات لنا». وفى غضون ذلك، تراجعت جماعة الإخوان المسلمين السورية عن تصريحات كان مراقبها العام رياض شقفة قال فيها إنهم يؤيدون تدخلا عسكريا تركيا وليس غربياً لحماية المدنيين. وقالت جماعة الإخوان المسلمين السورية إنها لا تقبل بتدخل عسكرى تركى. ونفى فاروق طيفور، نائب المراقب العام للإخوان المسلمين، أن يكون الإخوان طلبوا من تركيا فرض منطقة حظر جوى على طول حدودها فى الجانب السورى لحماية المدنيين، بينما طالبت قوى أردنية سياسية ومعارضة بتنحى الأسد، واعتراف الحكومة الأردنية بالمجلس الانتقالى السورى.
فى غضون ذلك، انضمت الولايات المتحدة إلى روسيا وتركيا وفرنسا بالتحذير من مخاطر اندلاع حرب أهلية فى سوريا، الأمر الذى يمهد لإمكانية بحث خطوات وإجراءات عقابية ضد نظام الأسد، منها إقامة منطقة حظر طيران لحماية المدنيين.وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون أن النظام السورى «زائل لا محالة وأن رحيله عن السلطة بات مجرد مسألة وقت بسبب الضغوط الدولية»، بينما قالت سوزان رايس، مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، إن رد الفعل السورى على الجامعة العربية مؤسف للغاية، وربما ستقوم الدول العربية بفرض عقوبات على سوريا.. لقد حان الوقت لكى يتنحى الأسد ولكى يتوقف العنف.
وباتت الكرة الآن فى ملعب النظام السورى بقبول بعثة المراقبة العربية لتفادى التصعيد الدولى أو مواجهة حزمة جديدة من العقوبات التى تهدد بشل الاقتصاد السورى، إلا أن المحللين يؤكدون أن النظام لن يقدم على خطوة سحب قواته من الشوارع خشية اندفاع موجات أكبر من المتظاهرين فى الوقت الذى يصر فيه الجيش السورى الحر على ملاحقة القيادات السياسية والعسكرية المتورطة فى قتل المدنيين. وقال دبلوماسى عربى فى بيروت - لم يذكر اسمه - إن دمشق طلبت تعديل 18 بندا فى الخطة، وإنها ترفض السماح للمراقبين بدخول المستشفيات والسجون، وترفض وجود نشطاء مدنيين بين المراقبين، كما تصر على مرافقة عناصر من الجيش للمراقبين خلال مهمتهم.
وبينما يلتقى غدا وزير الخارجية البريطانى وليام هيج وفد المجلس الوطنى السورى فى لندن كأول لقاء علنى بين لندن ومعارضى الأسد ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن لندن لا تعتزم الاعتراف بالمجلس ممثلا شرعيا للسوريين، فيما زار المعارض السورى كمال اللبوانى واشنطن السبت بعد أيام من الإفراج عنه، وقال إن الثورة السورية «نادرة فى التاريخ»، مطالبا المعارضة بدعم الثوار.