x

سليمان جودة بداية رانيا المشاط! سليمان جودة الأحد 04-03-2018 21:24


كأن الأستاذ سامى النصف، وزير إعلام الكويت الأسبق، كان يقرأ أفكارى وأنا أتناول قضية السياحة عندنا، وكيف أنها ثروة هائلة مهدرة، لا نستطيع حتى هذه اللحظة توظيفها لصالح هذا البلد!

ففى اتصال منه، كان تقديره أن ما كتبته فى هذا المكان، صباح أمس، عن الثقافة العامة لدى الغالبية من آحاد المصريين وكيف أنها عائق حقيقى أمام تدفق السياحة إلينا- صحيح تماماً، وفى محله بالضبط!

إن الأستاذ النصف يتردد على القاهرة أكثر مما يتردد على أى عاصمة أخرى، ويقضى فى مصر من الوقت أكثر ربما مما يقضيه فى الكويت، ولا يكاد يغادر مصر حتى يكون قد عاد إليها، ويرى بالتالى فى طريق الذهاب والعودة من المناظر ما لا يُريحه ولا يحبه.. وباعتباره واحداً من المحبين لبلدنا، فإنه يتمنى لو أن نصيبنا من السياحة تفوق على نصيب إسبانيا ذاتها منها!

ولكنه يعرف ونعرف نحن معه، أن إسبانيا إذا كانت تستقبل سنوياً من السياح عدداً يزيد على عدد سكانها، فإن ذلك حدث ولايزال يحدث، ليس لأنها عاشت ما تتمناه، وإنما لأنها عرفت أن الحصول على نصيب بهذا الحجم من سوق السياحة العالمية له طريق محدد، فسلكت الطريق المحدد إلى آخره، ولم تشأ أن تحيد عنه، ثم عرفت هى كذلك كيف تُسوّق لنفسها وإمكاناتها لدى السائح الذى تريده على أرضها!

هذا كل ما فى الموضوع!

بداية الأمر كما كتبت هنا، صباح الأمس، وكما وافقنى الأستاذ النصف عن تجربة، هى ثقافة الناس التى لاتزال ترى فى السائح.. أى سائح.. فريسة جاهزة!

فلا يكاد المسكين يلتقط حقيبته ويخرج من باب المطار حتى يجد الأيادى تتخطفه من كل اتجاه، وحتى يكتشف أن كل واحد يتعامل معه على أنه مجرد محفظة للنقود، من أول سائق التاكسى الذى يطارده عند الباب إلى عامل الفندق الذى يحمل الحقيبة.. إلى جرسون المطعم.. إلى صاحب البازار.. إلى كل شخص آخر يكون عليه أن يقدم له خدمة أو سلعة فى هذا الطابور الطويل!

هذه ثقافة لابد من تغييرها، ولابد من نسفها من أساسها، وهى لن تتغير إلا ببرنامج عمل طويل النَفَس، يفهم منه كل مواطن أن مجىء السائح إلى البلد فيه فائدة عامة فى جزء كبير منه، لا فائدة خاصة، وأن هذه الفائدة العامة سوف تعود لتصب بالضرورة فى حياته، لأن الدخل العام الذى يأتى الخزانة العامة من السياحة سوف يجعل الدولة قادرة على أن تنفق على الخدمات العامة لمواطنيها فى العموم، فتصبح خدمات عامة جيدة وآدمية، فى الطرق، وفى المواصلات، وفى الصحة، وفى التعليم، وفى كل اتجاه.. لا خدمات متهالكة!

وبالطبع.. تظل مسألة تغيير ثقافة الناس مسؤولية كل واحد منا فى مكانه، غير أن جهة محددة لابد فى النهاية أن تكون هى المسؤولة أمامنا من بين جهات الدولة.. وهذه الجهة هى وزارة السياحة.. ومن حُسن الحظ أن عندنا وزيرة جديدة على رأسها.. إنها الدكتورة رانيا المشاط التى عليها أن تبدأ من هذه النقطة، ليقال فيما بعد، إنها كانت على رأس الوزارة ذات يوم، وإنها اختارت البداية الصحيحة!

البداية التى بدونها يظل كل جهد آخر يصب خارج الكأس!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية