هو (صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذى بن مروان)، واختصارا (صلاح الدين الأيوبى)، وهو واحد من أفضل من عرفتهم البشرية من قادة، وقد شهد له أعداؤه قبل أصدقائه.
ولد صلاح الدين في ١١٣٨، بقلعة تكريت، ونشأ في كنف عماد الدين زنكى في الموصل، ولما ولى نور الدين محمود بن عماد الدين زنكى دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته وكذلك ولده صلاح الدين، وكانت السنوات الأخيرة من عمر الدولة الفاطمية في مصر قد شهدت صراعاً محموماً بين شاور وضرغام على منصب الوزارة، ولم يحسم الصراع لأى منهما وقضى عليهما في ١١٦٨ وتولى أسد الدين شيركوه قائد حملة نورالدين منصب الوزارة للخليفة العاضد الفاطمى، ثم لم يلبث أن تُوفى فخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين وقد رد مصر إلى أحضان الخلافة العباسية وقوى المذهب السنى فيها وعزل القضاة الشيعيين. وحل محلهم قضاة سنيون وأنشأ مدارس الفقه السنى ثم قام بخطوة شجاعة، فأعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم ٥٦٧هـ الموافق سبتمبر١١٧١ قطْع الخطبة للخليفة الفاطمى الذي كان مريضاً وملازماً للفراش وجعلها للخليفة العباسى، ليبدأ في مصر عصر الدولة الأيوبية.
وبعد وفاة نورالدين محمود في ١١٧٤ تهيأت له الفرصة، إذ كان يحكم مصر نيابة عنه، وبدأ يتطلع إلى ضم بلاد الشام إلى حكمه لتقوية الصف الإسلامى، وأتم ذلك في ١١٨٦ استعداداً لمواجهة الصليبيين، وتحرير الأراضى التي اغتصبوها، ثم أعلن عن استقلاله عن نورالدين محمود وتبعيته للخلافة العباسية، وأصبح حاكماً على مصر، وبعد أن اطمأن إلى قوة وتماسك جبهته الداخلية، انصرف بكل طاقته إلى قتال الصليبيين، وخاض سلسلة من المعارك كُلِّلت بالنصر، ثم توج انتصاراته بمعركة حطين في ١١٨٧ وكانت معركة هائلة أُسر فيها ملك بيت المقدس وأرناط حاكم حصن الكرك، وغيرهما من قادة الصليبيين.
ثم تهاوت باقى المدن والقلاع الصليبية، وتساقطت تباعا في يده ومنها قلعة طبرية، وعكا، وقيسارية، ونابلس، وأرسوف، ويافا وبيروت وغيرها، وأصبح الطريق ممهداً لاسترداد القدس، فحاصر المدينة، حتى استسلمت وطلبت الصلح، ودخلها في الثانى من أكتوبر ١١٨٧ وأثناء مفاوضات صلح الرملة التي جرت بين المسلمين والصليبيين مرض السلطان صلاح الدين، ولزم فراشه، إلى أن توفي «زي النهارده» في ٤ مارس 1193.