استقبل الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، السبت، وفدًا فرنسيًا برئاسة السفير ستيفان روميتيت، سفير فرنسا لدى القاهرة، والوفد المرافق له والذي ضم كل من: إتيان بلانك- نائب رئيس منطقة أوفيريني رون ألب، وآلان بيرلييوتي- مدير العلاقات الدولية، وذلك بمقر مشيخة الأزهر الشريف.
ورحب وكيل الأزهر في بداية اللقاء بالوفد الفرنسي، وقال: إن التعددية هي السمة الرئيسة لفكر الأزهر الشريف ومناهجه في كافة التخصصات، فالتعدد إرادة إلهية، وعلى الجميع احترام هذه التعددية وتقبل الآخر. فالأزهر يؤمن إيمانًا تامًّا بأحقية كافة البشر في العيش بسلام وأمان مهما اختلفت دياناتهم وتعددت أعراقهم، وهو على يقين بإمكانية العمل المشترك في ظل اختلاف العقائد وتنوع الثقافات، انطلاقًا من القيم الإنسانية المشتركة التي لا تختلف بين أتباع الديانات والثقافات.
وأكد وكيل الأزهر على أن التطرف والإرهاب شر محض على الجميع ولا يمكن أن يصيب منطقة وتنجو منه مناطق أخرى، ولذا يجب علينا أن نعمل جميعًا في مجابهة عصابات التطرف والإرهاب دون النظر للموضع الذي انتشر منه الإرهاب أو الذي يصل إليه، مؤكدا أنه على الجميع السعي لكشف فكر الإرهابين وعصابات التطرف لنوضح للشباب أنهم فريق من المجرمين لا يمثلون أي دين، كما يجب الفصل بين الميول السياسية والممارسات الإرهابية، وأن نتعامل مع الإرهابي دون محيطه، فإذا ارتكب مسلم ما على سبيل المثال جريمة إرهابية يحاسب هو عليها كمجرم دون النظر إلى دينه، ولا يُتوسع في العقاب فيُعامل المنتمين لهذا الدين على شاكلة هذا المجرم، موضحًا أننا إذا اعتبرنا أي دين مصدرا للإرهاب؛ فعلينا أن نعتبر جميع الأديان كذلك، فما من اتباع دينٍ إلا ومارس بعضهم إرهابًا مع أن جميعها لا علاقة لها بالارهاب.
وردًا على سؤال حول الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف لنشر السلام والتعايش المشترك، أجاب قائلا: «عقد الأزهر الشريف الكثير من المؤتمرات الدولية بالتعاون مع الفاتيكان والكنائس العالمية لنشر السلام في ربوع العالم، ولدينا في مصر بالتعاون مع الكنيسة المصرية كيان فريد اسمه»بيت العائلة المصرية«أسسه شيخ الأزهر واستجابت إليه الكنائس وذلك عقب أحداث مؤسفة تعرضت لها الكنائس في العديد من دول العالم، هذه التجربة يوجد بها 10 لجان مختلفة وتم إنشاء أكثر من فرع في محافظات مصر وجار استكمال فروع باقي المحافظات نظرًا لنجاح الفكرة، بل هناك بعض الدول طلبت من الأزهر الإطلاع على التجربة لدراستها ونقلها إلى بلادهم، كما أصدر الأزهر وثائق شهيرة منها وثائق الحريات وأهمها حرية المعتقد وأنه ليس لإنسانٍ أن يفرض معتقده على الآخر».
وأجاب وكيل الأزهر على سؤال الوفد حول برامج الأزهر لمجابهة الفكر المتطرف التي يمكن أن تفيد المراكز الإسلامية الفرنسية: «لدينا برامج في الأزهر لتأهيل الأئمة تركز على كيفية التعامل مع القضايا المعاصرة ومواجهة التطرف والإرهاب بقوة من خلال المواجهة الفكرية المباشرة بحصر الشبهات وتفنيدها وإبطال مزاعم أصحابها، وقد أنشأ الأزهر مرصدًا إلكترونيًا يعمل بـ11 من اللغات الحية يقوم بهذا الدور، كما أطلق الأزهر مؤخرًا مركزًا عالميًا للرصد والإفتاء يستقبل استفسارات الناس بأحدث التقنيات لتفنيد الشبهات وحل المشكلات وتعريف الناس بأمور دينهم، هذا بالإضافة أن الأزهر يرسل قوافل دعوية من مجموعة من الشباب خاصة للدول الغربية لنشر الفكر الوسطى للتعريف بالإسلام الصحيح، وترجم العديد من الكتب إلى 13 لغة ومنها اللغة الفرنسية ركزت على تعريف الإسلام ومفاهيمة والتصدى للشهبات التي دلستها الجماعات الإرهابية لخدمة توجهاتهم ونواياهم الخبيثة.
وتابع: «نقوم دائمًا بإجراء التعديلات على مناهجنا خاصة قبل الجامعية لإدخال معالجات على القضايا المعاصرة حتى تحصن أبناءنا من الوقوع في براثن عصابات التطرف، لذا لا تجد أحد من خريجي الأزهر ينضم لمثل هذه العصابات المخربة والمتطرفة، والأزهر لديه رؤية واضحة في محاربة التطرف، لكن على الجميع أن يتكاتف وأن نتحدث عن الأسباب الحقيقية للإرهاب والتصدي للداعمين له».
وفي نهاية اللقاء، أعرب الوفد عن كامل سعادته بوجوده في الأزهر الشريف هذا الحصن العظيم المعتدل الذي يحارب أصحاب الفكر المتطرف بالحجة والدليل، متمنيًا زيارة شيخ الأزهر لفرنسا في القريب العاجل، مؤكداً أن شيخ الأزهر مرحب به دائما في بلدهم.