x

عباس الطرابيلي «المصرى» وتحريك المياه الراكدة عباس الطرابيلي الثلاثاء 20-02-2018 21:56


كانت جريدة المصرى - التى أنشأها محمد التابعى ومحمود أبوالفتح وكريم ثابت فى عام توقيع معاهدة 36 الشهيرة - أول صحيفة مصرية خالصة.. بعد أن كانت كل صحف مصر قبلها شامية، أى مملوكة للشوام.. من دار الهلال والأهرام وروزاليوسف واللطائف والمقطم وغيرها، وكانت «المصرى» فاتحة عصر جديد للصحافة فى مصر وبسرعة البرق قفز توزيعها - على كل ما عداها - بسبب الصحافة الجديدة التى قدمتها.. أو سبقتها بعشرات عديدة من السنين، وتتقدم «خبرياً» وأيضاً بين صحف الرأى.

وكانت «أخبار اليوم» التى أنشأها التوأم على ومصطفى أمين فى نوفمبر 1944 هى أول صحيفة من نوعها اعتمدت على تقديم صحافة شعبية مصرية تهتم بالخبر وتقدم ما يريده الناس.. وتجاوز توزيعها أيضاً توزيع كل ما عداها من صحف قبلها.. ثم جاء عصر «الإظلام الصحفى» عندما أممت الدولة كل الصحف التى كانت موجودة.. وأصبحت كلها «تقدم» للقارئ ما يريده الحاكم وحده، دون غيره، وبذلك توارت الصحف المصرية.. لتتقدم الصحف اللبنانية.. رغم أن معظمها نشأ بأموال مصرية!!

وعلى استحياء ظهر العديد من الصحف الحزبية - بموافقة حكومية- وكانت «الوفد» أول تجربة حزبية ناجحة.. سحبت البساط من تحت أقدام الصحف الحكومية التى أطلقنا عليها - تأدباً - اسم: الصحف القومية.. وتجاوزت أرقامها أيضاً العديد من الصحف القومية، أقصد الحكومية، وتنتزع منها عنصر الريادة بجدارة.

ومع الانفتاح الحزبى، ورغم قيود إصدار الصحف وشروطها القاسية، ظهرت «المصرى اليوم» فى ثوب جديد، لم يألفه القارئ منذ سنوات عديدة، وكان ذلك منذ 14 عاماً.. إذ قدمت ما يريده الناس، واهتمت بما يهتم بالناس، وليس بما يهم السلطان.. ولذلك انطلقت «المصرى اليوم»، وبسرعة البرق، إلى المقدمة، حتى إنها - توزيعياً - تقدمت الصفوف، إذ فيها ما يريده الناس.. كان لها طعم خاص، ونكهة أخرى كان القارئ يتلهف عليها.. وبسرعة أصبحت هى المثال العملى لتعبير «الصحافة الشعبية» الذى تميزت به صحف دار أخبار اليوم، ليس فقط بسبب هامش الحرية الذى زاد.. ولكن لأنها عرفت كيف تحرك المياه الراكدة التى سادت عالم الصحافة.. عالم الإعلام.. وكانت فى مقدمة إنجازاتها أنها تنشر ما ينتظره الناس.. وتجيب عن تساؤلاتهم ولكن بحرية أكبر.. وبعمق أكثر.. وبأسلوب يفهمه الناس، ببساطة كانت «تكتب» للناس.. وليس للسلطان، بل كانت تعبر عن أفكار الناس وليس أفكار أصحاب الصحف التى أخذت تصدر، كان القارئ هو هدفها ولم تحجب عن القارئ أبداً أى معلومة.. أو أى خبر.. إلا ما كان يتعلق بالأمن القومى المصرى.. فى عصر تتحرك فيه الصحف الآن على «الشعرة» أو على العجين!

وما لم تنشره كأخبار.. كانت تقدمه من خلال كتاب الرأى على مختلف صفحاتها حتى أصبحت تضم أفضل مجموعة من كتاب الرأى فى الصحافة المصرية.. وانتزعت بذلك «ريادة» كتاب الرأى التى كانت تحتكرها «الأهرام»، والسبب أن «المصرى اليوم» تركز جهدها على ما يريد القارئ.. بينما غيرها يركز على ما يهم السلطان.. أو ما ينتظره الحاكم.. والفرق شاسع بين الهدفين.

■ ■ وبعد أن وصل عمر «المصرى اليوم» إلى العدد رقم 5000 أتمنى ألا تغفل الجريدة سبقها فى الجانب الإخبارى.. ليس فقط بالتفاصيل لأن وسائل الاتصال الحديثة انتزعت هذه الميزة.. ولكن بالاهتمام أكثر «بما وراء الخبر» أى القصة الخبرية والمتابعة.. بشرط أن تقلل من الأخبار المنسوبة إلى مصادر مجهولة.. أو يرفض المصدر ذكر اسمه.. لأن هذا يضعف مصداقية الخبر.. ويعطى «للقيل والقال» الفرصة للغمز واللمز!! فالمهمة الأولى لأى صحيفة «هى» إخبار الناس بما جرى، وما يجرى.. مهما تغيرت مهام الصحف الآن.

■ ■ ومع علمى بهامش الحرية الذى نعيشه الآن بسبب الأوضاع شديدة الحساسية التى تمر بها مصر إلا أننى أعترف بأن إدارة تحرير «المصرى اليوم»، لم تتدخل - ولو لمرة واحدة - فى حذف أو منع أى تعبير.. وهذه شهادة لـ«المصرى»، وكم أتمنى ألا يقل هذا الهامش ولا تلك الحرية التى تضع «المصرى اليوم» فى مقدمة صحف الرأى فى مصر، بل فى المنطقة، وتلك ميزة تمتلكها «المصرى».. وليست موجودة- بهذا المعنى - فى غيرها من الصحف الحالية.

■ ■ وإذا كان فن الكاريكاتير قد انتهى تقريباً، حتى فى الصحف الحزبية، فإن هذا الفن مازال يتوهج فى «المصرى اليوم».. بل يزداد معنى ومبنى، ورب رسم واحد يعبر عن الناس أفضل مائة مرة من أى مقال للرأى، والكاريكاتير من أهم أسلحة «المصرى» الآن بل ويتقدم كل الصحف، حكومية قومية أو حزبية.. أو حتى مستقلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية