ملحمة وطنية سطرها مسلمو المنيا وأقباطها، عبر تسابقهم لإطفاء الحريق الذى التهم كنيسة السيدة العذراء، بمركز بنى مزار، السبت، فلا تكاد تعرف «محمد من مينا» فالجميع جمعتهم أمواج المحبة التى فاضت على نيران الكنيسة فأطفأتها.
ووسط النيران، حرص المسلمون بالقرية على مشاركة إخوانهم وشركائهم الأقباط فى إطفاء ألسنة اللهب والنيران التى التهمت جدران ومحتويات الكنيسة، ليصاب 9 فى إخماد الحريق، بينهم 6 مسلمون.
وقال شعبان عبدالرحمن، 51 عاما، فلاح، ووالد الشابين محمد ومحمود اللذين أصيبا فى الحريق: «هذه بلدنا وبيوتنا، ونحن من نجرى لنجدة بعضنا البعض فى أى موقف، فقد أمرنا الإسلام بذلك».
وتابع شعبان أنه وأسرته سمعوا الاستغاثات، فذهب مسرعاً نحو الصوت ووجد الكنيسة مشتعلة، فبادر بالمساعدة وتعبئة (جراكن وجرادل المياه)، وهناك وجد أبناءه محمد ومحمود يشاركان فى الإطفاء، وجميعهم لم يتركوا المكان قبل السيطرة على الحريق بالكامل.
وأشار عبدالرحمن عبده، 43 عاما، إلى أن الحريق الذى نشب بالكنيسة لم يكن الأول، فقد نشب حريق محدود فيها قبل أعوام، وشارك فى إطفائه الكثير من مسلمى القرية وأقباطها، لافتاً إلى أنه وأسرته شاركوا فى عملية الإطفاء، وأنه علم بالحريق أثناء تناوله الطعام، عندما سمع صراخا فى الشارع «الكنيسة بتتحرق» وكانت هذه الصرخة بمثابة جرس للجميع للمشاركة فى إخماد النيران. وقال عبدالرحمن عبدالعظيم، طالب 18 عاما: «أصبت بحروق وكدمات، ولا أرى فى تدافعنا كجيران وأهل نحو الكنيسة للإطفاء شيئاً لا يدعو للدهشة أو الشكر، ولو كان أحد المساجد لا قدر الله حدث فيه أى مكروه لأتى المسيحيون وفعلوا مثلما فعلنا». وأضاف عبدالعظيم مبتسماً: «شعرت بفرحة كبيرة بعد السيطرة على الحريق الهائل، لما لمسته من الجميع من روح الحب والتعاون بين الأهالى، وتلك هى القوة فى أجمل أشكالها، وما فعلته لإيمانى الشديد بأن الكنيسة مثل المسجد، وهى مكان مقدس للعبادة والصلاة ولا يمكن أن نتركه يحترق». وقال الدكتور عادل عبدالناصر، وكيل كلية الزراعة بجامعة المنيا، أحد أهالى قرية الناصرية: «ما حدث هو مشهد كاشف ليس بجديد لحقيقة طبيعة المصريين وطبيعة العلاقة بين الأخوة، والمشاهد الكاشفة عادة هى التى تصف الحقيقة، وهى التى تحمل الصدق، أما الاستثناءات المرفوضة حتى إن طفت على السطح بسبب شذوذها فإنها لابد وستنكشف، فالحق أبقى وأقوى والباطل دائما زهوقا».
وأصدرت مطرانية بنى مزار بيانا، أشارت فيه إلى اندلاع حريق فى كنيسة السيدة العذراء مريم بالناصرية، ومشاركة أهالى قرية الناصرية، مسلمين وأقباطا، فى محاولة السيطرة على الحريق، ونجاحهم فى عملية الإطفاء بحضور الحماية المدنية».
وتابع البيان أنه أصيب عدد من الأهالى، أقباطا ومسلمين، أثناء محاولتهم إطفاء النيران وغادروا المستشفى بعد علاجهم، أما بالنسبة للخسائر التى نجم عنها الحريق فقد تهدم السقف والجدران والهياكل.
كان اللواء ممدوح عبدالمنصف، مدير الأمن، تلقى إخطارا من عمليات النجدة، بتمكن قوات الحماية المدنية من إخماد حريق شب بالكنيسة التابعة لعزبة أبوجلبان بقرية الناصرية بسبب ماس كهربائى.