يوم أمس.. كانت الذكرى الخامسة لرحيل ثابت البطل.. ولست هنا بصدد إقامة سرادق عزاء من جديد لنجم كبير وحقيقى لم ينجح الغياب فى تغييبه عن البال والذاكرة.. وإنما أود التوقف من جديد أمام ذكرى نجم كان مشواره تجسيداً للانتماء والوفاء والالتزام والاحترام.. لا أتوقف أمام حارس مرمى شارك الأهلى فى الفوز بخمس وعشرين بطولة كروية.. ولكن أمام فارس حقيقى ونبيل لم تعد الساحة الرياضية المصرية الآن تشهد كثيرين مثله.. وقد تكون هذه الساحة شهدت كثيرين قبل وبعد ثابت البطل.. فاقوه فى حجم الموهبة والشهرة والثروة..
لكن ثابت سيبقى رمزاً لما هو أجمل من الموهبة وأهم من الشهرة وأبقى من الثروة.. الصورة الجميلة والسيرة الأجمل لرجل أبدا لم يتاجر بشىء ولا حتى بغرامه الحقيقى بالنادى الأهلى.. أبداً لم يجرح ولم يخدع ولم يطمع ولم يناور ويتقلب ويعقد صفقات مع أعدائه قبل أصدقائه لتحقيق مصالحه الشخصية.. ومات ثابت البطل على ما عاش عليه.. بقى حتى النهاية هو الفلاح ابن مدينة الحوامدية.. الطفل الذى عرف الفقر فلم يصبح همه الأول أن يجمع المال وإنما ألا يشكو الفقر أو الجوع أى بيت فى الحوامدية..
اللاعب الذى انتقل من نادى سكر الحوامدية للأهلى فعرف الاستقرار والنجاح فبقى مديناً للأهلى بكل ما تحقق حتى النهاية دون أن يساومه على منصب أو مال.. والأب الذى قرر تأمين مستقبل بناته، ليس بسرقة حقوق الآخرين ولكن بأن يترك لهم اسما يقترن بالتقدير والاحترام.. والرجل الذى أراد أن يعيش كالرجال وأن يموت أيضا مثلما يموت الرجال..
وكان مشهد ثابت البطل فى آخر مباراة يحضرها للأهلى ملتفاً بالأغطية الثقيلة وهو يحمل فى داخله وجع السرطان وقسوته عاجزا عن الوقوف أو حتى عن الفرحة بأى هدف يحرزه الأهلى.. من المشاهد التى من الصعب نسيانها سواء فى تاريخ الأهلى أو تاريخ الكرة المصرية بأسرها.. وهو بالتأكيد مشهد لن يستهوى اليوم كثيرين ممن لا يكترثون بعدد جروح ودموع الآخرين حولهم، والتى كانت ثمنا لنجاحاتهم وثرواتهم وسطوتهم وبريقهم الزائف والخادع.. ولكن بالتأكيد فى مقابل كل هؤلاء..
سيبقى كثيرون جدا يحاولون تقليد ثابت البطل والتشبه به.. يقتنعون بأن من يقدم قلبه للناس وصدقه ووجعه وصفاءه فسيمنحونه حبهم واحترامهم ويبقون يحتفظون باسمه فى ذاكرتهم كوردة صابحة لا تذبل أبدا.. رحمك الله يا ثابت.. عشت إنسانا ومت بطلا وستبقى دائما رمزاً للاحترام فى ملاعبنا وأنديتنا وفى حياتنا وبلادنا.