دون تحضير أو اتفاق، أصيب عدد كبير من الشباب بما أطلقوا عليه «عدوى التوثيق»، ومع انطلاق ثورة يناير، سعى الجميع إلى توثيق أحداثها، وكل ما يتعلق بها، كل بطريقته، من خلال صور وفيديوهات.. مما دفع عدداً من الطلبة الأجانب فى مصر - وأغلبهم أمريكيون يدرسون اللغة العربية - وعدداً من المصريين حاملى الجنسية الأمريكية إلى إطلاق موقع «وثائق التحرير» لتوثيق كل ما يتعلق بالثورة، بدءاً من الصور والفيديوهات، وصولاً إلى كل ما كتب ونشر عن الثورة، سواء معها أو ضدها.
هدف الموقع هو توثيق المرحلة، ونقل فكر المصريين فيها، وترجمة كل هذا إلى الإنجليزية، حتى يكون الموقع مرجعاً لكل أحداث الثورة، حيث يتم تقسيم وثائقه حسب الحدث الرئيسى الذى تتحدث عنه، كالتعديلات الدستورية، والاعتداء على المتظاهرين وغيرهما.
الموقع الذى تم إطلاقه فى الأول من مارس، وصل عدد الطلبة المشتركين فيه إلى 40 طالباً، تطوعوا لتوثيق الثورة، وحسب تأكيد توماس ليفى، أحد مؤسسى الموقع، والذى يدرس الأدب العربى فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويستعد لتحضير الدكتوراة فى جامعة كاليفورنيا، فإن الهدف من المشروع هو جعل المواد المطبوعة التى وزعت فى ميدان التحرير أو ما يتعلق به وبالثورة متاحة للجميع، خاصة أنها لحظات تاريخية من المهم توثيقها.
وأضاف: نستهدف المتحدثين باللغة الإنجليزية، خاصة الباحثين المهتمين بالأحداث الجارية فى مصر، خصوصاً الثورة، حيث يجمع المتطوعون فى الموقع القائم على الجهد والتمويل الذاتى الوثائق بأنفسهم سواء التى توزع فى ميدان التحرير أو فى المناطق المختلفة على المارة والسيارات، وبعضها مما يجدونه ملقى فى الطريق.
«ليفى» يعتبر المنشورات التى تم توزيعها أثناء الثورة ملخصاً للحوار السياسى والثورى الجارى فى الشارع المصرى، لكنه لا يستطيع تحديد الأهم فيها، وإن كان على المستوى الشخصى يستمتع بترجمة جديدة لـ«مصر الثورية» التى تصدرها اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة.
تتفق معه ياسمين مكاوى، «مصرية ــ أمريكية»، تدرس العلوم السياسية فى جامعة شيكاغو فى أمريكا، وقالت: لا يمكن تحديد الورقة الأهم، ولكنها تساعدنا فى معرفة الأجندات الخاصة بالمنظمات التى شاركت فى الثورة كحركة 6 أبريل، والجمعية الوطنية للتغيير، وجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك المجموعات التى ظهرت حديثاً كائتلاف شباب الثورة وغيرها.
وتروى «ياسمين» قصة انضمامها إلى فريق العمل: «تطوعت كمترجمة لأنى رأيتها فكرة رائعة أن أقدم معلومات أكثر عن الثورة للأمريكيين وللمجتمع الدولى، فهم لا يستطيعون الحصول عليها من وسائل الإعلام التقليدية، وكذلك استفدت على المستوى الشخصى بممارستى لغتى العربية، وكباحثة أعرف أهمية مثل هذا الموقع لكثير من الباحثين حول العالم، فقد قمت بكتابة أطروحة الماجستير الخاصة بى حول المدونين المصريين ومشاركتهم خلال الفترة، وأرى أهمية الاستمرار فى استخدام الإنترنت لخدمة الثورة وأهدافها، حيث إنه لعب دوراً مهماً فى تفجيرها».
«ياسمين» أكدت أن الموقع يساهم فى الحفاظ على التاريخ بتوثيق أوراق تتعلق بشكل مباشر بثورة 25 يناير قد لا تتم أرشفتها، وهى لحظة مهمة فى التاريخ ليس على مستوى مصر والشرق الأوسط فقط، ولكن للعالم كله.