«طبيب الجينز»، لقب أُرفق مؤخرًا باسم الطبيب، محمد يحيي، بعدما كان لقبُه قبل أيام «مدير مستشفى التأمين الصحي» في بني سويف، إذ تحولت سيرته بين ليلةٍ وضحاها إلى قصة مأساوية تُروى عبّر شاشات التليفزيون، فكيف تحول مدير التأمين الصحي إلى «طبيب الجينز»؟.
مُنذ شهرين تقريبًا، كان الدكتور محمد يحيي، يمارس عمله بشكل طبيعي، كمدير لمستشفى التأمين الصحي في بني سويف، يمُر في أروقة المستشفى، وتسيير المهام الوظيفية اليومية وهكذا، إلى أن حصدَ ثمرة عمله، وتم تكريمه نظرًا لجهوده في تطوير المستشفى وتحسين أدائه، وفقًا لتصريحاته الصحفيّة السابقة.
داخل مستشفى المقطم بالقاهرة، العاشرة صباحًا، قبل يومين، استعد مديرو مستشفيات هيئة التأمين الصحي في كافة المحافظات، لحضور اجتماع رئيس الهيئة مع مساعد وزير الصحة. سافر حينها «يحيي» من الجنوب إلى العاصمة القاهرة، بصفته أحد المديرين، مرتديًا ملابس «كاجوال»، عبارة عن «بنطلون جينز وجاكيت جبردين».
في إحدى زوايا القاعة، مقر الاجتماع، وقف «يحيي» مستعدًا لمصافحة مساعد وزير الصحة، ولكن عندما جاء دوره، بادره الأخير قائلاً «أنت مين؟»، فرد «أنا دكتور محمد يحيي يا فندم مدير مستشفى بني سويف»، فقابله رئيس الهيئة بقوله «أنت مش عارف جاي تقابل مين، إزاي جاي تقابلني كده؟!، اعتبر نفسك مستبعد من منصبك من الآن»، حسبْ تقرير نُشر في «المصري اليوم».
«شكرًا يا فندم»، جملةٌ رددها دكتور «يحيي» بابتسامة هادئة، كرد فعل لقرار إقالته من منصبه، وفقًا للتقرير المذكور سابقًا، ثم غادر القاعة وعاد لمنصبه مقررًا للجنة الكبد في بني سويف، قائلاً: «كفاية عمل إداري لحد كده، عايز أستكمل دراساتي وأتفرغ لمرضي الكبد».
أثار قرار إقالة «يحيي»، عددًا من ردود الفعل، خاصة من الأطباء، إذ أصدرت نقابة الأطباء في بني سويف، بيانًا تستنكر ما حدث، جاء فيه: «تابعت نقابة أطباء بني سويف بدهشة شديدة واستغراب أشد ما حدث مع الزميل، محمد يحيي إسماعيل، أثناء اجتماع مديري مستشفيات الهيئة مع السيّد الدكتور، رئيس مجلس إدرة الهيئة العامة، الذي تم فيه إعفاء الطبيب من منصبه بإشارة شفوية لهُ وسط اندهاشه من هذا التصرف».
وأضافت النقابة في بيانها، الصادر أمس، الأربعاء: «تعتبر النقابة هذا التصرف، إهانة لطبيب مثالي يقوم بواجبه على الوجه الأكمل، والنقابة تسأل (هل التعيين في المناصب القيادية بالكفاءة أم أن هناك رؤى أخرى-دون الكفاءة- ينبغي أن نُعلمها للأطباء حتى ينالوا رضا الرؤساء؟)»، مع التأكيد على الرفض التام لمّا حدث، مُطالبين في ختام البيان برد الاعتبار للطبيب ولجموع الأطباء.
«ليس هُناك تقاليد لارتداء زي رسمي في الاجتماعات في مصر عكس دول عربية أخرى»، هكذا علَّق دكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وصاحب كتاب «آداب المراسم والبروتوكول وفنون الإتيكيت»، مضيفًا في تصريحات لـ«المصري اليوم»: «الأهم هو تقييم الشخص وفقًا لعمله والتزامه المهني وليس بناء على ملابسه».
وبخصوص قرار إقالة دكتور «يحيي»، قال: «عدم ارتداء الزي لا يعني عدم احترامه للأشخاص»، وأضاف «يجب أن تكون هناك تعليمات مسبقة بذلك، ومن المفترض أن تقوم الإدارات المختلفة بتنبيه العاملين بالالتزام بزي معين، قبلها بفترة زمنية مناسبة، بجانب توفير الإمكانيات الاقتصادية لهُم، ولا يتم الحكم وفقًا لأهواء الأشخاص».
«مفيش قائمة بتقول إن في زيّ معين للأطباء في الاجتماعات، المهم يكون زي لائق»، قالها دكتور، إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، معبرًا عن دهشته مما حدث مع «طبيب الجينز»، الواقعة التي وصفها بـ«الأولى من نوعها»، إذ تصدر قرارات الإقالة في حال سوء الإدارة أو وجود مشكلات حقيقية.
وأضاف لـ«المصري اليوم»: «البروتوكول العام بين الشباب والكبار مختلف، الشباب غير مهتم بالملابس التقليدية، بجانب إن مفيش تعليمات واضحة بضرورة ارتداء الطبيب لملابس معينة خلال الاجتماعات»، كما طالب رئيس هيئة التأمين الصحي، دكتور على حجازي، بالفصل في هذا الأمر، لمّا يحمل من إهانة للطبيب. حسب وصفه.
وبالعودة إلى أرشيف جولات، وزير الصحة، أحمد عماد راضي، نجِد أن الوزير يتعامل بأريحية وتلقائية في جولاته، إذ يرتدي ملابس فضفاضة ذات ألوان فاتحة، بالإضافة إلى ارتدائه «بنطلون جينز» في أكثر من جولة، الأمر الذي يطرح تساؤلًا بخصوص قرار إقالة دكتور يحيي، ومعرفة الأسباب من المسؤولين في الوزارة.
وعندما حاولنا التواصل مع المتحدث باسم وزارة الصحة، خالد مجاهد، لم يقُم بالرد، الأمر الذي تكرر أيضًا بعد محاولة التواصل مع وكيل وزارة الصحة ببني سويف، الدكتور عبدالناصر حميدة.