قال محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، رئيس القمة العالمية للحكومات: «تنطلق القمة العالمية للحكومات ضمن الرؤية السديدة والقيادة الرشيدة لصاحب سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وبرعاية كريمة ومتابعة مباشرة وتوجيهات مستمرة من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يؤمن بأن تطوير الحكومات مفتاح لرخاء الشعوب وأن استشراف المستقبل مفتاح لبناء حاضر أفضل، وأن التغيير إذا لم تقده أنت فإنه يقودك».
وأضاف خلال كلمته للقمة في دورتها السادسة التي تعقد في الفترة من 11 -13 فبراير، تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، حيث يشارك فيها أكثر من 4000 مسؤول ومتخصص من 140 دولة، من بينهم رؤساء حكومات ومسؤولين وعلماء وخبراء ومفكرين، و130 متحدثاً في 120 جلسة نقاشية وحوارية وتفاعلية
إن التطور سيستمر والتغيير لن يتوقف وسيشهد العالم خلال الثلاثين عاماً المقبلة تغييرات وتطورات أسرع مما شهده خلال الـ 3000 عام الماضية.
واستعرض القرقاوي أمام الحضور ما أحدثته التطورات العلمية من تحول في المفاهيم فقال: «ما كنا نظنه خيالاً علمياً في السابق أصبح اليوم حقيقة علمياً، وما كنا نظنه جماداً دبت فيه الحياة، وما كنا نظنه بلا عقل يوشك أن يتفوق على العقول البشرية».
وحول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف قال القرقاوي: «خلال السنوات القليلة المقبلة، ستختفي في الولايات المتحدة نحو 47% من الوظائف بسبب الذكاء الصناعي، كما ستختفي أكثر من مليون وظيفة قبل العام 2026».
وأضاف أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو استثمار في المستقبل، مستشهداً معاليه بأن شركتي «غوغل» الأميركية و«بايدو» الصينية استثمرتا من 20 إلى 30 مليار دولار في 2016 في قطاع الذكاء الاصطناعي فقط، لأنهما تدركان أن «نفط المستقبل هو البيانات وما يستثمر اليوم في الذكاء الاصطناعي عالمياً يفوق ما يستثمر في التنقيب عن النفط».
واستعرض الفرص الكبيرة التي سيتيحها استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث قال: «يتوقع أن يضيف الذكاء الصناعي في عام 2030، أي بعد 12 عاماً فقط، إلى الناتج الإجمالي العالمي أكثر من 15 تريليون دولار، أي أكثر من 10 أضعاف مبيعات النفط عالميا».
وأشار إلى أن الشركات اليوم تعرف عن تفاصيل حياة الناس وعواطفها وطرق تفكيرها أكثر مما تعرفه الحكومات، مؤكداً: «خلال خمس سنوات فقط ستتمكن التقنية من الدخول للعقل البشري والتواصل معه بشكل مباشر، وستعرف التقنية بماذا نفكر وبماذا نشعر وكيف هي صحتنا اليوم والأمراض التي سنتعرض لها في المستقبل وماذا يسعدنا وما الذي يقلقنا».
ولفت إلى أن كل هذه المعلومات والبيانات ستكون ملكا لشركات، وستكون هذه الشركات أقوى بكثير من الدول عبر امتلاك هذه البيانات، داعياً الحكومات للتفكير بهذه الفرضية بجدية.
وتطرق القرقاوي إلى ما توقعه اثنان من الباحثين المستقبليين في شركة «غوغل»، حيث قالا إنه في العام 2045 (أي بعد 27 سنة فقط) سيكون بالإمكان تحميل ونقل عقل الإنسان إلى شبكة المعلومات.
وأكد بأن الفوز والخسارة للشركات والنصر والهزيمة للدول ستحدث بشكل أسرع بكثير عن السابق، مشدداً على أنه «من الضروري أن تراعي الحكومات مصالح شعوبها، وأن تمكنهم من العلوم الحديثة من خلال استشراف مستقبل التعليم وقطاعات العمل».
فرص المستقبل
وقال القرقاوي إن المستقبل فيه أيضاً الكثير من الخير والفرص العظيمة والرخاء للإنسان، فمثلا مقابل الوظائف التي سيفقدها العالم خلال الـ13 سنة القادمة بسبب الذكاء الاصطناعي، سيتم خلق واستحداث مئات الملايين من الوظائف الجديدة في الاقتصادات الناشئة، وفي قطاعات التطوير التكنولوجي وفي مجال الخدمات التخصصية.
وقال: «تخبرنا التقارير أن التطور الطبي أصبح يضيف خمس سنوات جديدة لعمر الإنسان في كل عقد، لذلك سيصبح سن التسعين عاماً قريباً هو الستين»، موضحاً أن لذلك انعكاسات ضخمة على صناديق التقاعد مثلا، ومضيفاً بأن «استشراف المستقبل والاستعداد له هي عنصر أساسي وضروري لأي دولة تريد البقاء ليس فقط ضمن سباق التنافسية ولكن ضمن العالم الحديث، فعدم استشراف المستقبل هو نهاية للمستقبل».
واعتبر أن هذا الإنجاز سببه العلم واستشراف المستقبل والاستعداد له وتجهيز الأجيال القادمة فكراً وعلماَ وسلوكاً، وقال: «إنه التفكير بعقلية المستقبل، فاستشراف المستقبل هو طريقة تفكير وليس اطاراً زمنيا فقط».
واضاف القرضاوي: «إن هدفنا من هذه القمة بعيد المدى، ولا يقتصر على استقراء ما الذي سيتغير في العالم خلال السنوات القادمة، وإنما محاولة صياغة ما الذي سيغير العالم في السنوات القادمة وستحاول القمة صياغة إجابات لتحديات كثيرة».