x

علماء وباحثون يناقشون القيم الأساسية لتحقيق السعادة في القمة العالمية للحكومات

الأحد 11-02-2018 08:51 | كتب: عبد الحكيم الأسواني |
القمة العالمية للحكومات القمة العالمية للحكومات تصوير : آخرون

خصص الحوار العالمي للسعادة عدداً من الجلسات ضمن محور علم السعادة وجودة الحياة، استضافت علماء وباحثين ناقشوا القيم الأساسية لتحقيق السعادة والارتقاء بجود حياة المجتمعات.

وفي جلسة بعنوان «ما هي القيم الأساسية للسعادة؟»، ناقشا الدكتورة سونيا ليوبوميرسكي أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، القيم الأساسية للسعادة والمفاهيم المتعلقة بها، وقالت: «على الأفراد قياس مدى سعادتهم من خلال مراقبة النشاطات التي لا تجلب لهم السعادة، والابتعاد عنها».

واستعرضت ليوبوميرسكي بعض نتائج أبحاث السعادة التي توصلت إليها عبر ثلاثة عقود من الدراسة. وذكرت عدداً من الأنشطة الإيجابية التي تعزّز الشعور بالسعادة مثل مساعدة وإسعاد الآخرين، والتحلي بالإيجابية، وكتابة رسائل الامتنان، والرياضة، وتعداد النعم، وأشارت إلى أن الأبحاث التي قامت بها دفعتها إلى الاستنتاج أن فرط القيام بهذه الأنشطة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وأن التركيز الكبير على الذات يعيق تحقيق الرضا والسعادة.

قوة المعنى

أما في الجلسة التي حملت عنوان «قوة المعنى: كيف نعيش حياة هادفة؟» فتحدثت الكاتبة إميلي اصفهاني سميث، عن أهم العوامل التي تؤثر في رسم مستقبل أي شخص وتحديد طموحه، وأهمية وجود أهداف واضحة في حياة كل شخص وتطلعاته نحو الأفضل.

وقالت سميث:«عندما كنت طفلة، نشأت في منزل محاط بالباحثين الصوفيين وكان والدي يدير اجتماعاً للصوفيين في منزلنا بمدينة مونتريال مرتين أسبوعياً، حيث كانوا يجلسون على الأرض ويبدأ كل منهم سرد قصته، كيف تمكن من خدمة الاخرين، وعلى الرغم من أنهم جميعاً من الطبقة الفقيرة، إلا أن لديهم هدفاً واضحاً في حياتهم، وهو تكريس أنفسهم لخدمة الآخرين.»

وأضافت: «قررت الالتحاق بكليةٍ للدراسات العليا متخصصةً في علم النفس الإيجابي لأتعلم ما الذي يجعل الناس سعداء وكيف يمكن أن يكون لديهم هدفاً واضحاً في حياتهم.

وأكدت سميث على أربع ركائز للحصول على حياة ذات مغزىً. أولى تلك الركائز هي الانتماء، مشيرة إلى أن الانتماء هو المصدر الرئيس لحياةٍ ذاتُ مغزىً.

وأضافت«أن ثاني تلك الركائز هي»الهدف«ومفتاح تحديد هدفٍ في الحياة هو استثمار الوقت والجهد لخدمة الآخرين.

أما ثالث الركائز فهي أهمية أن تخطي الذات، وحددت سميث الركيزة الرابعة والتي تتمثل في سرد الأحداث اليومية بشكل إيجابي.

وقالت سميث: «لكل شخص أهداف يرغب في تحقيقها سواء كان واعياً ولها أم لا، ولكن ما يميز إنساناً عن أخر قوة الإرادة والتركيز على أهدافه، في حين لا يفعل ذلك الآخرون».

المايكروبيومات صمام أمان السعادة

من جانبه، تحدث الدكتور جون كريان، أستاذ ورئيس قسم علم التشريح وعلم الأعصاب، في كلية كورك بجمهورية أيرلندا، في جلسة بعنوان «كيف تؤثر الميكروبات في مزاجنا» عن آخر ما توصلت إليه الأبحاث والدراسات الأكاديمية حول دور ما يتناوله الإنسان من طعام وشراب في التحكم بمزاجه اليومي وإحساسه بالسعادة.

وعرّف كريان المايكروبيومات، بأنها ميكروبات تعيش داخل جسم الإنسان، وبشكل خاص داخل معدته وأمعائه، وتؤدي وظائف حيوية عديدة متصلة بالمناعة ضد الأمراض، والأيض، لافتاً إلى أن هذا البحث العلمي الحديث نسبياً يكشف باستمرار تفاصيل جديدة عن العلاقة بين محتوى الأمعاء ونشاط الدماغ، مؤكداً تأثير ما يتناوله الإنسان على أدائه الذهني ومزاجه وشعوره بالسعادة.

وعرض كبير الباحثين في معهد «أي بي سي للمايكروبيومات» خلال الجلسة لأبرز نتائج الأبحاث التي أجراها حول التأثيرات الإيجابية للمايكروبيومات المعوية، لافتاً إلى أن وزنها مجتمعة في الجسم قد يعادل وزن الدماغ، مؤكداً قدرتها على تحفيز عمل الغدد الصماء في الجسم، وتفعيل مختلف وظائف الجسم كالنمو والأيض.

وأشار كريان إلى أن التجارب المخبرية دلت على أن النظام الغذائي المتنّوع ينتج تنوعاً في مايكروبيومات الجسم ويعزز المناعة والصحة التي تؤدي بالنتيجة إلى حياة أسعد وأقل توتراً، مبيناً أن المايكروبيومات تعمل كمصانع مصغّرة تعزز تجاوب الخلايا العصبية وتقوي الغشاء الدماغي، وتحسّن التواصل بين الخلايا الدماغية، وتقلّص التوتر، داعياً إلى اعتماد نظام غذائي متوازن قائم على تناول الخضروات والألياف، وزيت أوميغا 3، والبذور، والقهوة، والشوكولاتة الداكنة، والزيتون، والتوت، واللبن الرائب.

وشدد على أهمية الرضاعة الطبيعية في تعزيز مناعة الجسم عبر نقل المايكروبيومات من الأم إلى طفلها، مؤكداً ضرورة تجنّب تناول المضادات الحيوية دون وصفات الطبيب، والابتعاد عن الأطعمة المصنّعة والمستحلبات والمواد المستخدمة لتحلية الأطعمة، لما لها من آثار في زيادة التوتر والتأثير على المزاج والحالة النفسية للإنسان، وهي حالات لحظها وفريقه البحثي خلال دراساتهم في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء. وختم الدكتور كريان محاضرته بدعوة لاعتماد نظام الوقاية الصحية من التوتر والإحباط عبر تناول الطعام الصحي المتوازن قائلاً: «ليكن الغذاء هو الدواء.»

[image:2:center]

وكانت «جوجل» قد منحت الدكتور جون كريان لقب باحث معتمد لنشره أكثر من 250 مقالاً علمياً في تخصصات بحثية دقيقة شملت علم الأعصاب وعلم التغذية وعلم النفس البيولوجي وعلم النفس الجزيئي. وهو زميل جامعة بنسلفانيا الأمريكية، ومعهد سكريبس للأبحاث في كاليفورنيا. كما يترأس العديد من المشاريع البحثية الممولة من الحكومة الآيرلندية والاتحاد الأوروبي. وهو حاصل على جائزة باحث العام 2012 من جامعة كورك الآيرلندية، وجائزة التميّز في الأبحاث الصيدلانية لعام 2013 من جامعة أوتريخت الهولندية. منحته مؤسسة تومسون رويترز لقب باحث مرموق، وصنّفه موقع «ساينس ووتش» ضمن قائمة أكثر القيادات العلمية تأثيراً لعام 2014.

للدكتور كريان العديد من المؤلفات العلمية التي تبحث عن الحلول للقضايا الصحية المعاصرة من منظور علمي، أبرزها كتاب «الاكتئاب: من العلاج النفسي إلى التداوي» الذي نشر عام 2010، وكتاب «علم الوراثة العصبية السلوكية» عام 2012، وكتاب «علم الغدد الميكروبي: محور المايكروبيومات بين الدماغ والأمعاء» الذي نشر عام 2014.

ألغاز العقل والقلب

وفي جلسة حملت عنوان: «حل ألغاز العقل والقلب لتحقيق السعادة»، قال الدكتور جيمس دوتي، أستاذ جراحة المخ والأعصاب في جامعة ستانفورد،: «لا يمكن أن يعمّ السلام في العالم قبل أن ننعم بالسلام الداخلي، ولن نتمكن من تحقيق السعادة في الحياة من دون الوصول إلى السعادة الداخلية أولاً،» وأشار إلى أن الطريق إلى ذلك هو من خلال الحب غير المشروط، وتقبل الآخرين كما هم دون أحكام مسبقة.

وأكد دوتي على أهمية الوعي بتأثير الجهد العصبي على السعادة، مشيراً إلى أن: «المعاناة وعدم الشعور بالسعادة هما انعكاس للضغط والإجهاد العصبي، ويتسببان بأزمات صحية غالباً ما تكون مرتبطة بأمراض القلب».

واختتم الدكتور دوتي جلسته بالقول: «الحل في أيدينا، فنحن من نخلق الأفكار والحوارات السلبية في أذهاننا، وهي التي تحد من طموحنا وتقتل أحلامنا وتزرع الخوف لدينا. إن أول خطوة للتخلص من ذلك هو الاسترخاء، وتحويل انتباهنا نحو الأفكار الإيجابية وتغيير نظرتنا للأمور، وهو ما سينعكس حكماً على طريقة تعاملنا مع المواقف ومع الآخرين على حد سواء، ويغير من طريقة تعاملهم معنا دون شك».

وقد انعقد الحوار العالمي للسعادة بدورته الثانية عشية الدورة السادسة للقمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي بين 10 و13 فبراير. وشارك في الحوار العالمي للسعادة 500 مسؤول حكومي وعالِم وخبير في شؤون السعادة من دول عربية وغربية ومؤسسات عالمية. وتضمن الحوار 24 جلسة مُتنوعة، ركزت على كيفية الارتقاء بالمعرفة حول السعادة وجودة الحياة، وبحثت آليات تعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات الدولية والمجتمعات من أجل صياغة سياسات حكومية تكرس ثقافة السعادة والإيجابية في جميع ممارساتها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية