x

الفنان الكبير جلال الشرقاوي في حوار خاص لـ «المصري اليوم»: عهد عبدالناصر الأفضل فنيًّا.. ونظام مبارك أغلق مسرحي

السبت 10-02-2018 00:00 | كتب: هالة نور |
جلال الشرقاوى خلال حواره لـ«المصرى اليوم» جلال الشرقاوى خلال حواره لـ«المصرى اليوم» تصوير : اخبار

أكد الفنان الكبير جلال الشرقاوى أن عرض «هولاكو» الذى سيخرجه، ومن تأليف الشاعر الكبير فاروق جويدة، سيعرض على خشبة المسرح القومى فور الانتهاء من عرض «اضحك لما تموت». وقال «الشرقاوي» فى حواره لـ «المصرى اليوم»: «إن العرض واجه عدة عراقيل إدارية وروتينية على مدار 3 سنوات تقريبا، وإن عددا من الممثلين اعتذروا عنه لخوفهم من التمثيل بالفصحى أو أداء الحوار الشعري». وأضاف أن العرض يناقش الانكسار العربى بغزو التتار للعراق إبان الدولة العباسية حتى غزو أمريكا لها، وأن أدوار البطولة يتقاسمها الفنانون فاروق الفيشاوى ورغدة وكمال أبورية.

وأوضح أن المسرح مرتبط دائما بالسياسة، وأنه خاض معارك عديدة بسبب أعماله التى تنتمى للكباريه السياسى، منها عرض «دستور يا اسيادنا»، الذى واجه الإغلاق فى اليوم التالى لعرضه، وشدد على أنه يرفض كل أشكال الرقابة على الإبداع، وأنها لا تقل خطورة عن الإرهاب، ويرى أن تجربة مسرح مصر لا تمت للمسرح بصلة، وأنها بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون.. وإلى نص الحوار:

جلال الشرقاوى خلال حواره لـ«المصرى اليوم»

■ إلى أى مرحلة وصل العرض المسرحى المرتقب «هولاكو»؟

- العرض مأخوذ من نص جميل كتبه الشاعر فاروق جويدة، منذ أكثر من ثلاث سنوات، واتفقنا على تقديمه على المسرح القومى، وبالفعل، قمنا بتقديمه يوم 15 نوفمبر عام 2015، ولكن عقبات إدارية ومالية وقانونية عطلت ظهور هذا العرض حتى هذه اللحظة، وتلاها البحث عن فريق العمل من ممثلين ما أخذ وقتا وجهدا كبيرين، لأن كثيرين اعتذروا بحجج مختلفة غير حقيقية، وأعتقد من وجهة نظرى أن هناك سببا حقيقيا وحيدا لهذه الاعتذارات.

■ ما هذا السبب؟

- هذه المسرحية باللغة الفصحى والشعر، وكثير من الفنانين غير قادرين على التمثيل بالفصحى وبأداء لغة الشعر، ولكن وافق عليها 3 شجعان من الفنانين هم: فاروق الفيشاوى، ورغدة، وكمال أبورية، وانتهينا من بروفات القراءة والأداء، وكنا على وشك بروفات الحركة، لولا أن حدثت مشكلة بين شركة حسن علام ووزارة الثقافة تخص مديونيات، وقامت الشركة بسحب موظفيها وفنييها الذين يتولون الدفاع المدنى وأعمال التكييف، إلى أن تولت الدكتورة إيناس عبدالدايم مسؤولية الوزارة حاليًا، وقامت بحل الأزمة، وبالفعل تم افتتاح المسرح القومى بداية الشهر الجارى بمسرحية «اضحك لما تموت»، وكان هذا العرض شريكا معنا فى البروفات، وسنبدأ «هولاكو» بعد انتهاء ذلك العرض.

■ ماذا عن عرض «هولاكو»؟

- لن أستطيع الخوض فى تفاصيل العمل، ولكننا نناقش القرن السابع الهجرى والحادى عشر ميلادى، عند غزو التتار للعراق، وهذه كانت بداية انكسار الأمة العربية بأجمعها، فى نوعٍ من التماثل بين غزو التتار للعراق أيام الدولة العباسية، حيث سقط آخر ملوك الدولة، وبين غزو أمريكا بقيادة بوش لبغداد.

■ قدمت المسرح السياسى بجرأة، فكيف واجهت المحاذير السياسية فى مختلف أعمالك؟

- دائمًا وأبدا المسرح مرتبط بالسياسة، ومنذ قديم الأزل، يجب أن نعلم أن هناك اتجاهين حاليًا للمسرح العالمى: هناك مؤرخون يقولون إن بداية

المسرح هو اليونانى، وآخرون يقولون إن أول مسرح فى العالم هو الفرعونى، بينما المسرح الفرعونى لم يظهر وينتشر بسبب أنه كان يقدم مسرحياته فى المعابد الفرعونية لأنه لم يكن متاحا فيه للشعب المشاركة بسبب عدم وجود دور عرض، على عكس المسرح اليونانى كان لديه المدرج على التلال الذى يسع لجمهور يتراوح بين 15 و20 ألف متفرج، ومن هنا كان المسرح الإغريقى أكثر شهرة، فمثلا المسرح الفرعونى اشتهر بأسطورة «إيزيس وأوزوريس» والصراع على السلطة بين إلهى الخير والشر، أليس هذا مسرحا سياسيا؟، والمسرح اليونانى «اسخنوس» و«سوفوكليز» كان الصراع فيه بين الديكتاتورية والديمقراطية من خلال قصة صراع «كريون» و«أنتيجون»، فكان ذلك مسرحا سياسيا، وأعنى بذلك أن المسرح السياسى متواجد عبر الزمان، وكان يطلق عليه «مسرح الكلمة» لتوصيل رسالة.

■ وماذا عن المسرح السياسى فى العصور الحديثة؟

- العصور الحديثة مفهوم المسرح السياسى اتسع فيها، فقد كانت القضية بين الحرب والسلام، والديكتاتورية والديمقراطية، والحاكم والمحكوم، بينما العصور المتقدمة فقد دخل عنصر الاقتصاد ليصبح نوعا آخر عندما تتفاعل تخلق العنصر الاجتماعى، فكل العصور تداخلت، بالتأكيد فى العصور الديكتاتورية «الشمولية» يبقى الرقيب وسيفه على رقاب العباد، فالمؤلفون والفنانون عموما لا يستطيعون التعبير عن فكرهم بوضوح فلجأوا إلى إسقاط الحكايات حتى يستطيعوا أن يقولوا رأيهم فى النظام الحاكم، وكان ذلك حتى أواخر القرن العشرين فأصبح المسرح المباشر والذى قدمنا خلاله عرض «على الرصيف»، فذكرنا أسماء الرؤساء الثلاثة بكل وضوح «عبد الناصر، والسادات، ومبارك»، وتطورنا من خلال مسرحية «دبابيس» ورأيناهم وسمعناهم بالاسم، وأتذكر أننى أرسلت إلى ألمانيا لعمل أقنعة للرؤساء حتى يرتديها الممثلون، وكان عبدالناصر شخصية «أبو خالد»، والسادات «أبو الأنوار»، ومبارك بنفس اسمه، إلى أن وصلت إلى مسرحية «دستور يا أسيادنا»، وكانت بداية الإغلاق فى عهد مبارك.

■ كيف تم إغلاق مسرحكم فى عهده؟

- عندما قدمت عرض «دستور يا أسيادنا» قمنا بتقديم مواطن بسيط من الشعب ليرشح نفسه فى الانتخابات أمام حسنى مبارك باسمه وصورته، ولهذا السبب كان قرار غلق المسرح، ووقتها حوصر المسرح بعربات الأمن المركزى فى عهد فاروق حسنى وبأمر منه، وحدثت خطة بين مديرية أمن غرب القاهرة، والأمن المركزى وقسم الأزبكية، فكانت هناك عملية وخطة وساعة صفر، وقاموا بمحاصرة

المسرح وانتشر رجال البوليس وقتها منذ اليوم الثانى للعرض ولم يستطيعوا فعل ذلك فى اليوم الأول لأنه كان هناك ما يقرب من 800 متفرج فكانت ستمثل أمامهم أزمة إذا أغلقوا المسرح.

■ هل العرض كان مُجازا رقابيا؟

- كانت مسؤول جهاز الرقابة وقتها درية شفيق، قامت بقراءة العمل، وعلى الرغم من أنه مرّ بكافة المراحل الرقابية من قص المشاهد ورفض الجمل، واستبدالها من ناحيتنا، وكانت معركة طويلة تناولتها وقتها التليفزيونات والإذاعات فى مصر والعالم، وأتذكر وقتها أننى تلقيت مكالمة هاتفية من إذاعة اليابان تطلب استفسارا عن الواقعة، كما تناولت صحيفة «معاريف»، الإسرائيلية الأزمة ونشرتها فى صدر صفحتها الأولى وأدانت إحدى الناقدات الواقعة فى مقال قالت فيما معناه أن «موشى ديان وزير الحرب الاسرائيلى قبل نكسة 67 خطب فى الكنيست وقال أنا لا أخاف من مصر سوى من مسرحها»، وأهدت هذه المقولة لفاروق حسنى قائلة «لو موشى ديان عاش إلى الآن كان أرسل برقية شكر لفاروق حسنى».

■ أى حقبة تعتبرها الأفضل مسرحيا؟

- أعتقد أن فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانت الأفضل، على الرغم من أننى ضد الحُكم الشمولى، ولكن جاء عدد من المصادفات المتتالية فخلقت مسرح الستينيات، وهو ما أعتبره العصر الذهبى للمسرح المصرى، فكانت هناك بعثات لدول أوروبا، وجاءت الأعوام من 1960 إلى 1963 ليظهر مؤلفون مسرحيون مصريون عظماء لم يسمع عنهم أحد، ولكن كانت لهم نشاطات فى كتابة الرواية، وبالطبع كان أبوالكل توفيق الحكيم آنذاك، ونعمان عاشور، ورشاد رشدى، ولطفى الخولى ويوسف إدريس، ومحمود دياب، وميخائيل رومان، ونجيب سرور، وآخرين، وفى عهد «ناصر» كان الدكتور عبد القادر حاتم، وزيرًا للإعلام، فقام بعمل 10 فرق مسرحية للتليفزيون، حتى يسد الفراغ فى التليفزيون، وأعطى هذا المشروع العظيم للسيد بدير، فتم تقسيمهم بواقع 3 «مسرح عالمى»، و3 «مسرح حديث»، و3 «كوميدى»، ومسرح واحد أطلق عليه «الحكيم» على اسم الراحل توفيق الحكيم ليكون من أجل «الأنفع والأرفع»، وكل فرقة منهم تقوم بإنتاج 8 أعمال مسرحية فى السنة الواحدة بواقع 80 عرضا مسرحيا،وقمت بعمل بحث يخص هذه الفترة.

■ وما الذى نتج عن ذلك البحث؟

- رأيت أنه قبل هذه الفترة كان الجمهور عدده 44 ألف متفرج، وبعد هذه الفترة الخاصة بمسارح التليفزيون ارتفع الرقم إلى 400 ألف متفرج، أى عشرة أضعاف، وأرى أن إنشاء مسارح التليفزيون مع عودة المخرجين المبعوثين من الخارج ومع ظهور المؤلفين العظماء ظهرت هذه النهضة العظيمة، فبعد 67 النظام خلق متنفسا للناس، فأصبح يشكل نوعا من الحرية بعد نكسة 67، لذا أرى أن عصر السيتينيات هو أعظم فترات المسرح المصرى حتى الآن.

■ ماذا عن عصرى «السادات» و«مبارك»؟

- لم أشاهد فى عهد الرئيس السادات أى أعمال تم إيقافها، بينما فى عهد «مبارك» رأيت أعمالاً توقفت، وعلى سبيل المثال، العرض الذى قمت بتقديمه «دستور يا أسيادنا»، فلقد رأيت الملاحظات الرقابية والرقيب الذى يقوم بالقص، وأتذكر أننى ذهبت فى إحدى المرات إلى رئيس جهاز رقابة من المثقفين والذين أكنّ لهم احتراما فى ذلك الوقت، بسبب إحدى الروايات التى قدمتها وتم الاعتراض عليها، فأخذت موعدًا منه وذهبت إليه حتى أعرف سبب الاعتراض أو الملاحظات، فقام ذلك الرجل وحدثنى بصوت منخفض قائلاً:«أستاذ جلال انت فاهم إنى أنا اللى بوافق وأرفض الروايات، لأ اللى قاعد فى المكتب اللى جنبى هو اللى بيعمل ده»، لذلك كان ذلك النظام متواجدا فى عهد «مبارك»، ولكن لم يكن لى أى نشاط بعد ذلك العهد أو أستطيع الحديث عنه.

■ كيف ترى الرقابة على الأعمال الفنية على كل مسمياتها «الوطنية للإعلام- لجنة الدراما»؟

- أرى أنه يجب إلغاء الرقابة بشكل عام وكامل، وأذكر هنا الرقابة بكافة أشكالها وليست الرقابة على المصنفات الفنية فقط، ولكن أخص كل أنواع

الرقابة سواء الدينية أو الأمنية كذلك، وأضرب مثلا بالرقابة الدينية التى رفضت عرضا تم تقديمه، وهو «الحسين» لعبد الرحمن الشرقاوى، والذي

أخرجه كرم مطاوع، فقام الأزهر برفضه بعدما شاهد عدد من مشايخه «البروفة الجينرال»، وكررت أنا المحاولة مع الأزهر والتقيت الإمام الأكبر الراحل الشيخ سيد طنطاوى، وهو مشكورًا رحمه الله تفضل وجعلنى أحضر اجتماعا مع مجمع البحوث للمناقشة، وجاء الرفض بالإجماع، فأعتقد الرقابة الدينية مانعة، وكذلك التليفزيون المصرى، حيث قمت بتقديم مسرحية «على الرصيف»، وتمت إذاعتها على كافة القنوات التليفزيونية فى العالم العربى عشرات المرات إلا التليفزيون المصرى، بالإضافة إلى فيلم «الرسالة» وبطله حمزة عم النبى، وتمت إذاعته فى كل القنوات إلا مصر ومنذ عام تقريبا تم عرضه، فأعتقد أن هناك رقابات متشددة ومانعة للإبداع.. وأقول إن خطورتها لا تقل عن الإرهاب، الذى يجب بدورنا القضاء عليه بالسلاح الفكرى إلى جانب السلاح الأمنى، فيجب دعم الفن والثقافة فى مصر، وإلغاء كافة أنواع الرقابة بكافة مسمياتها.

■ خاطبت الشباب من خلال عرض «مدرسة المشاغبين»، فما الذى تحتفظ به ذاكرتك عنه؟

- أعتقد اننى قدمت من خلال مدرسة المشاغبين 3 رسائل: الأولى الصراع بين الأجيال، بين الابن وأبيه، فكل الأبناء لديهم رغبة مضادة للأب،

والرسالة الثانية كانت من خلال ناظر المدرسة، أو الأب، فهو يمثل سلطة، والابن يمثل الشعب، فهذا صراع دائم، لذلك تطرق العرض للمسرح السياسى، والأخيرة يجب أن نتساءل: لماذا نجحت أبلة عفت فيما فشل فيه الآخرون؟،والإجابة هنا أنها تميزت عن غيرها واحتوت الطلاب بالحب والعلم فبحبها لهم استطاعت احتواءهم، وبعلمها قامت بتعليمهم، وعلى الرغم من أن الأولاد شاغبوا أكثر من اللازم فطغت على الرسائل المقدمة، ولكن وصلت الرسائل، وظهرت شائعات أن الرواية مقتبسة من فيلم أمريكى وهذا غير صحيح، فهى جزء من ثلاثة أجزاء كتبها الفرنسى «روجيه فيردمانت»، قدمنا الجزء الأول فقط وهو ما يحتوى على ما قبل التعليم الجامعى.

■ وماذا عن الجزءين الآخرين؟

- احتوى الجزءان الآخران على فترة ما بعد دخولهم الجامعة، والجزء الثالث عندما يلتقون مرة أخرى وقد تخطوا الخمسين عامًا، وتم ترجمة الجزءين الأخيرين ولم يتم تنفيذ سوى الأول فقط.

■ هل من الممكن أن تستكمل باقى الأجزاء؟

- صعب لعدة أسباب، أولا كل حد من الخمسة ليسوا موجودين، لا يوجد إلا عادل إمام وهادى الجيار، والسبب الثانى الظروف تغيرت لا يوجد صراع الأجيال دلوقتى فالولد يفرض رأيه على أبيه.

■ وماذا عن الأعمال الدينية والتاريخية؟

- الحقيقة بعد محاولة كرم مطاوع فى «الحسين» حاولت بخطابات رسمية بمناقشات وحوارات استغرقت ستة أشهر وبخطابات رسمية.. والأزهر رفض، وقالوا إن السبب أن هناك فتوى من الأزهر بمنع تجسيد آل بيت الرسول «صلى الله عليه وسلم»، قلنا طب هنلبس سيدنا الحسين بدلة وعليه عباية، والسيدة زينب جلبابا عاديا كما نرتدى فى مصر وعليه عباية، وباقى الممثلين بالملابس العربية فسيحدث

انفصال كامل وقبل كل جملة هنسبقها «يقول الحسين كذا، أو السيدة زينب كذا» عملت ذلك حتى تبطل حجتهم، فكشف النقاب عنهم ولم تكن هذه هى الحجة، ولكن أصل الحكاية «معاوية» الحاكم عايز ياخد البيعة لابنه يزيد، يريد كل المسلمين من بيت الرسول والأعيان، عايز يورث الحكم، والكلام ده كان فى أوائل التسعينيات، فكانت الشائعات فى ذلك الوقت أن مبارك هيورث لابنه جمال، فبدأ يستقطب الأساتذة والصحفيين والمثقفين والمذيعين فوجدت القصتين متشابهتين، لقيت مبارك زى معاوية، كل حد عايز يبايع، وده كان السبب الرئيسى إن الأزهر رفض الرواية وفى خطاب رسمى غير واضح، لكن فى الحوار قالوا «مالها حكومتنا يا أخى إنت عايز تقلب الشعب على الحكومة، إنت عايز تعملّنا فتنة بين الشيعة والسنة»، ولا أفكر أن الوضع يتغير، فعندما يستطيعون تغيير الخطاب الدينى ممكن وقتها.. لكن صعب حاليًا.

■ حاليًا مسرح «الدولة» يتفوق بالإيرادات وفقا لتصريحات قياداته، فكيف تقيم الوضع المسرحى الحالى؟

- كل ما يقال عن مسألة إيرادات مسارح الدولة غير حقيقى، ولن نتحدث عن الـ 3 سنوات العجاف التى لم يكن بها مسرح و«ابتلينا» بها، فكانت هناك فترة يتم ترميم المسارح فيها، سواء القومى، ولم يكن هناك غير متروبويل والطليعة، ولكن بدأ المسرح القومى يستعيد نفسه بعد ما جاء الفنان يحيى الفخرانى بالعرض المسرحى «ليلة من ألف ليلة» وهو من حقق الإيرادات، وليس مسرح الدولة، لأن هذه الرواية قدمها الفخرانى منذ 20 عامًا مع أنغام، وبالرغم من الإيرادات التى تحققت على إثره، لكن المسرح لم يربح كما أعلن.

■ كيف ذلك؟

- أولا يجب أن نذكر أن مسرح الدولة ليس هدفه الربح، ولكن تقديم رسالة وخدمة ثقافية، وإذا راجعنا الأمر من ناحية الإيرادات، لم يربح أصلا، وادعاء البعض أن هناك ربحا جاء دون أن يقوموا بحساب الإيرادات، والتكلفة اليومية، والإيجار، والكهرباء، والماء، والعمالة، فعندما يتم حساب كل هذه الأشياء سنجد أن المسرح خاسر مائة بالمائة، ولا يوجد عرض فى مسرح الدولة حقق مكسبًا حتى الآن، فيجب حساب كل شيء، ولدى ملاحظة مهمة تخص الباعة الجائلين بالمسارح والذين يشوهون جمال وسط البلد فى منطقة تعج بالمسارح

مثل القومى والعرائس والطليعة والشباب، فيجب أن تأخذ محافظة القاهرة إجراء بالنسبة لذلك.

■ ماذا عن عروض الشباب التى تم تقديمها وحققت إيرادات؟

- ليس هناك سوى عرضين أعتقد أنهما حققا إيرادات على الرغم من ضعف إنتاجهما، ونجح العرضان وكانا متميزين بالرغم من كل التحفظات التى عليهما وقمت بمناقشتها مع مخرجيهما، وهما عرضا «قواعد العشق الأربعين»، و«يوم أن قتلوا الغناء» وملاحظاتى كانت فنية.

■ ما الروشتة التى تقدمها لأزمة التسويق فى مسارح الدولة؟

- التسويق علم أو عدة علوم لم يقم أحد بدراستها فى مصر فى مجال الفن سواء المسرح أو السينما، وأرى أنه يجب أن يكون هناك إدارة من متخصصين فى التسويق، ولا نريد هنا أن نكبل أيدى البيت الفنى للمسرح، أو الفنون الشعبية، بأحمال إدارية أخرى يكفى ما لديهم من أعباء، ولكن قبل الحل أرى أن الجهاز الإدارى والمالى والقانونى «خانق» للمبدعين وكاتم أنفسهم، وإذا قمنا بعمل إحصائيات نسبية بين عدد الفنانين لعدد الإداريين والقانونيين والفنيين نراها 1 إلى 6 بمعنى أن كل فنان يخدمه 6 موظفين، والمفترض أن يكون العكس، فهذا الجهاز العتيق قاتل للإبداع والحركة الفنية، فيجب إيجاد حل لذلك أولاً.

■ ماذا بعد حل هذه المشكلة من الإداريين؟

- تأتى مرحلة التسويق، فيجب أن يكون لأناس متخصصين فى هذا العلم، والأمر الثانى يجب أن نقتدى بما قامت به باريس فى ذلك، بالتسويق عبر طلابها، فعندما تنزل مطار «شارل ديجول» تجدهم يقدمون كتيبا به استعراض للمسرحيات الكوميدية التى سيتم عرضها لمدة عام بتواريخها وأبطالها، وهو ما نسميه «الربيرتوار»، فهل من الصعب علينا أن نقوم بذلك، بالإضافة إلى أن هناك 3 فرق تدعمها الحكومة، وكل فرقة لها مجلس إدارة يقرر ما ستقدمه فى عام كامل وتدعمهم الدولة ماديًا، وفى المسارح الثلاثة هذه يقومون بعمل من 3 إلى 6 حفلات لطلبة المدارس وهذه الحفلات عندما كنا نحضرها نجد أنه يجلس بجانبك شباب صغير من 10 إلى 16 سنة، وتجدهم يحفظون العروض الصعبة الفرنسية التى يتم تقديمها لهم ويرددونها، وأعتقد أنهم بهذا الحل وجدوا متسعًا لجمهور الغد، وهم الطلاب.

والحل الآخر لماذا لم نجد أحدًا من المسؤولين يتفق مع المدارس على تقديم حفلات خاصة يوميًا، أو فى أيام الإجازات الأسبوعية للطلاب، أو أخذ الطلاب والذهاب بهم زيارة للآثار الإسلامية، القبطية، الفرعونية، فأعتقد أن التعليم هو البداية والأساس لخلق جيل جديد لغد أفضل فى الحركة المسرحية.

■ كيف ترى المسرح الراهن مثل مسرح مصر أو تياترو مصر؟

- أقول هذا عيب وحرام أن يلتصق اسم مصر بهذه النوعية من الأعمال، وأعتبرها جريمة يُعاقب عليها القانون، وأن ما يقدمه لا يرقى إلى مستوى كونه مسرحا أو اسكتشات.. ولكن أعتبره «قعدات حشيش»، أن يدخل اثنان كل منهما يقول نكتة

ويخرجا فى مرحلة «القافية»، فهذا إفساد لذوق الجيل وتدميره، وعندما يبرر أحدهم ذلك ويقول «دى كوميديا مثل ديلارتي» كما كان يفعل قديمًا في

إيطاليا، أقول لمن يبرر بذلك: من قام بعمل الكوميديا «الديلارتي» العبيد، ولم يكن لديهم المأكل، فقاموا بعمل ذلك وارتجلوا وطافوا فى القرى بإيطاليا، وبعدها يمدون أيديهم لمن يحسن إليهم، وكانوا يقوم بذلك شخصيات نمطية معروفة، وأتساءل: إنت يا أستاذ ليه ترجعنا للقرن الـ 13؟، ولكن ما أراه هو أنه يدغدغ أحاسيس الجمهور المصرى والذى هو فى أمس الحاجة للضحكة نتيجة ما عانى و«اتعصر» من عذابات مستمرة كل فترة تيجى فوق دماغه، وعلى الرغم من ذلك فمن يقدم هذا المسرح هو ممثل جيد وأنا أحبه شخصيا، أنا لا أمنعكم من

أن تقوموا بإضحاك الناس، لكن يصاحبه موضوع ورسالة خفيفة وليس قافيات، وأقول لهم راجعوا أنفسكم يا شباب وكل اللى القائمين على تلك النوعية، للأسف جيدون ولكن لم يتم توظيفهم بطريقة صحيحة ولم يتم وضعهم فى الوضع الجيد لتقديم فن راق.

■ هل تحدثت إليهم وقمت بشرح ذلك من قبل؟

- لم أقابلهم أو أناقشهم إلا من خلال وسائل الإعلام والصحافة، ولكن من الممكن أن يكونوا علموا برأى و«شتموني».

■ كيف ترى عودة شريهان المسرحية والاستعراضية مرة أخرى؟

- أدعو لها بالشفاء التام، وأن تعود إلينا مُشرقة ومتألقة ضاحكة مثلما أمتعت جمهورها المصرى بفنها واستعراضاتها وخفة ظلها وأدائها الجميل

والبسيط.

■ وماذا عن عودة النجوم محمد صبحى وسمير غانم؟

- أتمنى أن يعود كل النجوم وأن يقوم كل منهم بعمل مسرح وينجحون من خلاله، فنتمنى هذا.

■ هل توافق إذا تمت دعوتك للمشاركة معهم؟

- بالطبع أوافق على المشاركة، فجميعهم أبنائى وأنا رهن إشاراتهم، ومستعد لذلك فى أى وقت يُطلب منى ذلك.

جلال الشرقاوى خلال حواره لـ«المصرى اليوم»

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية