x

المندوب اليمنى بالجامعة العربية: سقوط «مبارك» بداية انهيار الحكام العرب المستبدين

الخميس 14-04-2011 19:14 | كتب: خليفة جاب الله ‏ |
تصوير : حافظ دياب

لم يحتمل مندوب اليمن فى الجامعة العربية، الدكتور عبدالملك منصور، أن يرى صفوة شباب بلاده يُقتلون، بسبب تظاهراتهم السلمية التى يطالبون فيها بالتغيير وبرحيل الرئيس، ووجد أن عليه واجباً مُلحاً تجاه أبنائه من شباب اليمن، وهو المفكر والمثقف، والأستاذ الجامعى، فاتصل على الفور بالرئيس اليمنى على عبدالله صالح، وقال له: لماذا قتلت أبنائى يا فخامة الرئيس؟ وطالبه بالتنحى فورا، فما كان من «صالح» إلا أن سبه، وأصدر قرارًا بعزله من منصبه وتعيين آخر، ورغم ذلك أصر «منصور»، طوال الحوار، على مخاطبة «صالح» بـ«فخامة الرئيس»، حرصا منه على الارتقاء بأسلوب الحوار، الذى تدنى به الرئيس لأدنى المستويات، وإلى نص الحوار:

اتصلت بالرئيس على عبدالله صالح لتعترض على «مجزرة الجمعة» الشهيرة ضد المتظاهرين.. ماذا جرى فى هذا الاتصال بالضبط؟

- ذلك اليوم كان بالنسبة لى مؤلما داميا. شباب فى عمر الورد يتم قتلهم فى ميدان «التغيير»، بواسطة قناصة مدربين، الرصاص كان يصيب الرأس أو العنق أو القلب، ففاض بى، وقررت أن أتصل بالرئيس، لكى أُذكّره بالله، واتصلت به بالفعل، فرد علىّ عامل التحويلة، وقال لى «اترك له رسالة»، فقلت له فى الرسالة: «فخامة الرئيس، أرجو أن تحل الأزمة بهدوء. أنتم تقولون إن الذين نفذوا المذبحة (بلاطجة)، وأنهم تأذوا من الميكروفونات التى استخدمها المتظاهرون». ولكن قبل أن أكمل الرسالة فوجئت بالموظف يقول لى: انتظر لحظة»، وبعدها بثوان قال لى: «الرئيس معك على الخط».

فقلت للرئيس مباشرة: «فخامة الرئيس لماذا قتلت أبنائى؟» ثم بكيت.. وأكملت: «هؤلاء أبنائى، صدورهم عارية، ليس لديهم رصاص ولا أسلحة، فلماذا تقتلهم؟» فقال لى متهكما: مَنْ أبناؤك؟ فأجبته: «تعرف أننى أستاذ جامعى ومعظم الذين قتلوا تلاميذى، لابد أن تحل الموضوع، وتستخدم عقلك»، فقال لى بانفعال: «يعنى كيف؟»، فقلت له: «يعنى تتنحى يا فخامة الرئيس.. أنت بينك وبين الشعب عقد، أنت طرف والشعب طرف، وينص العقد على أن تقدم خدماتك للشعب من مدة كذا إلى كذا، والآن الطرف الثانى وهو الشعب، وهو صاحب الحق، يقول لك: (أنا أعفيتك)، فعليك أن تفرح، لماذا تحب أن تكمل المدة بالقوة؟ فهذا لا ينفع، لأن هذا عقد يقوم على الرضا بين الطرفين، وأنت يا فخامة الرئيس قلت أكثر من مرة إنك خادم الشعب وليس سيده»، فقال لى متهكما: «نعم؟»، فقلت له : «الشعب يقول لك الآن، يافخامة الرئيس، إنه مستغن عن خدماتك، فلا يصح أن تبقى بالدم، وتقتل أبنائى؟»، فاستشاط الرئيس غضبا، وسبّنى سباً من العيار الثقيل، فقلت له: «إنك تدنيت بالحوار إلى مستوى لا يليق يا فخامة الرئيس»، فقال لى: «هو إنت ينفع معاك حوار يا (....) ثم أغلق الخط فى وجهى.

ما الخيارات المتاحة للرئيس حاليا؟

- الرئيس لن يجد أمامه خيارات عديدة، فهو إما أن يقاتل مقتديا بـ«القذافى» أو يرحل مقتديا بـ«مبارك» و«بن على».

من خلال معرفتك بالرئيس على عبدالله صالح إلى أى الخيارين تجده أقرب؟

- هو أعقل من القذافى بالتأكيد، لأن تصرفات القذافى فيها بعض التسرع والرعونة، بينما «صالح» مختلف، فهو عاقل، ويفكر كثيرا، وأنا أتمنى أن ينسحب بهدوء ولا يهتم بمن سيأتى بعده، فليرحل مادام الشعب يريد رحيله، أما إذا قرر الدخول فى قتال فإن ذلك لن ينفعه، لأن أحدا لن ينتصر على الشعب، خصوصا إذا وقف الجيش مع الشعب، فهل سيقاتل بالحرس الجمهورى؟ وأنا أسأل الله مخلصاً أن يلهم فخامة الرئيس الصواب والرشد ويجعله ينسحب بهدوء، ويترك الشعب، والشعب يختار مصيره.

فيما يتعلق بما تردد عن استقالتك وسفير اليمن فى القاهرة عبدالولى الشميرى.. ما حقيقة ما حدث؟

- الحقيقة أننى، والسفير عبدالولى الشميرى، لم نتقدم باستقالات، هذا غير حقيقى، كل ما فى الأمر أنه بعد مذبحة الجمعة 18 مارس وجدنا أنه من الصعب الاستمرار دون أن يكون لنا موقف، ولو أننى كنت فى صنعاء الآن، لانضممت للثوار فى ميدان «التغيير»، فلولا أن لدى ظرفاً خاصاً، بسبب أمى المريضة والمقعدة، لكنت توجهت إلى اليمن، لأنه بعد مذبحة يوم الجمعة وجب على كل إنسان لديه ضمير أن يشارك فى المظاهرات.

أنا والسفير عبدالولى الشميرى أعلنّا على شاشات التليفزيون أننا مع الثورة، وبعد أن ألقيت كلمتى، بهذا الشأن، فى اجتماع المندوبين الدائمين بالجامعة العربية، الأسبوع الماضى- بعدها مباشرة اتصل وزير الخارجية أبوبكر القربى بالجامعة العربية، وقال لهم إننى تقدمت باستقالتى.

وبماذا تفسر سرعة اتخاذ هذا الموقف وكيف عرفوا بتفاصيل خطابك؟

- هم عرفوا عن طريق أحد الدبلوماسيين التابعين للمندوبية اليمنية الدائمة فى الجامعة العربية، فكان خلفى فى الاجتماع خمسة من الدبلوماسيين اليمنيين المرافقين لى، حيث اتصل أحدهم بالوزير أو الرئيس وفتح له التليفون لكى يسمع كلمتى أثناء إلقائى إياها، لأنه بمجرد أن انتهيت منها اتصل وزير الخارجية أبوبكر القربى، مباشرة بعمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، وقال له: نحن قبلنا استقالة السفير عبدالملك منصور، وقررنا أن يكون فلان مكانه، والأخ عمرو موسى اتصل بى وأخبرنى بذلك، فقلت له إننى لم أتقدم باستقالتى لأحد، والرئيس بعد أن سفك الدماء فقد شرعيته، وبالتالى لا طاعة له.

هل معنى ذلك أنك ستصر على البقاء فى منصبك رغم تعيين شخص آخر.. وما هو موقف الجامعة العربية من ذلك؟

- نعم سأبقى فى منصبى، أما الجامعة العربية فليس لها موقف، هم يعترفون بما تحدده الدولة، فوزير الخارجية أرسل أحد زملائى الدبلوماسيين ليحل محلى فى الجامعة، إلا أن هذا الأخ بعد أن درس الأوضاع جيدا، ووجد أن الحكاية مؤقتة، رفض وقال لهم: «يفتح الله»، لأنهم يعلمون أن أى شخص سيعينونه سنطرده، ولا أتحدث عن نفسى، وإنما عن آلاف اليمنيين المقيمين فى القاهرة. وحينما ألقيت كلمتى فى الجامعة العربية استقبلنى آلاف اليمنيين عند باب الجامعة، من الذين كانوا يتظاهرون للتنديد بالرئيس، فهؤلاء هم الذين سيتصدون لأى شخص يرسلونه مكانى.

ما وجه الشبه بين أحداث الثورتين المصرية واليمنية؟

- هناك شبه كبير بين الثوار هنا وهناك وكذلك المستبد، وأساليب المستبد، وأساليب التعذيب، وهناك شبه جميل جدا، فى دور الجيش هنا وهناك.

هل ترى أن على عبدالله صالح خسر الكثير بسقوط حسنى مبارك، وهل كان النظام المصرى يقدم دعما للنظام اليمنى؟

- أعتقد أن هناك بالفعل دعماً، ومتأكد أن هناك تنسيقا بين الجانبين، وأؤكد أن بقاء مبارك كان يشكل دعما معنويا قويا لـ«صالح»، ولكل مستبد شعبه يرفضه، بل إن الرؤساء العرب جميعا كانوا يضعون عيونهم على مصر، ليراقبوا ماذا سيفعل مبارك، لأن سقوط مبارك، وهو فرعون الرؤساء العرب، كان يعنى سقوط البوابة الرئيسية، وهذا هو الذى حصل، ومن أعجب الأشياء أن الرئيس على عبدالله صالح هو الرئيس الوحيد الذى أرسل موفدا للقذافى، خلال المواجهات بين الثوار والقذافى، إذن هناك تنسيق بين الزعماء العرب.

هل كان اليمن يستلهم التجارب الأمنية والقمعية المصرية؟

- ليس استلهاماً، وإنما تطبيق ونقل بـ«المسطرة».. يأتى ضباط يمنيون إلى مصر للتعلم ثم يذهبون للتطبيق على الشعب اليمنى، ومصر لا تبخل سواء بالخير أو الشر، أى أن تأثيرها يصل إلى محيطها سواء كان خيرا أو شرا.

كما أنه على مستوى الوطن العربى كان وزراء الداخلية هم الوزراء الوحيدين الذين ينسقون فيما بينهم، على مستوى أعلى من أى وزراء آخرين، وكانت اجتماعاتهم تتم بشكل منظم ومرتب، ولا يتخلفون عن مواعيدهم أبدا، مما يعنى أن العرب قد يختلفون فى كل شىء، أما فى الأمن فإنهم متوحدون، والأمن هنا ليس أمن الشعب العربى، وإنما أمن الحكام، لكن لا يفعلون شيئا ضد إسرائيل أو التجسس الخارجى.

هل ترى أن هناك احتمالات تدخل عسكرى غربى فى اليمن كما حدث فى ليبيا؟

- ربما العناد من الحاكم يؤدى إلى نتائج لا نعرف حدودها، وما هى نهايتها، ونموذج القذافى مزعج جدا، فهو يقول «لو كنت رئيسا، كنت ألقيت استقالتى فى وجوهكم القبيحة»، لكنه ليس رئيسا، فمادام ليس رئيسا لماذا يأخذ أموال الشعب؟ ولماذا يقتلهم؟ ولذلك أنا أقول لفخامة الرئيس: «الشعب اليمنى استأجرك، لكى تشتغل عنده رئيس دولة لمدة أربع سنوات، وقد انتهت، وإحنا عايزين نجيب خدّام تانى»، فالرئيس يقول إنه خدام الشعب، لكن المشكلة أنه يبدأ خداماً، ويتمسكن ولما يتمكن يصبح فرعوناً، للأسف الأمة العربية أمة المجد والحضارة يحكمها مجموعة من «الأميين».

ماذا تقصد بكلمة «الأميين»؟

- أقصد المعنى الحرفى للكلمة، والمعنى الحضارى.

كيف ترى مستقبل العالم العربى فى ظل هذا الحراك الثورى؟

- أنا متفائل جدا جدا بمستقبل العالم العربى، وستنتصر الثورة العربية.

هل تحب أن توجه كلمة للرئيس على عبدالله صالح؟

- سأوجه دعاء لله سبحانه وتعالى، أقول له: يا رب، ألهم عبدك على عبدالله صالح الرشد، واجعله يتنحَّ، ويستجب لمطالب شعبه، حقناً للدماء.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية