انت تلك السهرة أليمة جداً.. وقد أغرقته انفعالاته فى موجة من الكآبة تحولت، شيئاً فشيئاً، إلى قلق نفسى، مشوب بذلك الإحساس الفظيع بفقدان السيطرة على حياته.
آنذاك، على تلك الطرقات المقفرة، تراءى له أنه لم يعد من هذا العالم، أنه قد أصبح شبحاً متسكعاً فى برارى إنجلترا الجديدة.
غالباً ما كان يتذمر من حياته: الكثير من العمل، الكثير من الضرائب، الكثير من الضغوط. تباً له، كم كان غبياً! لم يكن هناك أى شىء ممتع أكثر من حياته. حتى يوم من الحزن كان يوماً معاشاً فى النهاية. أدرك ذلك الآن. الخسارة هى أنه لم يدرك ذلك على نحو مبكر. هاه! ولكنك لست أول من يشعر بهذا، يا سيدى العجوز. هذه هى كل المشكلة مع الموت: إنه يعود إلى الأسئلة الجوهرية بعد فوات الأوان. بش بابتسامة متقززة ثم ألقى نظرة على المرآة العاكسة. عكست له المرآة الصغيرة صورة رجل ميت مع وقف التنفيذ. ماذا كان رأيه حقاً بالموت فى أعماقه؟».. من أجواء رواية «... وبعد» للكاتب الفرنسى «غيوم ميسو» التى ترجمها إلى العربية حسين عمر، وصدرت عن «المركز الثقافى العربى» و«سما للنشر».. الرواية حققت مبيعات كبيرة حين صدورها فى فرنسا عام 2003، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة وتحولت إلى فيلم عرض فى خريف 2008. تناقش الرواية عدداً من الأسئلة الفلسفية الكبرى: الحياة، الحب، الموت.